كتاب “المستطرف في كل فن مستظرف” للأبشيهي
الفكرة العامة:
“المستطرف في كل فن مستظرف” هو كتاب أدبي موسوعي، يجمع بين الطرافة والحكمة، وبين الأدب والعلم، بأسلوب ممتع يمزج الجد بالهزل. أراده مؤلفه الأبشيهي مرآة لثقافة عصره، ومائدة أدبية حافلة بما لذ وطاب من الحكايات، والأمثال، والنوادر، والعِبَر، والطرائف، والشعر، والفقه، والحكم.
إنه كتاب يُقرأ للعبرة والمتعة، ويتنقل بقارئه من فن إلى فن، ومن باب إلى باب، كمن يسير في بستان متنوع الأشجار والثمار.
فصول الكتاب ومحتواه:
الكتاب مقسم إلى 83 بابًا، وقد رتّبها المؤلف بلا تسلسل صارم، بل جعلها مفتوحة على مواضيع شتى، منها:
1- في العقل والذكاء والحمق والبلادة
2- في النساء وما جاء فيهن من أخبار وأشعار
3- في الكرم والبخل والسخاء
4- في الأطعمة والأشربة
5- في الطهارة والصلاة والأذكار
6- في القضاء والولاة
7- في القمار والميسر
8- في الحب والعشاق والمجانين
9- في الموت والقبر واليوم الآخر
10- في الحِكَم والأمثال السائرة
كل باب يزخر بحكايات، وشذرات من الشعر، ومرويات طريفة أو بليغة، وأخبار شخصيات تاريخية أو أدبية.
أهم المقولات:
1- “من كثر هزله، قل عقله”
2- “لا خير في لذة يعقبها ندم، ولا في قول يُذهب الحُرَم”
3- “الحياء رأس كل خير”
4- “الجاهل لا يرتدع، والعاقل لا يُخدع”
5- “من ساء خُلقه، عذّب نفسه”
هذه العبارات تمثّل خلاصة الحكمة الشعبية والأخلاقية التي يبثّها الأبشيهي في ثنايا كتابه.
القيمة الأدبية للكتاب:
يعد الكتاب أحد أشهر كتب الأدب الشعبي الموسوعي في التراث العربي.
جمع فيه الأبشيهي زبدة ما ورد في كتب التراث من علوم وآداب وفكاهة، مثل “العقد الفريد”، و”عيون الأخبار”، و”البيان والتبيين”، و”الأمالي”.
لغته سهلة جزلة، قريبة من الذوق العام، مما جعله مقروءًا من العلماء والعوام على السواء.
امتاز بأسلوب سلس ممتع يجعل القارئ ينتقل من موضوع إلى آخر دون ملل.
مثّل مرجعًا ثقافيًا وأدبيًا للقرون اللاحقة، واستُشهد به كثيرًا في كتب الأدب والمجالس.
سيرة ذاتية مختصرة للأبشيهي:
هو محمد بن أحمد بن منصور الأبشيهي، ولد في بلدة “أبشواي” قرب “الفيوم” في مصر في أوائل القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي)، وعاش في عهد دولة المماليك.
كان فقيهًا وأديبًا واسع الاطلاع، مهتمًا بالتراث الأدبي والديني والاجتماعي، ولهذا جمع كتابه “المستطرف” من مصادر كثيرة.
توفي عام 854 هـ / 1450 م.
خلاصة القول:
“المستطرف” كتاب يستحق أن يُقرأ بتأنٍ، لا لأنه مرجع أدبي فقط، بل لأنه صورة بانورامية للثقافة العربية في القرون الوسطى، يعكس أذواق الناس، وأخلاقهم، وأحلامهم، وسخريتهم من الحياة. هو دعوة للابتسام والتأمل معًا، ولهذا بقي حاضرًا في الذاكرة الأدبية قرونًا.