في ظل تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، وبعد ساعات من تنفيذ ضربات جوية إسرائيلية استهدفت منشآت نووية إيرانية، أعلن عدد من الدبلوماسيين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستعقد اجتماعاً استثنائياً يوم الإثنين المقبل 16 يونيو 2025 في مقرها بالعاصمة النمساوية فيينا، لمناقشة تداعيات تلك الهجمات.
ويأتي هذا الاجتماع الطارئ في وقت تواجه فيه المنطقة واحدة من أكثر اللحظات توتراً منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015، وسط تحذيرات دولية من انزلاق الأمور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة قد تُعيد الملف النووي الإيراني إلى نقطة الصفر.
وبحسب ما نقلته مصادر دبلوماسية، فإن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المؤلف من 35 دولة عضوًا، هو من سيعقد هذا الاجتماع، بناءً على طلب مباشر تقدمت به إيران. وقد وجدت الدعوة الإيرانية دعمًا من دول بارزة داخل المجلس، مثل روسيا، والصين، وفنزويلا، في وقت يُرجح فيه ألا يصدر عن الاجتماع قرارٌ أو إدانة رسمية للهجوم الإسرائيلي.
وسيعقد الاجتماع في تمام الساعة 08:00 صباحًا بتوقيت غرينتش، ويُتوقع أن يكون مغلقًا للإعلام، دون جدول أعمال يتضمن تصويتًا أو تحركًا قانونيًا.
أضرار المنشآت النووية: طهران تؤكد وتقلل من الأثر
في السياق ذاته، كانت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قد أعلنت يوم الجمعة عن تعرض منشأتين نوويتين رئيسيتين لأضرار محدودة نتيجة للهجمات الجوية، هما منشأة فوردو قرب طهران، ومنشأة أصفهان بوسط البلاد.
وصرح المتحدث باسم المنظمة، بهروز كمالوندي، أن الضربات لم تُسبب “أي ضرر هيكلي في منشأة فوردو”، موضحًا أن الأضرار اقتصرت على بعض المناطق غير الحيوية. وفي أصفهان، أشار كمالوندي إلى أن الهجوم تسبب بحرائق في بعض المستودعات، دون وجود خطر إشعاعي، مؤكدًا أنه “لا يوجد ما يدعو للقلق بشأن التلوث النووي”.
من جانبها، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الهجمات شملت كذلك منشأة نطنز الحساسة لتخصيب اليورانيوم، حيث دُمّر جزء رئيسي فوق الأرض من منشأة تجريبية كانت تنتج يورانيوم مخصبًا بنسبة تصل إلى 60%. ولفت المدير العام للوكالة، رافايل غروسي، إلى أن النشاط العسكري طال أيضاً محيط منشأتي فوردو وأصفهان، لكنه أكد أن “المعلومات لا تزال محدودة في هذه المرحلة”.
اجتماع دوري وانتقادات لإيران
وكان مجلس محافظي الوكالة قد عقد اجتماعًا دوريًا الخميس الماضي، خلُص خلاله إلى أن إيران لم تفِ بالتزاماتها القانونية بالإفصاح الكامل عن برنامجها النووي، وهو ما أثار قلقًا متزايدًا لدى العديد من أعضاء المجلس.
ورغم نفي إيران المستمر لسعيها نحو تطوير سلاح نووي، إلا أن تصاعد التوترات العسكرية والهجمات الإسرائيلية الأخيرة يعيدان الجدل الدولي حول شفافية البرنامج النووي الإيراني، ويدفعان بعض الدول للمطالبة بإجراءات رقابية أكثر صرامة، تحسبًا لأي تصعيد محتمل.
قراءة في التوقيت والدلالات
يرى مراقبون أن عقد اجتماع استثنائي في هذا التوقيت يعكس القلق المتزايد من تحول الصراع الإيراني–الإسرائيلي إلى تهديد مباشر لأمن المنشآت النووية، الأمر الذي قد يتسبب في كارثة بيئية أو إشعاعية في حال توسّعت الهجمات.
ويُذكر أن إيران ليست عضوًا في مجلس المحافظين، لكنها تظل خاضعة لاتفاق الضمانات الشاملة التابع للوكالة الدولية، بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي.
في المقابل، تستمر إسرائيل في عدم التوقيع على المعاهدة، ما يثير تساؤلات بشأن مشروعية الهجمات، في ظل غياب غطاء قانوني دولي واضح، ووجود تباينات سياسية حادة داخل المجلس نفسه.
ومن غير المتوقع أن يسفر الاجتماع عن خطوات حاسمة، لكن مراقبين يرون فيه خطوة أولى نحو تدويل المسألة النووية الإيرانية مجددًا في ظل بيئة جيوسياسية مشحونة، وتضاؤل فرص العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018.