الأمة: دعا مفكرون وسياسيون ونشطاء حقوقيين إلى تحرك عربي وإسلامي واسع لمواجهة الإبادة الجماعية والحصار والتجويع المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال انعقاد “القمة العربية للشعوب” في دورتها الرابعة، التي نظمها “المجلس العربي” (منظمة غير حكومية) عبر تقنية الفيديو أمس الجمعة، تحت عنوان “تحشيد الأمة لنصرة أطفالنا الجوعى في غزة”.
وأكد المشاركون “رفضهم القاطع للبيان المشترك الصادر في 30 يوليو/تموز 2025 عن جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، معتبرين أنه جاء خاليًا من أي التزام حقيقي بوقف الإبادة أو رفع الحصار أو منع التهجير القسري،
بل تضمّن مطالبة المقاومة الفلسطينية بالاستسلام وتسليم سلاحها، من دون أي ضمانات بانسحاب الاحتلال أو وقف مشروع التهجير، وهو ما اعتبروه عمليًا دعوةً للاستسلام وإضفاء شرعية على جرائم الحرب”.
وشددت القمة على أن “إسرائيل قوة احتلال عسكري لا تملك أي ولاية قانونية أو شرعية على قطاع غزة، وأن مشروعها الاستيطاني القائم على التهجير القسري يمثل جرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولي”.
وحمّل البيان “الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية عن الجرائم المرتكبة في غزة، بسبب دعمها غير المحدود للاحتلال، وتعطيلها مجلس الأمن، ومحاولاتها تقويض دور المحكمة الجنائية الدولية”.
كما أدان المشاركون المجتمع الدولي لتستره على ما وصفوه بـ”أكبر جريمة إبادة في العصر الحديث”، مذكّرين بـ”المقارنة الصارخة بين سرعة فرض مئات العقوبات على روسيا بعد حربها مع أوكرانيا، وبين غياب أي عقوبات على الاحتلال رغم مقتل ما يقارب 19 ألف طفل في غزة، مقابل 650 طفلًا فقط في الحرب الأوكرانية”.
وأعلنت القمة “الرفض الشعبي العربي المطلق لكل أشكال الإبادة والحصار والتجويع، مؤكدة أنها جرائم حرب لا تسقط بالتقادم”.
ودعت إلى “تفعيل آلية “الاتحاد من أجل السلام” في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتجاوز شلل مجلس الأمن، والمضي بخطوات عملية لحماية المدنيين،
بما في ذلك نشر مراقبين دوليين فورًا في قطاع غزة وفرض ممر آمن لإدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها بكرامة بعيدًا عن سياسة “هندسة التجويع”.
وأكد البيان “التمسك بالثوابت الفلسطينية، إنهاء الاحتلال، رفع الحصار بشكل كامل، ضمان حق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”.
ونبّه إلى “خطورة مشاريع التصفية التي تستهدف القضية الفلسطينية”، داعيًا إلى “تحركات شعبية عربية واسعة لإنهاء الحصار والتجويع، ووقف التطبيع، وإغلاق السفارات الإسرائيلية، وإطلاق مقاطعة اقتصادية شاملة لكل داعمي الاحتلال”.
وقال الرئيس التونسي الأسبق ورئيس “المجلس العربي” منصف المرزوقي في كلمة له: “كان من المفترض أن تكون الأعلام العربية منكسة في كل مكان، وأن نعيش حالة حداد على أطفالنا الذين يموتون جوعًا في غزة وفي الفاشر، بل وفي أماكن أخرى لا نعرفها”.
وأضاف المرزوقي: “الضعف العربي هو الذي أتاح لهذا العدو الغاصب أن يستشري ويكشف أبشع صور القسوة في تعامله مع أطفال غزة.
ولا بد من الإعداد لجولة ثانية من ثورات الربيع العربي، ثورات ديمقراطية سلمية تتعلم من أخطائها، لكنها تعيد الأمل والكرامة التي فقدناها في هذه المعركة المصيرية”.
من جهته، أكد ممثل حركة “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي، أن “العدو الصهيوني يواصل عدوانه على أهلنا في قطاع غزة، مستعينًا بكل ما يملك من قدرات عسكرية واستخبارية وتقنية، وبدعم أمريكي شامل سياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا”.
وأضاف بأن الاحتلال “لم يحقق شيئًا من أهدافه سوى القتل والتدمير والتجويع، بينما نجحت المقاومة – رغم قلة إمكاناتها – في تحقيق إنجازات نوعية في مواجهة الاحتلال”.
وتابع عبدالهادي: “منذ 22 شهرًا يتعرض شعبنا لحرب إبادة وتجويع غير مسبوقة، لكن صموده البطولي نابع من إيمانه بالله وبحقه في أرضه، وعزيمته على البقاء فيها حتى النصر أو الشهادة”.
وذكر أنه “من المؤسف أن هذه الجرائم تُرتكب أمام أعين العالم الذي يدّعي الحرية وحقوق الإنسان، بينما يقف متفرجًا صامتًا. والأشد غرابة هو صمت الشعوب العربية والإسلامية”.
ودعا “شعوب أمتنا وأحرار العالم للانتفاض من أجل إنهاء هذه الحرب، مع تأكيد المقاومة على التمسك بالثوابت الوطنية في أي تفاوض، ورفض أي وقف لإطلاق النار يُمكّن الاحتلال من استئناف عدوانه”.
وفي كلمة له، قال رئيس الحكومة المغربية الأسبق سعد الدين العثماني: “نقترب اليوم من عامين على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، والانتهاكات الفظيعة في الضفة، ومحاولات التهويد المتواصلة في القدس والأقصى.
وواجب الوقت يتمثل في أمرين:
أولًا، رفع مستوى التعبئة على الصعيد الشعبي والرسمي والإعلامي لكشف جرائم الاحتلال وفضح أهدافه الحقيقية من الحصار والتجويع والتهجير.
وثانيًا، تأجيل الخلافات بين القوى المناهضة للاحتلال وتوحيد الصفوف، لأن الأولوية القصوى هي وقف الإبادة والحصار المحكم ضد أهلنا في غزة، وما سوى ذلك يمكن تأجيله حتى يتحقق هذا الهدف العاجل”.
أما الكاتب والباحث اليمني عصام القيسي فقال: “هذه رسالة إلى أحرار العالم: ما يجري في غزة إبادة جماعية لشعب أعزل تُنفذها آلة الاحتلال الصهيوني، رأس الحربة في المشروع الغربي الاستعماري،
وبمشاركة أنظمة عربية متصهينة. الجريمة مستمرة منذ أكثر من عام، راح ضحيتها آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، فيما يقف العالم صامتًا مكتفيًا بالشعارات”.
وأضاف: “هذه المأساة درس مرير يذكّرنا بمخاطر الاستبداد. فما الذي يمكن للشعوب العربية أن تفعله لنصرة غزة وهي محكومة بأنظمة مستبدة؟
ومع ذلك، فإن رفع الصوت بالمطالبة بكسر الحصار ومحاكمة المجرمين واجب لا بد منه، وأبسط أشكال الحراك الشعبي قادرة على إحداث أثر يهز العروش”.
وختم القيسي: “لقد أثبتت المقاطعة الاقتصادية فعاليتها، إذ أُغلقت مئات المتاجر والمطاعم الداعمة للكيان. لذلك يجب ألا نستصغر ما نستطيع أن نقدمه، فالشعوب قادرة على فعل الكثير متى ما تجاوزت حالة الخوف وآمنت بقوتها”.