الأمة الثقافية

المسحراتي فؤاد حداد .. أمير شعراء العامية المصرية

الشاعر فؤاد حداد

(فؤاد سليم أمين حداد)

الميلاد: 13 مارس 1927م، القاهرة

الوفاة: 1 فبراير 1985م، 

كان والده أكاديميًا لبنانيًا يُدعى سليم أمين حدٌاد، ولد في بلدة عبيه بجبل لبنان في أسرة مسيحية بروتستانتية لوالدين بسيطين اهتما بتعليمه حتى تخرج في الجامعة الأمريكية في بيروت، متخصصاً في الرياضيات المالية ثم جاء إلى القاهرة قبيل الحرب العالمية الأولى ليعمل مدرسًا بكلية التجارة­ جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) ويحصل على لقب البكوية، وعندما نشأت نقابة التجاريين في مصر مُنح العضوية­ رقم واحد، وما زالت كتبه وجداوله تدرّس باسمه حتى الآن.

أما والدته فهي من مواليد القاهرة في 19 يونيو 1907م، جاء أجدادها الشوام الكاثوليكيون إلى مصر واستقروا فيها، ووُلد أبواها في القاهرة. (أبوها من دمشق الشام وأمها من حلب)

يقول فؤاد حدّاد عن نفسه:

أنا مصريّ من أصلٍ شاميّ/

لا يغتفر احتشامي/

هينطلق من حيشاني/

صوت الجموع المفرَد/

تعلم حداد في مدرسة الفرير ثم مدرسة الليسية الفرنسيتين، وكانت لديه منذ الصغر رغبة قوية للمعرفة والإطلاع على التراث الشعري الذي وجده في مكتبة والده، وكذلك على الأدب الفرنسي من أثر دراسته للغة الفرنسية، واعتقل فؤاد حداد مرتين لأسباب سياسية.

بدأ فؤاد حدّاد النشاط الأدبيّ تزامناً مع نشاطه السياسيّ كشيوعيّ حتى النّخاع، عام 1944م، وهو تلميذٌ بالمدرسة، حيث كان ينشر قصائده في الدوريّات الأدبيّة والجرائد الحزبيّة، وأوّل دواوينه كان اسمه «أفرجوا عن المسجونين السياسيّين» وقد اختار هذا الاسم الجريء في تلك الفترة انطلاقاً من موقفٍ وطنيٍّ وسياسيّ واضح، وقد صدر هذا الديوان عام 1952م، تحت اسم «أحرار وراء القضبان» وبسبب الرقابة والاسم الأصليّ صار اسماً للمقدّمة.

فؤاد حداد يُعلن إسلامه

اعتُقل فؤاد حدّاد للمرّة الأولى، من عام 1953 إلى 1956م، وفي المعتقل تحوّل «فؤاد حدّاد» إلى الإسلام..

وقد أفرج عنه لمدّة شهرين فقط عام 1954م، وخرج من المعتقل ليكتب كما لم يكتب من قبل، وصدر ديوانه الثاني «حنبْني السدّ»، وكتب بعدها محتفياً بكلّ حركات التحرّر الوطنيّ من كلّ أنحاء العالم.

انتقل الشاعر فؤاد حداد من المسيحية للإسلام، ومن الشيوعية إلى الصوفية الإسلامية

اعتُقل فؤاد حدّاد للمرّة الثانية من أبريل 1959م/ أبريل 1964م، وفى هذه السنوات الخمس كتب كثيراً رغم التعذيب والقهر، بل تفجّرت بداخله طاقاتٌ فذّة وصنعتْ تراثاً فريداً، ففي أيّام التعذيب في معتقل العَزَب بالفيوم، قرّر أن يكتب كلّ يوم قصيدة ليرفع من الروح المعنويّة لزملائه.

جائزة فؤاد حداد

أُنشِئت له جائزة باسمه تقديرا من الدولة لجهوده الكبيرة في شعر العامية المصرية، فهو أمير شعر العامية

مسحراتي الشعر

كتب العبقري فؤاد حداد كلمات المسحراتي، والتي لحنها الملحن سيد مكاوي، وأصبحت من أبرز علامات شهر رمضان  

صدر له (33 ديوان) منها 17 ديوان أثناء حياته، والباقي بعد وفاته؛ بواسطة ابنه الشاعر أمين حداد، الذي جمع تراث والده، وما زال.

على مدار حياته، تنقّل فؤاد حدّاد بين الشيوعيّة والصوفيّة:

«ياللي كفرت بالاشتراكيّة

والمكنة التشيكوسلوفاكيّة

بالتّذكرة كما بالتّزكية

بالمتشقلب بالمعدول

دلدول دلدول

كان عندي طاقيّة

طاقيّة شقيّة

من شقاوتها بقتْ طرطور»

من ديوان «الحضرة الزكيّة»:

«يا أهل الأمانة والنّدى والشوق،

يا مجمّعين الشمل في الحضرة الزكيّة،

أوِّل ما نبدي القول نصلّي على النّبي

المصطفى سيّد ولد عدنان

كان ياما كان الليل وكان الليل

أخضر مندِّي بيسمع القرآن»

 يقول عن نفسِه:

«أنا والد الشّعرا فؤاد حدّاد

أيوه أنا الوالد وياما ولاد

وكانت آخر أبياته التي تركها على المكتب ليلة وفاته، يوم الأول نوفمبر1985، هي الملخّص الوافي لسيرته:

«مات اللي كان حالف يموت ولا يقطَع دابر

أمل المساكين في الأكابر»

ويقول:

1

أنا الأديب وأبو الأدبا

اسمي بإذن الله خالد

وشعري مفرود الرقبة

زي الألف

ورقم واحد

والساعة 6 في العتبة

2

يا اسمر يا روحي يا امتداد النيل

الثانية مشيت قد ألفين ميل

على قافية متقدر لها تحميل

ألفين سنة ويفضل كلامي جميل

3

أنا مصري من أصل شامي لا يغتفر احتشامي

هينطلق من حيشاني صوت الجموع المفرد

4

منين يا عم إبراهيم؟

قال لي أنا من الطير

يا ميت صباح النعيم

ويا ميت صباح الخير

ما أحلى الشقا لما أشقى

بقلب أعقل وأشقى

من العقول الشقيّة

أعدل جناح الطاقية

وافتح عراوي الصدير

لسه في حياتي بقيّة

تسأل عيوني اللي عاشقة

الطير مزاج واللا نشأة؟

ولا الغرام اللي جابني

والجو صاحي عجبني

أقول لك الحق يا ابني

كلنا من الطير

5

آه وآه ويا فرحة قلبي

كنت طير وصبحت مراكبي

بجناحينْ وحملت مراكبي

يا هنايا في ريح النيلْ

وابتسام الفجر دليل

يا حياتي وسر حناني

لما افتح لك احْضاني

كل شط يلاقي التاني

والعطاشى تلاقي سبيلْ

والليالي تقول لك آه

آه وآه ويا فرحة قلبي

في الندى عسّلت شويَّة

جاني طيفك طل عليه

ضّي قلبي وضّي عينيَّه

مبتسم في الطل كحيلْ

طفل غاوي بداوي الآه

كل شط لقيته طارح

حلم بكره وحلم امبارحْ

والقلوبْ كلها تتصالحْ

في الغناوي والمواويلْ

اللي تعلى معاها الآه

آه وآه ويا فرحة قلبي

6

بطّل تلومني على النهاية السعيدة

ولا أنت مستكتر على المسكين.. بطيخة ع السكين!

7

مســحـراتي يا مؤمنين

مـنـقـراتي مد الأنين

الله على رعشة الحنين

عمره ما كان الأمل ضنين

يا قدس نوارة السنين

كأن عيني في ميتمي

يا قدس ما يحتمل دمي

الا أشوفك وأرتمي

وأبوس ترابك المريمي

أبويا وابني على فمي

ما اتوهش يا قدس في المطال

يا عاصرة مهجة الرجال

سقاكِ من دمعته الهلال

يا قدس يا سبحة الشقا

الأعمى في سجدتك رأى

والفجر من صخرتك سقى

يا قدس تتفجر الجراح

والصبر حرب وأيوب صلاح

يا أخت من مكة والبطاح

قلبي انضرب للعرب وصاح

لا بد من فتح في الصباح

المشي طاب لي

والدق على طبلي

ناس كانوا قبلي

قالوا في الأمثال:

«الرجل تدب مطـرح ما تحب»

وأنا صنعتي مســحـراتي في البلد جوال

حبيت ودبيت كما العاشق ليالي طوال

وكل شبر وحتة من بلدي

حتة من كبدي

حته من موال:

لما تقول أجمل ما في الدنيا، الميه للعطشان

يعرفوك عربي

أما للراوي ريحة البرتقان في مداخل يافا

يعرفوك عربي

لما تقول ابني اتولد لاجئ

يعرفوك عربي

لما تقول يا رب

يعرفوك عربي

لما تباشر جهادك، ترمى أوتادك

في قلب دابح ولادك

يعرفوك عربي

8

مفيش في الأغاني كده ومش كده

يفرقنا عن بعض بالشكل ده

يا مصر اللي جايبة الشجر من زمان

وشايلة الضفاير على البرتقان

وقبل الأوان اللي قبل الأوان

بتحييني أنفاسك المُسعدة

بحبك كأني طليق العنان

وزي العجوز اللي دق البيبان

وزي الكتاب اللي كان يا ما كان

وزي الرصيف اللي في السيدة

أنا اللي زرعت البيوت والعيدان

ما يمنعش عقلي شوية جنان

هيرجع لاسمك رنين الحنان

قتيل المحبة يلبي الندا

9

المطرقة ناحت على السندان

اتشكلت كتل الحديد.. قضبان

الرأسمالي.. بيملك الآلة

الرأسمالي.. بيسجن الإنسان

الرأسمالي بيملك الآلة

أغلال.. على استغلال

على بطالة

يجعل حياتك يا فقير عالة

ويموتك.. ويبيع لك الأكفان

الرأسمالي بيملك الآلة

الرأسمالي.. بيقتل الإنسان

10

يا ليل من الحب صاحي

من الشقا نعسان

على كل طوبة ندى

وشذى وأمل إنسان

من الظلام فيه الضي

ومن العطش فيه الري

من ألف حي وحي

من ألف عام

وأنا عايش في الزمان الجاي

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى