الأربعاء سبتمبر 18, 2024
صلى الله عليه وسلم الأمة الثقافية

“القصيدةُ المُحمّديّة”.. شعر: د. عماد نصّار القيسي

النصُّ التامُّ للقصيدة المُحمّدية، في مدح الجناب الشريف للنبي صلى الله عليه وسلم، والفائزة بالمرتبة الأولى في مسابقة المدح النبوي التي نظمتها “الرابطة المحمدية للعلماء” و”مركز ابن أبي الربيع السبتي” في المغرب.

مُهداةً إلى أرواح شهدائنا وأهلنا الصابرين الصامدين في فلسطين عموما وغزة خصوصا

سائلين الله تعالى لهم المدد والنصر القريب، اللهم آمين.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

———————————

ردّي التحيَّةَ يا ظِباءَ المَنزلِ

واقضي حُقوقًا للزمانِ الأولِ

أنكرتِني أم غيَّرتكِ على البِلى

هذي الديارُ برسمِها المُتحَوِّلِ

قد كنتُ محبوبًا لها ولأهلِها

حتى دُهينا بالصُّروفِ الخُتَّلِ

قلبي كمثلِ ديارِهِم طللٌ هَوى

حتى كأنّ جميعَهُ لم يؤهَلِ

قفرٌ هواءٌ تعتفيهِ روامِسٌ

مِن بينِهِم لا مِن سحائبَ هُطَّلِ

كُنّا هنا والحُزنُ وَهمٌ مُدبِرٌ

يقتادُنا صَفوٌ لصَفوٍ مُقبِلِ

كانت هنا الدنيا ترى ما قد نرى

وتجودُ بالحُسنى وإن لم نسألِ

كانت هنا “سلمى” وما أدراكِ ما

“سلمى” جِنانٌ في رحيقٍ سَلْسَلِ

شخصُ الأمانيِّ الحِسانِ مُحقَّقًا

لو عايَنَتهُ وَهى أصمُّ الجَندَلِ

حَشدٌ من الحُسنِ المظفّرِ رِقّةً

يا مَن رأى فَصلاً بغيرِ الفيصلِ

فكأنها وجميل صبري إن بَدَت

كَرُّ الجيوشِ على غلامٍ أعزَلِ

قد كنتُ أحسبُ أنّ أطلالَ الهوى

وقفٌ على أهلِ البوادي الرُّحَّلِ

وبأنَّ وقفات الرسومِ قد انقضت

ومضى الرحيلُ على الجِمالِ البُزَّلِ

حتى نأَت في الأرضِ “سلمى” وانتهت

دارٌ لها رَسمًا لناقفِ حنظلِ

فعلمتُ أنّ لكل عهدٍ رسمَهُ

وإن انتحى سُكنى البناءِ الأطولِ

فطُلولُ كلِّ حبيبةٍ هي عَينُها

سقطُ اللِّوى بين الدَّخولِ فحَومَلِ

بل كلُّ يومٍ صالحٍ في وَصلِهِ

هو عينُهُ يومٌ بِدارَةِ جُلْجُلِ

***

يا “سَلْمُ” إنْ حُمَّ الفراقُ فأجمِلي

جارَ الزمانُ على الزمانِ الأَجمَلِ

ما هبَّ بي شوقٌ عَدَتْ أطيافُهُ

إلا أصابَ بها سَواءَ المَقتَلِ

أَعظِمْ بما جَرَّ الفراقُ مُصيبَةً

لولاهُ هَديُ المُنعِمِ المُتفَضِّلِ

فإن افترقنا في الحياةِ فربما

كانت جِنانُ الخُلدِ خيرَ مُعَلِّلِ

إن زاوَرَتكِ رؤى الوصالِ فبَسملي

أو عاودتكِ رؤى الفراقِ فحَوقِلي

