في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيداً بالغ الخطورة، أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، أنه قرر توسيع دائرة استهدافاته لتشمل قادة حركة حماس المقيمين خارج قطاع غزة.
القرار، الذي صدر بعد مشاورات أمنية رفيعة المستوى شارك فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس وكبار قادة الاستخبارات.
جاء على خلفية استمرار الحرب المفتوحة في القطاع، وعدم تحقيق نتائج حاسمة ضد البنية القيادية للحركة.
عودة إلى سياسة الاغتيالات عبر الحدود
ليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها إسرائيل إلى اغتيال قادة فلسطينيين خارج الأراضي المحتلة. ففي العام 1988 اغتالت خليل الوزير “أبو جهاد” في تونس بعملية كوماندوز،
ثم حاولت عام 1997 تصفية خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان بحقنة سامة كادت أن تجر أزمة دبلوماسية مع الأردن لولا تدخل مباشر من الولايات المتحدة.
كما اغتيل محمود المبحوح في دبي عام 2010 بعملية نُسبت إلى جهاز “الموساد” وأثارت حينها غضباً إماراتياً ودولياً بسبب استخدام جوازات سفر مزوّرة لدبلوماسيين غربيين.
اليوم، يبدو أن إسرائيل تعيد تفعيل هذه العقيدة الأمنية، معلنة بشكل مباشر أن “لا خطوط حمراء” في ملاحقة قادة حماس أينما وجدوا.
الرسائل المزدوجة
القرار يحمل أكثر من رسالة: الأولى إلى الداخل الإسرائيلي، حيث يواجه نتنياهو ضغوطاً سياسية وعسكرية بعد أشهر من الحرب المستمرة على غزة دون تحقيق انتصار حاسم. والثانية إلى حماس نفسها، ومفادها أن قادتها في الخارج، حتى في أماكن تبدو آمنة مثل قطر أو تركيا أو لبنان، قد يتحولون إلى أهداف في أي لحظة.
في الوقت ذاته، يسعى الجيش إلى ممارسة نوع من الحرب النفسية ضد بيئة حماس الإقليمية، من خلال زرع الشكوك في الدول المضيفة حول كلفة استضافة قياداتها.
تداعيات إقليمية محتملة
لكن هذه الاستراتيجية ليست من دون مخاطر. فاستهداف قادة حماس على أراضٍ عربية أو أجنبية قد يؤدي إلى أزمات دبلوماسية جديدة، وربما يدفع بعض الدول إلى اتخاذ مواقف أكثر تشدداً ضد إسرائيل.
كما أن حماس قد تعتبر الخطوة مبرراً لتوسيع دائرة ردودها، سواء عبر جبهات الجنوب اللبناني أو حتى من خلال عمليات خارجية تستهدف المصالح الإسرائيلية.
ويرى محللون أن الإعلان بحد ذاته قد يكون جزءاً من حرب نفسية دعائية أكثر من كونه خطة تنفيذية فورية، لكن التاريخ يثبت أن إسرائيل قادرة على تنفيذ تهديداتها متى ما سنحت الفرصة.
والخلاصة إعلان الجيش الإسرائيلي استهداف قادة حماس في الخارج يعكس مأزقاً استراتيجياً يعيشه الاحتلال بعد قرابة عامين من الحرب المتواصلة على غزة.
فبينما لم تنجح العمليات العسكرية في القضاء على الحركة أو إضعاف نفوذها بشكل جذري، يعود الاحتلال إلى سياسة قديمة – الاغتيال عبر الحدود مع كل ما تحمله من احتمالات التصعيد الإقليمي والدولي.