انشقاقات داخل صفوف الدعم السريع تقرب الجيش السوداني من السيطرة علي الخرطوم
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن حدوث انشقاقات في صفوف مليشيا “الدعم السريع” التي يتزعمها محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي” بالتزامن مع اقتراب الجيش السوداني استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم.
وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية الذي ترجمته “جريدة الأمة الإليكترونية “قال عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي وقائد الجيش السوداني وهو يرتدي زيه العسكري، مخاطبًا جنوده بعد استعادة مقر القيادة العسكرية في نهاية الشهر الماضي: «نحن مستعدون لإزالة الميليشيات من كل ركن في السودان».
وقد أدى الصراع في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص من منازلهم، وفقًا للأمم المتحدة.
وفي يناير، اتهمت الولايات المتحدة حميدتي بارتكاب جرائم إبادة جماعية بسبب قتل قواته ذات الغالبية العربية لآلاف السودانيين من ذوي الأصول الإفريقية في إقليم دارفور.
وهذه هي المرة الثانية التي يُتهم فيها الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية، حيث سبق لسلفهم، ميليشيات الجنجويد، أن قتلت نحو 200 ألف سوداني من ذوي الأصول الإفريقية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
كما اتهمت الولايات المتحدة البرهان بارتكاب جرائم حرب، بسبب قصف طائراته للمدنيين.
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، سيطر الدعم السريع على معظم العاصمة، حيث أقام نقاط تفتيش ونشر قناصين على أسطح المباني في مدينة تحولت إلى أنقاض بسبب المعارك.
وقد عانى الجيش السوداني في البداية لاستعادة مواقعه، لكنه بدأ يحقق مكاسب خلال الأسابيع الأخيرة.
فيما استعاد الجيش ثاني أكبر مدينة في البلاد، ود مدني، إضافة إلى عدة بلدات قريبة من حدود جنوب السودان.
وخلال الشهر الماضي، استعادت القوات الحكومية أكبر مصفاة نفط في السودان، شمال الخرطوم، وكسرت الحصار المفروض على قاعدة الجيش الرئيسية في العاصمة.
تراجع قوات الدعم السريع
من جانبه قال كاميرون هدسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية والمحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن: «بدأت خطوط إمداد قوات الدعم السريع تتقلص بعد عامين من الحرب، وهم يواجهون مشكلات في الانشقاقات، بينما الجيش السوداني وصل إلى كامل قوته لأول مرة».
وفقًا للمحللين، فقد حصل الجيش على أسلحة جديدة من إيران، وشهد تدفقًا في أعداد المجندين، كما حصل على دعم من ميليشيات متطوعة.
الأسبوع الماضي، أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” أنها تواجه تدفقًا كبيرًا للجرحى في الخرطوم ودارفور.
وفقًا لوزارة الصحة السودانية، قُتل ثمانية وخمسون شخصًا وأصيب أكثر من مئة وخمسين آخرين بعد قصف قوات الدعم السريع لسوق مزدحم في مدينة أم درمان المجاورة للعاصمة.
وبدوره قال أوزان أغباس، مدير الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود: «العنف يستمر في تدمير الأرواح، مما يجعل الوصول إلى الرعاية الصحية أكثر صعوبة ويعرّض العاملين الصحيين للخطر».
قد يكون القتال للسيطرة على القصر الجمهوري في الخرطوم حاسمًا بالنسبة لقوات الدعم السريع، التي بدأت تظهر عليها علامات الانهيار.
ومن المهم الإشارة إلي أن فقدان القصر الجمهوري والأحياء المجاورة جنوب النيل الأزرق سيزيد من صعوبة حصول المتمردين على الإمدادات من دارفور، وهي قاعدتهم الرئيسية.
ووفقا لتقرير الصحيفة الأمريكية لم يظهر حميدتي علنًا منذ أشهر، مما أثار تكهنات حول مكان وجوده وتولى شقيقه الأكبر، عبد الرحيم حمدان دقلو، القيادة بالنيابة عنه.
وقد أدي غياب حميدتي أدى إلى إحباط مقاتليه، حيث انسحب المئات منهم من الخرطوم متوجهين إلى دارفور، وفقًا لمسؤولين ونشطاء سودانيين.
قال مقاتل سابق في الدعم السريع، يعيش الآن في المنفى في أوغندا: «معظم مقاتلي الدعم السريع يشعرون بأن حميدتي قد تخلى عنهم».
وقال متحدث باسم قوات الدعم السريع يوم السبت إن التقارير حول انتصارات الجيش السوداني «مبالغ فيها»، وأضاف: «الدعم السريع لا يزال يسيطر على معظم العاصمة الخرطوم».
وفي هذا السياق إذا خسرت قوات الدعم السريع المزيد من المناطق في الخرطوم، يتوقع بعض المحللين أن ينتقل القتال إلى دارفور، مما يزيد من خطر العنف ضد السكان السود في الإقليم.
ومن المتوقع أن يكون للحرب في السودان تداعيات على المنطقة، حيث تستخدم بعض الحكومات الصراع لتعزيز مصالحها في البلاد التي تقع على طرق تجارية رئيسية في البحر الأحمر.
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن الإمارات العربية المتحدة قامت بتسليح المتمردين حتى عام 2023.
الإمارات وتسليح الدعم السريع
فيما نفى مسؤول إماراتي هذا الأمر، قائلاً: «نحن نواصل الدعوة العاجلة إلى وقف فوري لإطلاق النار وحل سلمي لهذا الصراع الذي صنعه البشر. الإمارات لم تقدم أي دعم لأي من الطرفين المتحاربين في السودان».
من جهته، أقر الجيش السوداني بتلقيه طائرات مسيّرة من إيران.
وكذلك قال دونالد إي. بوث، المبعوث الأمريكي السابق إلى السودان: «اعتماد الجيش السوداني المتزايد على إيران للحصول على الأسلحة والتمويل يمثل خطرًا بأن يتحول السودان إلى وكيل آخر لطهران».