الله أصدقُ قد تجلّى وَعدُهُ

ومَن استعان بعونهِ لم يُخذلِ

ما إنْ يُلقّى جَنّةً إلا الألى

صبروا فعادوا بالجزاءِ الأمثلِ

سبحانه عَلِمَ الهمومَ جميعَها

فهدى الدواءَ بِقَومَةِ المُزَّمِّلِ

نورُ الخيار من الخيار جميعهِم

الأنبلِ ابن الأنبلِ ابن الأنبلِ

لمُحَمَّدٍ يُزجى المديحُ مَخَجّلاً

يا ويحَ شِعرٍ قيلَ إنْ لم يَخجلِ

أخلاقُهُ العظمى شهادةُ ربِّهِ

آيًا تُرَتَّلُ في الكتابِ المُنزَلِ

ليس المقالُ ببالِغٍ قَدْرًا لهُ

والحُسنُ عَيٌّ في بليغِ المِقوَلِ

شعرٌ؟ أتأتي بالفصاحةِ ربَّها

ما قِربَةٌ حُمِلَت لسَقيِ المَنهَلِ

أهلُ التُّقى اقتبسوا سَناكَ مَدائحًا

وأنا ببابِكَ دمعةُ المتوسِّلِ

سَدَّت ذنوبي البابَ دوني واستوى

أهلُ الفلاحِ على صراطِ المَدخَلِ

وأتيتُ أحملُ توبةً ومَدامِعًا

مُستَسقيًا عفوًا بقلبٍ مُمحِلِ

دمعٌ كَذَوْبِ الجَمرِ يبكي ماضيًا

أسرفتُ فيهِ وليتني لم أفعلِ

ومواجعٌ في القلبِ قد قطّعنَهُ

كَيَباسِ عُشبٍ في حصادِ المِنجَلِ

فلئِنْ دُفِعتُ اليوم عن بابِ الرجا

فبأيِّ رُكنٍ بعد عِزّكَ مَعقِلي

فلألزَمَنّ البابَ وِقفةَ خادِمٍ

ثَبْتٍ وإنْ قطَّعْتُ فيها أرجُلي

***

يا سيدي مَدَحَتكَ أخيارُ التُّقى

وأنا المُقَصِّرُ في الجنابِ الأكملِ

وبضاعتي المُزجاةُ قَطرةُ بَحرِهم

وقُبولُها أملٌ بخيرِ مؤمَّلِ

شَغَلَت فؤادي بالغرامِ، ونبضُهُ

يومًا بغيرِ هَواكُمُ لم يُشغَلِ

وَرَدَت عليَّ على المنام وصحوِهِ

كالحُسنِ بين تمنُّعٍ وتَدَلُّلِ

جَلّى مَعانيها الظلامُ كأنجُمٍ

قبَست ضياكَ لمقلتيّ لتنجلي

وتوافَدَت كمواكبٍ في خاطري

شيّعنَها سِربُ الغيومِ الحُفَّلِ

فأجبتُها لمُحَمَّدٍ لمُحَمَّدٍ

وعجلتُ في قلمي كما لم أعجَلِ

ولَربما اجترأ الثرى مِن حُبِّهِ

يومًا على مَدحِ السِّماكِ الأعزلِ

****

يا واحدَ الدنيا وواحدَ أهلها

رَقيَت بذكركَ جُملةُ المُتَجمِّلِ

بِمُجَمَّلٍ ومُحَبَّبٍ ومُصَدَّقٍ

ومُحَسَّبٍ ومُنَسَّبٍ ومُؤصَّلِ

يا أحلَمَ الناسِ اقتدارًا لو يشا

أمضى مشيئتهُ بعزمِ مُصَقَّلِ

تُومي إلى الجيشِ المُجَحفلِ كفُّهُ

إنْ شاء أقبلَ أو يشا لم يُقبلِ

ومُجندِلَ الصِّيدِ الجحاجِحِ عزمُهُ

إن يزحفوا في كلِّ جيشٍ جَحفَلِ

والمطمئنّ بجأشِهِ مُتهَلِّلاً

تحتَ الرَّخاءِ وتحت ظلِّ القسطلِ

والراجح الدنيا بحكمةِ عقلهِ

إنْ أُرتِجَت حِكَمُ الرؤوسِ العُقَّلِ

يا موئلَ الشجعانِ في رَوعِ الوغى

والمُرتجى في كلِّ أمرٍ مُعضِلِ

ومُسائلاً خبرَ النُّغيْرِ عُمَيرَهُ

مِن رحمةٍ سَكَنَت إهابَ مُبَجَّلِ

متهلِّلاً للمُعتفينَ وكفُّهُ

بسطُ الندى ومقيمَ أَوْدِ المُرمِلِ

غَوثُ الحَيا للمُسْنِتينَ وَعَونُهُم

يومَ الطَّوى ومُشِبُّ نارِ المُصطلي

يا رابطًا حجرَ الطَّوى – لو كُنتُهُ-

ومُقَسِّمَ الأموالِ سَيلاً مِن عَلِ

التاركِ الدنيا بِعزَّةِ زُهدِهِ

لمّا أتَتهُ في خطى المُتَذلِّلِ

زُهدٌ على سَعَةٍ وحِلمُ مُمَكَّنٍ

في حزمِ مُحتَشِدٍ ولِينِ الأسْهَلِ

في حُكمِ عدلٍ في هدايةِ مُشفِقٍ

في عفوِ مقتدرٍ وعزمِ مُزلزِلِ

الله أنشأهُ على قَدَرٍ فما

تُنمى إليهِ قريحةُ المُتَمثِّلِ

ما شاعرٌ نسجَ القريضَ لوصفِهِ

إلا وخانتهُ خيوطُ المِغزَلِ

****

وَمُظَلَّلٍ بالغيمِ طُهِّرَ صَدرُهُ

أنعِم بطُهرٍ بالغمامِ مُظَلَّلِ

قد ظَلَّلَ الدنيا بِهَديِ نبوَّةٍ

في قولِ حقٍّ في الكتابِ مُرَتَّلِ

قد جئتَهم إذْ أظلَموا فتظالَموا

فأنَرتَ أفئِدَةً بهَديِ المَشعَلِ

وأتيتَهم بالحقّ فيهِ ذِكرُهُم

فَحَلَلْتَ عُقدةَ ذِلّةٍ لم تُحلَلِ

وسقيتَهم طِبّ النفوسِ فأُصلِحوا

ومَضَوْا على قلبٍ جميعٍ أجدَلِ

فتَخارَسَت أصواتُ غيرِهمُ وهُم

صدحوا بحَقٍّ في الأنامِ مُجَلْجِلِ

والنفسُ إنْ أُخِذت بحكمةِ خيِّرٍ

صَلُحَت وإنْ أخِذَت بجهلٍ تَجْهَلِ

والنَّبْتُ لا يُحييهِ ما أسقيتَهُ

ماءٌ كماءٍ مِن سماءٍ مُرسَلِ

****

يا سيدي والحُبُّ مَيلٌ في الورى

أما هواكَ فَفِطرةُ القلبِ الخلي

حُمِّلتُ حُبَّكَ في دمي وفؤادِهِ

نفسي فِدا الحِملِ الأخفِّ الأثقلِ

قلبٌ أُعلِّلُ شوقَهُ مُتَحمِّلاً

وَوَهَت حِبالُ الصبرِ في المُتَحمِّلِ

كلُّ الهوى كَدَرٌ وحُبُّكَ صفوُهُ

ولقد شربتُ فما مَلامُ العُذَّلِ

حَرَمٌ مِن الحُبّ العليِّ مَقامُهُ

أحرمتُ فيه ولستُ بالمُتَحَلِّلِ

يجري سلامًا في الوريدِ وإنْ يَكُنْ

يغلي دمي منه كغَليِ المِرجَلِ

يا ليتني الجذعُ الذي سكَّنتَهُ

بحنانِ كفِّكَ مِن حنينِ مُكَبَّلِ

والمرءُ مع مَن قد أحبَّ وإنني

محرابُ حُبِّكَ في دُعا وتَبتُّلِ

صلى عليكَ الله تعداد الحصى

وحَباكَ بالفضل الكريم الأجزلِ

قد نالَ في الأولى قصيدي ما لهُ

أمّا ابتغاءُ الأجرِ في الأخرى فَلي

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب