كشفت تقارير أمريكية عن تنفيذ واشنطن نحو 20 مشروعًا عسكريًا سريًا في إسرائيل، ضمن خطة ضخمة تتجاوز قيمتها 1.5 مليار دولار، تتضمن منشآت تحت الأرض وقواعد جوية وبحرية ومخازن ذخيرة محصنة، بهدف دعم قدرات إسرائيل القتالية وتمكين الجيش الأمريكي من التمركز والتحرك في المنطقة عند الحاجة.
بنية تحت الأرض لحروب المستقبل
من أبرز تلك المشاريع، توسيع قاعدة “نيفاتيم” الجوية في صحراء النقب، بتكلفة تُقدّر بـ230 مليون دولار، لتأمين جاهزية الطائرات الحربية من طراز F-35، عبر إنشاء مدارج جديدة وحظائر محصّنة تحت الأرض.
كما يجري بناء مستودعات ذخيرة ضخمة في مواقع غير معلنة، صُممت خصيصًا لمواجهة “حروب طويلة الأمد”، إلى جانب إنشاء مقر جديد لوحدة الكوماندوز البحرية الإسرائيلية في بلدة “عتليت” جنوب حيفا.
منشآت مزدوجة الاستخدام
تشير وثائق للجيش الأمريكي إلى أن بعض هذه المنشآت بُنيت لتخدم القوات الأمريكية والإسرائيلية معًا، سواء كمخازن احتياطية للأسلحة الأمريكية، أو كنقاط انطلاق محتملة لعمليات عسكرية مشتركة في الشرق الأوسط.
دعم مالي يتخطى المساعدات التقليدية
وتندرج هذه المشاريع ضمن اتفاقية المساعدات الأمنية الموقّعة بين البلدين للأعوام 2019–2028، والتي تُخصص لإسرائيل سنويًا 3.8 مليار دولار. إلا أن الدعم تجاوز هذا الرقم خلال حرب غزة الأخيرة (2023–2024)، حيث ضخت واشنطن 17.9 مليار دولار إضافية كمساعدات عسكرية طارئة.
وفي عام 2025 وحده، أُبرمت عدة صفقات أسلحة تشمل:
8 مليارات دولار في يناير لتوريد صواريخ موجهة وقطع غيار للطائرات.
3 مليارات دولار في فبراير لقنابل خارقة للتحصينات وطائرات مسيّرة متقدمة.
أكثر من 500 مليون دولار ضمن برنامج “السحب الرئاسي” لتوفير ذخائر عاجلة من مخزون البنتاغون.
مشاريع غامضة وأسماء رمزية
بحسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فإن عددًا من هذه المشاريع أُدرج في التقارير الأمريكية تحت مسمّيات مشفّرة دون تفاصيل علنية، ما يثير تساؤلات حول طبيعة هذه المنشآت ومواقعها الدقيقة وأهدافها الحقيقية.
دلالات استراتيجية
منذ عام 1948، حصلت إسرائيل على أكثر من 300 مليار دولار كمساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، ما يجعلها أكبر مستفيد من الدعم العسكري الأمريكي على الإطلاق، بفارق كبير عن مصر – ثاني أكبر متلقٍّ في المنطقة – التي حصلت على 1.3 مليار دولار فقط في عام 2024.
ويقول محللون إن هذه القواعد الجديدة تمثّل “قلاعًا تحت الأرض” هدفها تأمين تفوق إسرائيل في أي مواجهة محتملة، سواء مع غزة أو حزب الله أو حتى إيران، كما أنها تعزز من القدرة الأمريكية على التمركز السريع في الشرق الأوسط.
ويعلّق أحد الخبراء في “معهد واتسون للدراسات الدولية” قائلًا: “هذه ليست مجرد منشآت عسكرية، بل قلعة أمريكية-إسرائيلية تحت الأرض… حرب غزة كشفت الحاجة لقدرات لا تنضب”.
أبعاد سياسية
يرى مراقبون أن التسارع الأمريكي في دعم إسرائيل عسكريًا – رغم تغيّر الإدارات في البيت الأبيض – يؤكد استمرار أولوية الشراكة الأمنية مع تل أبيب كخيار استراتيجي لا يُمس، خصوصًا في ظل التحديات المتزايدة في المنطقة.
ويعكس المشروع أيضًا إصرار واشنطن على توسيع وجودها العسكري غير المُعلن في المنطقة، عبر قواعد لا تظهر على الخرائط، لكنها جاهزة للرد والتدخل متى استدعت الضرورة.
تحليل:
تكشف هذه المشاريع عن تحوّل نوعي في طبيعة التحالف الأمريكي–الإسرائيلي، حيث لم تعد المساعدات تقتصر على توريد الأسلحة، بل باتت تمتد إلى بناء بنية عسكرية تحت الأرض، تمكّن الطرفين من خوض الحروب المستقبلية من مواقع محصّنة ومشتركة، في إشارة إلى تغير معايير الجغرافيا والجاهزية في الحروب القادمة.