في خطوة حاسمة لوقف نزيف الاقتصاد الليبي الناتج عن واحدة من أبرز ظواهر الفساد المالي، عقد المستشار الصديق الصور، النائب العام الليبي، اجتماعاً رفيع المستوى لمناقشة آليات التصدي لجرائم تهريب الوقود التي تستنزف المليارات من عوائد النفط سنوياً.
اجتماع موسّع بمشاركة قيادات النفط والأمن
شارك في اللقاء عدد من كبار المسؤولين، من بينهم رئيس مجلس إدارة شركة البريقة لتسويق النفط والغاز، ومديرو إدارات القانون والتوزيع والتفتيش بالشركة، بالإضافة إلى مسؤول إدارة التسويق بالمؤسسة الوطنية للنفط، ومدير أمن طرابلس، وممثلو شركات توزيع الوقود الأربع العاملة في ليبيا، إلى جانب وكلاء النيابة العامة المتابعين لملفات تهريب المحروقات وتتبع إنفاق الدعم المخصص للمواطنين.
الكشف عن تجاوزات وفتح ملفات قديمة
ناقش الاجتماع ضرورة تحديد احتياجات السوق المحلي من المحروقات بأسلوب علمي ودقيق، في ظل تعقيدات تعرقل وصول الوقود إلى المواطنين. كما استعرض المشاركون تجاوزات مسؤولين في شركات التوزيع خلال السنوات الماضية، وأكد النائب العام أن النيابة العامة ستلاحق المتورطين في هذه الجرائم التي ألحقت أضرارًا فادحة بالاقتصاد الوطني.
تعزيز الرقابة ومنع الإفلات من العقاب
المستشار الصور شدد على أهمية الدور الوقائي في محاربة تهريب الوقود، داعياً شركة البريقة إلى إعادة تنظيم عملياتها وفقاً لدراسات حقيقية تخدم المصلحة العامة. كما طالب شركات التوزيع بالالتزام بضوابط العقود وتوفير الوقود للمواطنين دون تعرضهم لأي شكل من أشكال الابتزاز أو التحكم غير المشروع.
وأكد على ضرورة تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، من خلال تحريك نيابات النظام العام للتحقيق، وتكليف مأموري الضبط القضائي بحملات تفتيش ميدانية واسعة.
مساءلة قانونية للدعم المشبوه
طلب النائب العام من وكلائه التحقيق في تخصيص ملايين اللترات من الوقود لأشخاص طبيعيين ومعنويين دون مبررات قانونية، مشيراً إلى أن الدعم الحكومي محصور بالمواطنين فقط، وليس من حق أي جهة أو فرد الاستفادة منه دون سند قانوني واضح.
تهريب الوقود… أرقام صادمة وخسائر فادحة
تعاني ليبيا من نزيف اقتصادي ضخم بسبب تهريب الوقود عبر الحدود. وبحسب البنك الدولي، يُهرّب من ليبيا أكثر من 495 مليون لتر سنويًا، ما يعادل أكثر من 17% من إجمالي الاستهلاك المحلي، وتقدّر الخسائر السنوية للدولة بنحو 750 مليون دولار.
دعم الوقود يلتهم الميزانية
كشف تقرير صادر عن مصرف ليبيا المركزي أن تكلفة دعم الوقود خلال أول 11 شهراً من عام 2024 بلغت حوالي 12.8 مليار دينار ليبي (ما يعادل 2.4 مليار دولار). في حين أظهر تقرير ديوان المحاسبة لعام 2022 أن دعم الوقود يستهلك ما يقارب 12 مليار دولار سنويًا، ما يعادل أكثر من نصف ميزانية الدولة في بعض الأعوام.
إنتاج النفط: أرقام مستقرة رغم التحديات
وفي ظل هذه التحديات، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن إنتاج ليبيا من النفط الخام بلغ خلال الـ24 ساعة الماضية 1.4 مليون برميل، وبلغ إنتاج المكثفات 53.4 ألف برميل، في حين سجل إنتاج الغاز 2.566 مليار قدم مكعب.
يمثل هذا التحرك من النائب العام الليبي نقطة تحول في مسار محاربة تهريب الوقود، في ظل مطالب شعبية متزايدة بمحاسبة الفاسدين وحماية ثروات البلاد من العبث، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تمر بها ليبيا.