شهدت فترة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (من يناير 2017 حتى يناير 2021) توجهاً مختلفاً عن أسلافه في السياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالحروب الخارجية. وفيما يلي استعراض لأبرز ملامح الحروب والتدخلات العسكرية الأميركية خلال تلك الفترة:
1. استراتيجية “أمريكا أولاً” وتقليل التدخل العسكري المباشر
ترامب أعلن منذ بداية حملته الرئاسية أنه لا يريد “حروباً لا تنتهي”، وانتقد الحروب في العراق وأفغانستان، مشدداً على أن على الدول الأخرى أن تتحمل كلفة أمنها. هذه الاستراتيجية قادت إلى:
تقليص عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان والعراق وسوريا.
فرض ضغوط على الحلفاء (مثل دول الخليج وكوريا الجنوبية) لدفع أموال مقابل الحماية العسكرية.
2. ضربات نوعية بدل الحروب المفتوحة
رغم رفضه الحروب الشاملة، أمر ترامب بعدة عمليات عسكرية نوعية أبرزها:
اغتيال قاسم سليماني: في يناير 2020، أمر ترامب باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني في بغداد، مما كاد يشعل مواجهة عسكرية مع إيران.
ضربات صاروخية على سوريا: في أبريل 2017 وأبريل 2018، شنّت القوات الأميركية ضربات ضد النظام السوري بعد استخدامه أسلحة كيميائية، لكنها كانت محدودة دون انخراط بري واسع.
ضرب تنظيم داعش: استمرت الحملة الجوية ضد داعش، خاصة في العراق وسوريا، مع تقليص التواجد الأميركي تدريجياً بعد إعلان هزيمة التنظيم عام 2019.
3. انسحاب من الاتفاقات العسكرية والسياسية الدولية
في عهده، انسحب ترامب من:
الاتفاق النووي الإيراني (2015)، مما تسبب في تصعيد التوتر مع طهران.
اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، ما أثر في صورة أميركا العالمية.
انتقد حلف الناتو، وطالب دول أوروبا بزيادة الإنفاق العسكري.
4. مفاوضات مع الخصوم بدل التصعيد العسكري
التقى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ثلاث مرات، في محاولة لوقف البرنامج النووي، لكن دون نتائج حاسمة.
حاول التوسط مع طالبان وأعلن اتفاق الانسحاب من أفغانستان في 2020، وهو ما استكمله جو بايدن لاحقاً.
5. غياب الحروب الكبرى… لكن تصعيد التوترات
لم تدخل أميركا في حروب كبرى خلال ولاية ترامب، لكن:
تصاعدت حرب الظل مع إيران (عمليات سرية، هجمات سيبرانية، اغتيالات).
ازدادت توترات مع الصين في بحر الصين الجنوبي وتايوان.
زادت الضغوط الاقتصادية على دول مثل إيران وكوريا الشمالية وتركيا، كبديل عن الحرب.
بدأت ولاية ترامب الثانية في يناير 2025 وسط انقسام سياسي واجتماعي واسع داخل الولايات المتحدة
أعاد فرض رسوم جمركية على الصين وتصاعد التوتر بين البلدين في بحر الصين الجنوبي
طالب دول حلف الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي وهدد بتقليص التزامات واشنطن داخل الحلف
جمد التعاون مع اتفاقيات المناخ ومؤسسات دولية مثل منظمة الصحة العالمية
أجرى تغييرات واسعة في السياسات الداخلية شملت الهجرة والطاقة والتعليم
ظهرت مؤشرات على اتصالات غير معلنة مع روسيا رغم استمرار العقوبات الغربية
واجه انتقادات داخلية في الكونغرس بعد اتخاذ قرارات عسكرية دون استشارة تشريعية
صعّد نهج “السلام بالقوة” واعتمد الردع العسكري في السياسة الخارجية
في يونيو 2025 أمر بشن ضربة مفاجئة استهدفت ثلاثة مفاعلات نووية إيرانية أدت إلى تسرب إشعاعي جزئي ورفعت حدة التوتر في المنطقة
والخلاصة سياسة ترامب قامت على استخدام القوة العسكرية بشكل محدود ومفاجئ (تكتيك الصدمة)، دون الدخول في مستنقعات طويلة.
لكنه ساهم في تصعيد توترات دولية خطيرة عبر الانسحاب من الاتفاقيات والتهديد بالقوة. وقد تمكن من تجنب حروب كبرى، لكن خلف بيئة متوترة زادت من تعقيد الساحة الدولية لخلفه جو بايدن.
أما ولاية ترامب الحالية أكثر اندفاعاً وتصعيداً من سابقتها، حيث يسعى إلى فرض سياسة “السلام بالقوة” في ملفات مثل إيران والصين.
بينما يعيد هيكلة التحالفات الدولية على أساس اقتصادي وعسكري. الأحداث تتسارع، وخطر الانزلاق إلى مواجهة شاملة في الشرق الأوسط بات واقعاً مقلقاً، في ظل غياب قنوات دبلوماسية فاعلة حتى الآن.