كتب: سامر حسن، محلل أسواق
تخلى اليورو عن مكاسبه التي سجلها مطلع الأسبوع أمام الدولار الأمريكي، حيث تراجع إلى مستوى 1.06607، أي بتراجع بنسبة 0.34%. أما أمام الباوند البريطاني، فلا يزال اليورو مستمراً في تسجيل المكاسب الممتدة منذ ظهر يوم الاثنين ويصل إلى مستوى 0.87109 وهو الأعلى خلال جلسة أمس وذلك عند حوالي الساعة 10:10 صباح اليوم. قبل ذلك، فقد سجل اليورو مستوى قياسي جديد أمام الين الياباني عند 161.045 عند حوالي الساعة 6:30 صباحاً وهو الأعلى منذ العام 2008.
شهدنا اليوم أرقام مؤشر أسعار المستهلك لشهر أكتوبر الفائت. حيث تراجع نمو التضخم إلى 3.8% خلال أكتوبر الفائت بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الفائت. كذلك تراجع التضخم ليهدئ تماماً على أساس شهري مقارنة مع سبتمبر الفائت الذي كان عند 0.3%. في حين جاءت كلا القرائين بالتماشي مع متوسط توقعات المحللين.
أما في عموم منطقة اليورو، فقد شهدنا أيضاً أرقام مبيعات التجزئة لشهر سبتمبر والتي شهدت تراجعاً بنسبة 2.9% على أساس سنوي مقارنة مع التوقعات بتراجع بنسبة 3.1% إلا أن هذه القراءة لا تزال أعلى بشكل ملحوظ من القراءة السابقة عند 1.8%. في حين سجلت القراءة الشهرية تراجعاً أكبر من المتوقع أيضاً وذلك بنسبة 0.3% بالمقارنة مع تراجع بنسبة 0.2%، إلا أن هذه القراءة جاءت أقل من القراءة السابقة البالغة عند تقلص بنسبة 0.7%.
أعتقد أنه هذه الأرقام تُشير إلى المزيد من برود قطاع المستهلك في منطقة اليورو وذلك بضغط ظروف الائتمان المتشددة، وذلك على الرغم من بعض العلامات الإيجابية من قطاعات الأعمال الخدمية والتصنيعية والتي قد أوحت بإمكانية تماسك اقتصاد المنطقة وعودته إلى النمو وإيقاف الانكماش الحالي في الأنشطة. إلا أن هذه الانتعاش قد يأخذ المزيد من الوقت لينقتل إلى المستهلك الذي يعاني من ضعف المعنويات ولا يزال يتجه إلى التقليل من الانفاق.
وعن مكاسب اليورو أمام الجنيه الإسترليني، فتأتي ضمن محاولة اليورو للتعافي بعد الخسائر الممتدة منذ أواخر الأسبوع الفائت وذلك بعد حديث محافظ بنك إنكلترا، Andrew Bailey، عن استبعاد احتمالية خفض سعر الفائدة قريباً. في حين حافظ Baileyعلى ذات النبرة المتشددة صباح اليوم في دبلن في ايرلندا، كما أكد على وجود المخاطر الصعودية للتضخم ومن بينها مخاطر توسع رقعة الصراع الدائر في الشرق الأوسط.
فيما جاءت تصريحات رئيس بنك إنكلترا تالية لحديث كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، Philip Lane، الذي أكد على أن التقدم في مكافحة التضخم غير كافية إلى الأن على الرغم مما قد تم إحرازه إلى الآن واستشهد بمخاطر ارتفاع أسعار الطاقة والتي قد تتسبب بعد الراحة تجاه الانخفاض الحالي للتضخم والذي قد يعود للارتفاع مجدداً قبل أن يعود إلى مساره الصحيح.
فيما يبدو أن حديث كبار مسئولي المركزي الأوروبي قد يشير أيضاً إلى إمكانية تمسكه بأسعار الفائدة القياسية المرتفعة لفترة أطول من المتوقع خلال العام القادم، كما الحال مع بنك إنكلترا والاحتياطي الفيدرالي.
إلا أن الرواية مختلفة بالنسبة إلى الين الياباني. حيث جاءت مكاسب اليورو أمام الين اليوم مع استمرار تدفق البيانات السلبية من الاقتصاد الياباني. حيث شهدنا اليوم قراءة أقل من المتوقع للمؤشر الرائد، Leading Index، وذلك عند 108.7 مقارنة مع التوقعات عند 108.8.
فيما جاءت هذه القراءة بعد القراءة السلبية لأرقام إنفاق الأُسر والذي استمر في التراجع للشهر السابع على التوالي على مستوى القراءة السنوية التي سجلت انخفاضاً بنسبة 2.8%.
أعتقد أن هذه الأرقام السلبية لهذا الأسبوع قد تساعد بنك الياباني في التمسك بسياسته النقدية المتساهلة للغاية والتي من شأنها عدم التسبب في إعاقة النمو الاقتصاد المتراجع أصلاً، وهو ما يبدو محط تركيز البنك المركزي أكثر من التضخم.
أما في أسواق السندات، فقد استمر تراجع العائد على السندات الحكومية الأوروبية لأجل عشرة سنوات بالضغط على العملة الأوروبية وذلك مع الانخفاض إلى 2.626% صباح اليوم وهو أدنى المستويات التي لم نشهدها منذ منتصف سبتمبر الفائت. فيما لا تزال تحاول سندات الخزانة الأمريكية توسيع الفجوة ما بينها وبين مقابلتها الأوروبية لأجل عشرة سنوات وذلك مع بعد سلسلة التراجعات الممتدة منذ أسبوع، حيث ارتفع فجوة العائدة إلى 1.938% مجدداً اليوم.