تُعد رواية “الوسية” واحدة من أبرز الأعمال الأدبية التي أرخت للحياة الريفية في مصر، وفضحت بجرأة البنية الطبقية والاجتماعية في الريف المصري خلال النصف الأول من القرن العشرين.
كتبها الدكتور خليل حسن خليل، واعتمد فيها على سيرته الذاتية، فكان البطل هو نفسه، حيث يسرد رحلته من ابن فلاح بسيط في وسية إقطاعية بالصعيد إلى طالب متفوق ينجح في الحصول على الدكتوراة والعمل بالأمم المتحدة، متحديًا ظروف الفقر والجهل والتمييز الطبقي.
ما المقصود بـ”الوسية”؟
“الوسية” مصطلح يُطلق على قطعة الأرض الزراعية الكبيرة التي يملكها إقطاعي، ويعيش فيها الفلاحون ويعملون تحت سلطته، في نوع من العبودية المقنّعة. وكانت هذه الظاهرة منتشرة قبل ثورة يوليو 1952، حيث كان الإقطاعي هو السيد المطلق في الوسية.
الشخصيات الرئيسية:
خليل (الراوي والبطل): فتى ريفي فقير، يمتاز بالذكاء والطموح، ينجح في تحدي واقعه الاجتماعي.
الجد والعم والأب: يمثلون جيل الفلاحين المقهورين الذين ورثوا الخضوع للوسية.
الأفندي الإقطاعي: صاحب الأرض والنفوذ، رمز الظلم والاستغلال.
الأم: تجسد الحنان والصبر، وهي صوت الحكمة في البيت.
أهم القضايا التي تناولتها الرواية:
التفاوت الطبقي بين الإقطاعي والفلاح.
التعليم كوسيلة للتحرر الفردي والاجتماعي.
قسوة الواقع الريفي في ظل هيمنة الإقطاع.
نقد صريح لآليات الاستبداد الاجتماعي.
أسلوب الرواية:
تميزت بأسلوب واقعي وشاعري، يجمع بين السرد التوثيقي الدقيق واللغة العاطفية الرقيقة، مما جعلها قريبة إلى القارئ، وخاصة من عاشوا تلك الحقبة أو انحدروا من خلفيات ريفية.
أهمية الرواية:
وثيقة اجتماعية وأدبية نادرة توثق حياة الفلاحين المصريين.
مادة تعليمية تُدرّس في بعض الكليات والأقسام الأدبية.
تحوّلت إلى عمل تلفزيوني شهير بعنوان “الوسية”، عُرض في التسعينيات، من بطولة أحمد عبد العزيز، وأخرجته إنعام محمد علي، ولاقى نجاحًا واسعًا.
عن المؤلف
وُلد خليل حسن خليل في قرية الرباعي بمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية.
في اليوم الذي حاز فيه المركز الأول في الابتدائية على مديرية الشرقية حُجز على أثاث منزل أبيه. اضطر للعمل في وسية خواجة يوناني لمدة خمس سنوات، ثم تطوَّع في الجيش المصري، واستكمل تعليمه حتى تخرَّج بتفوق. حُرم من التعيين وكيلًا للنائب العام بسبب الفقر، وأخيرًا سمحت له الظروف وسانده طه حسين ليسافر في بعثة دراسية إلى إنجلترا ليحصل على الدكتوراه، وهناك تعرَّف على زوجته البريطانية، وعاد ليصبح أستاذًا للاقتصاد السياسي، والتحق بالعمل في الأمم المتحدة. تُوفِّي في 24 سبتمبر 1999.
أصداء الرواية:
حظيت الرواية بتقدير واسع من النقاد، الذين اعتبروها تأريخًا صادقًا لمرحلة مهمة من تاريخ مصر الاجتماعي، كما أنها ألهمت العديد من الكتاب والمخرجين لتسليط الضوء على حياة الفلاحين، التي طالما تم تهميشها في الأدب والفن.