شهد يوم الثلاثاء، 3 يونيو 2025، فصلاً جديدًا من فصول الحراك الاحتجاجي المتواصل في مختلف أنحاء إيران. حيث خرجت مجموعات متنوعة من المواطنين، بمن فيهم المتقاعدون من عدة قطاعات، وعمال الشركات، وأصحاب القوارب، وحتى الرياضيون، للتعبير عن سخطهم العميق إزاء تردي الأوضاع المعيشية، والفساد المستشري، والسياسات القمعية، وتجاهل السلطات لمطالبهم المشروعة.
في بوشهر، تجمع جمع من أصحاب القوارب أمام مبنى الإدارة العامة للموانئ والشؤون البحرية بالمحافظة، احتجاجًا على الوضع غير الواضح لمطالبهم المتأخرة وعدم استجابة المسؤولين.
وفي تطور لاحق، تحول تجمع احتجاجي آخر لأصحاب القوارب والبحارة في بوشهر أمام ذات المبنى إلى توتر بسبب التدخل العنيف لقوات الشرطة، التي هاجمت صفوفهم واعتدت بالضرب على عدد منهم، وذلك ردًا على مطالبتهم السلمية بتعديل اللائحة الجديدة لتنظيم بضائع البحارة المرافقة (“ته لنجي”) التي عطلت أعمالهم ومعيشتهم.
وقال أحد المتضررين: “منذ حوالي 16 شهرًا ورحلاتنا البحرية متوقفة، موائدنا فارغة، وجئنا على أمل سماع رد واضح؛ ولكن ما سمعناه كان صوت الصراخ وما رأيناه كان الهراوات”.

وفي تبريز (محافظة أذربيجان)، نظم جمع من النشطاء المدنيين تجمعًا رمزيًا ورفعوا لافتات لإعلان دعمهم للإضراب العام لسائقي الشاحنات.
أما في رفسنجان، فقد نظم جمع من عمال وموظفي الشركة الوطنية الإيرانية لصناعات النحاس تجمعًا احتجاجيًا أمام مبنى محكمة المقاطعة. ووفقًا لمصادر محلية، كان السبب الرئيسي لهذا التجمع مطالبة حقوقية ضد إحدى تعاونيات الإسكان المتعلقة بموظفي الشركة، وطالبوا بمعالجة قضائية شفافة ومساءلة المسؤولين وتحديد مصير التعاونية.
وفي كرمانشاه، نظم جمع من متقاعدي الخدمة المدنية، والضمان الاجتماعي، وقطاع الاتصالات، وقطاع الصحة والعلاج، صباح اليوم تجمعًا احتجاجيًا مشتركًا أمام مبنى صندوق التقاعد الوطني لمحافظة كرمانشاه. جاء هذا الاحتجاج بسبب الأوضاع المعيشية، وعدم التنفيذ الكامل لمواءمة الرواتب (تعديل الرواتب)، وتجاهل الحكومة والبرلمان لمطالبهم.
وردد المحتجون شعارات مثل “كل من البرلمان والحكومة، يكذبان على الشعب!”، وقد انتشر هذا الشعار بسرعة بين الحشود الكبيرة ولقي دعمًا من المارة والمواطنين الذين أظهروا تضامنهم ومساندتهم للمتقاعدين من خلال إطلاق أبواق سياراتهم.
وفي بندر ماهشهر، واصل حوالي 300 من عمال الخدمات والمساحات الخضراء العاملين تحت إشراف شركة “وحدت صنعت كارون” للمقاولات، إضرابهم الذي بدأ يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي. جاء هذا الإضراب احتجاجًا على الدفع الناقص للرواتب، وعدم تطبيق زيادة الأجور المعتمدة بنسبة 45%، وظروف العمل القاسية، وتجاهل مطالبهم المهنية الأخرى.
وقد وصف العمال قيام المقاول بإيداع مكافأة قدرها مليون تومان في بعض الحسابات بأنه “إجراء مهين لإسكات الاحتجاجات”.
وفي طهران، نظمت مجموعة من رياضيي وناشطي ألعاب القوى تجمعًا احتجاجيًا أمام مبنى وزارة الرياضة والشباب. جاء هذا الاحتجاج اعتراضًا على إدارة الاتحاد والفساد الهيكلي في رياضة البلاد، وذلك في أعقاب نشر تقارير من وسائل إعلام كورية أشارت إلى اتهام عدد من رياضيي ألعاب القوى الإيرانيين بالاغتصاب الجماعي لفتاة شابة في كوريا الجنوبية.
وطالب المحتجون، عبر ترديد شعارات ضد إحسان حدادي، رئيس اتحاد ألعاب القوى، ووزير الرياضة، بالاستقالة الفورية للمسؤولين ومتابعة قضائية شفافة.
وأعلن المتجمعون أن الرياضة الإيرانية أصبحت ضحية لهيكل ريعي وتعيينات قبلية وظلم، وقال أحدهم: “الرياضيون الذين كانوا يومًا تاج فخر للأمة، حُرموا اليوم من حقوقهم بسبب المحسوبية والولاء الحزبي”.
من جهته اعتبر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إن استمرار وتنوع الاحتجاجات في إيران، كما شهدنا اليوم، يؤكد حقيقة أن سياسات النظام القائمة على الفساد الممنهج، وسوء الإدارة، وتبديد ثروات البلاد على مشاريع نووية مشبوهة ومغامرات إقليمية بهدف إثارة الحروب، قد أوصلت شرائح واسعة من المجتمع الإيراني إلى حافة اليأس.
واضاف قي بيان له فبينما تتفاقم الأزمات المعيشية ويعاني المواطنون من أجل تأمين أبسط احتياجاتهم، تستمر المؤسسات النافذة في نهب مقدرات البلاد دون حسيب أو رقيب.

وكما أن السياسات الاقتصادية والبيئية المدمرة، مثل مشاريع بناء السدود واسعة النطاق التي تشارك فيها كيانات تابعة لحرس النظام، والتي يرى منتقدون أنها قادت الزراعة إلى طريق مسدود في مناطق حيوية، تزيد من معاناة فئات واسعة من الشعب، فإن تجاهل حقوق المتقاعدين والعمال والمطالب المشروعة لأصحاب المهن الحرة يعكس استهتارًا ممنهجًا بحياة المواطنين وكرامتهم.
واستنكر بيان المقاومة الوطنية الإيرانية إن الرد القمعي الذي تلجأ إليه السلطات، كما حدث مع أصحاب اللنشات في بوشهر، مؤكد ان هذا النهج يؤشر الي ان نظام الملالي لم يعد قادرًا على إخماد صوت الاحتجاج، بل إنه يزيد من تأجيج الغضب ويقوي من عزيمة المحتجين الذين باتوا يرون في الوحدة والتحدي المباشر سبيلهم الوحيد نحو التغيير.
ولفتت إلي أن هذه الديناميكية الخطيرة بين قمع متزايد وغضب شعبي متصاعد تنذر بأن الأوضاع في إيران مرشحة لمزيد من التدهور، وقد تكون مقدمة لتحولات أعمق يسعى من خلالها الشعب الإيراني لاستعادة حقوقه وتقرير مصيره