“العَشْرُ الأَوَاخِر”.. شعر: د. سلطان إبراهيم المهدي

أَلَا يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ المُسَافِرْ
تَهَيَّأ إنَّهَا الْعَشْرُ الأَواخِرْ
فهذي فُرْصَةٌ جَلَّتْ وَرَبِّي
لَيَالِيهَا أعزُّ مِن الجواهِرْ
أَتَتْكَ الْعَشْرُ تَجْبُر مَا تولَّى
وَفِيهَا الْخَيْرُ مِثْل الْبَحْرِ زاخِرْ
فَفِيهَا الْأَجْرُ مُدَّخَرٌ لساعٍ
وَفِيهَا الرِّبْحُ يَا بُشْرَى المُتَاجِرْ
لَقَدْ كَانَ الْحَبِيبُ إِذَا أَتَتْهُ
يشدُّ العزمَ يعتزلُ العشائِرْ
ويُحي اللَّيْلَ بِالطَّاعَاتِ قُرْبِي
يُنِيرُ بِذِكْرِهِ ظُلَمَ الدياجِرْ
ومئزرُه يَشُدُّ وَفِي اِعْتِزامٍ
مَعَ الْقُرْآنِ مُرْتَحِلا يُسَافِرْ
وَيُوقِظُ أَهْلَه وَيَعِيشُ حَالًا
تفرَّدَ فِي مُجَاهدةِ المُثَابِرْ
رَسُولُ اللَّهِ قُدْوَتُنَا يُرينا
بِهَذَا الجَهْدِ أنَّ الْخَيْرَ وَافِرْ
فَفِيهَا لَيْلَةٌ تَسْمُو بِفَضْلٍ
عَلَى السَّنَوَاتِ تَمْلَؤها الذَّخَائِرْ
فَيَا لَلَّهِ كَمْ فِيهَا وَفِيهَا
مِنْ الْإنْعَامِ مَا يُرضِي الخواطِرْ
مُبَارَكَةٌ ويَغْمُرُها سَلَامٌ
وتزهو بِالنَّفَائِسِ والبشائِرْ
وَعَفْوُ اللَّهِ مَأْمُولٌ لراجٍ
ومنكسرٍ يَتُوبُ مِنْ الجَرَائِرْ
وَمَن لِلَّه قَدْ قَامَ احْتِسَابًا
فبالغفرانِ وَالرِّضْوَانِ ظافِرْ
ليالي العَشْر تدعوكُم هَلُمُّوا
إلى النفحاتِ يا بُشرى المُثابر
فَطُوبَى لِلَّذِي فِيهَا تَحَرَّى
وَأَسْرَجَ خَيْلَهُ والقلبُ حاضِرْ
فَيَا مَنْ قَدْ تَوَانَى طُولَ عُمْرٍ
تَدَارَكْ فَائِتًا وَاصْبِرْ وصابِرْ
فَمَن يَدْرِي لَعَلَّ الْمَوْتَ يَأْتِي
وَأَنْتَ عَلَى اجْتِهَادٍ فِي الشعَائِرْ
فَكَمْ مِنْ بَيْنِنَا خِلٌّ تَوَلَّى
أَتَتْهُ العشرُ إِذْ سَكَنَ المَقَابِرْ
وَنَحْن وَرَاءَه حَتْمًا سنمضي
وكل الْخَلْق نَحْوُ اللَّهُ صائِرْ
فحيَّ عَلَى اِغْتِنَامِ الْعَشْرِ هَذِي
هَدِيَّةُ رَبِّنَا لِذَوِي البصَائِرْ