بين كثافة السكان في إندونيسيا والسهول الواسعة في مالي، تمتد المجتمعات المسلمة في أنحاء الشرق والغرب، حاملة معها موروثًا دينيًا عميقًا، ومواجهة في الوقت ذاته أزمات اقتصادية واجتماعية معقّدة. فكيف تبدو الصورة من إفريقيا السمراء إلى آسيا الوسطى؟
إفريقيا السمراء: ثروات طبيعية ونزاعات دائمة
تشمل الدول ذات الأغلبية المسلمة في إفريقيا جنوب الصحراء: نيجيريا (شمالًا)، النيجر، مالي، تشاد، السنغال، السودان وغيرها. رغم وفرة الموارد الطبيعية والزراعية، كالبترول والذهب والأراضي الخصبة، فإن هذه الدول تواجه أزمات مزمنة:
الفقر وضعف التعليم الإرهاب (مثل بوكو حرام في نيجيريا) صراعات بين القوانين الوضعية والدينية
في شمال نيجيريا مثلًا، تحاول بعض الولايات تطبيق الشريعة الإسلامية، لكن تصطدم بالقانون الفيدرالي، مما يخلق توترًا مستمرًا داخل المجتمع.
شرق آسيا: بين التنمية الاقتصادية والهوية الإسلامية
تُعد إندونيسيا أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، وتُصنّف ضمن الاقتصادات الصاعدة. وتبرز إلى جانبها ماليزيا وبروناي كنماذج ناجحة في الدمج بين الإسلام والتنمية.
لكن الصورة ليست مثالية بالكامل. ففي جنوب الفلبين وتايلاند، يواجه المسلمون تهميشًا سياسيًا واجتماعيًا، وسط صراعات متقطعة مع الحكومات المركزية.
باكستان وكشمير: قوة دينية… وصراع سياسي
منذ تأسيسها، عرّفت باكستان نفسها كدولة إسلامية، لكنها لم تتمكن حتى اليوم من تحقيق توازن واضح بين القانون المدني والشريعة. تعاني باكستان من:
أزمات اقتصادية خانقة تفاوت طبقي صراعات طائفية استمرار النزاع على كشمير، التي تبقى نقطة توتر ديني وسياسي مع الهند. القوانين الحاكمة: بين النصوص والواقع
رغم تطلّع الكثير من المسلمين إلى قوانين مستوحاة من الشريعة، فإن النظم الحاكمة – في معظم الدول – تعتمد قوانين وضعية متأثرة بالإرث الاستعماري أو التحالفات السياسية.
في بعض الحالات، كـماليزيا وبروناي، تحقّق نوع من التوازن، بينما في دول أخرى، تسبّب هذا التباين في أزمات هوية وموجات رفض شعبي.
هل من طريق إلى الإصلاح؟
الواضح أن المجتمعات المسلمة تمتلك إمكانات كبيرة، من موارد طبيعية، وقوة بشرية، وهوية حضارية. لكن غياب الحوكمة الرشيدة، وتفشي الفساد، وتضارب القوانين، يقف عائقًا أمام تحقيق أي نهضة حقيقية.
يبقى الأمل معقودًا على إرادة سياسية واعية، تُصغي لمطالب شعوبها، وتعيد صياغة العلاقة بين الدولة والدين ضمن إطار عادل وإنساني.