انطلاق فعاليات مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة
افتتح مجمع اللغة العربية المصري اليوم مؤتمره السنوي وألقى الأستاذُ الدكتور عبد الحميد مدكور(الأمين العام للمجمع) كلمة رحب فيها بالسادة الحضور من داخل مصر وخارجها، وذكر فيها أن مؤتمر هذا العام ينعقد تحت عنوان: “اللغة العربية وتحديات العصر: تصورات، واقتراحات، وحلول”
وقد جاء هذا العنوان ليستهدف تحقيق غايتين متكاملتين:
أولاهما: دراسة واقع اللغة العربية وما تواجهه من تحديات وعقبات دراسة جادة، استقرائية واقعية، تشخص الواقع، كما هو، بدون إغراق في اليأس، ولا إغراق في الخيال والأحلام.
وثانيهما: السعي إلى إيضاح السبل العلمية ووضع الحلول الجادة لحل هذه المعضلات ومواجهة تلك التحديات على نحو لا تستغرقنا فيه الجوانب النظرية – مع ضرورتها وأهميتها – بل يكون التركيز فيه على الجوانب التطبيقية، مع الإفادة من كل ما يقدمه، ويتجه التطور التقني الذي يفتح آفاقًا واسعة لتحقيق هذه الحلول كحوسبة اللغة وبناء المنصات والمدونات اللغوية وزيادة المحتوى الرقمي للغة العربية وإدخال نفائس التراث إلى هذه المنصات وتيسير معالجتها حاسوبيًّا، وابتكار البرامج الحاسوبية إلى غير ذلك من إمكانات الحاسب الآلي.
وذكر، أنه كان واجبا علينا ونحن ندرس التحديات التي تواجه اللغة العربية في واقعنا المعاصر ألا ننسى أن هذه اللغة العريقة واجهت على امتداد تاريخها الطويل تحديات كثيرة، وكان لها الظفر والغلبة في كثير منها. فقد تغلبت على لغاتٍ كثيرةٍ، وحلَّت محلها على ألسنة أصحابها، وفي عقول أبنائها، وقد ترك هؤلاء لغتهم الأولى طواعية واختيارًا، وتعلموا اللغة العربية التي هي شعار الإسلام كما قال الإمام الشافعي رضى الله عنه، ثم انتقلوا من التعلم إلى التأليف بها في كثير من علوم الإسلام؛ كعلم اللغة، والنحو، والبلاغة، والتفسير، والحديث، والتاريخ، والعقيدة، وقد أُشربوا حب هذه اللغة، حتى لقد قال قائلهم كالبيروني: “لأن أُهجى بالعربية أحبُّ إليَّ من أن أُمدح بالفارسية”.
ثم واجهت اللغة العربية تحديًا كبيرًا آخر، هو نقل تراث الحضارات السابقة على الإسلام إلى اللغة العربية، كتراث الهند، والفرس، واليونان، والسريان، وغيرهم. لكن هذه اللغة استطاعت – بما فيها من غنى وثراء ومرونة وقبول للتجدد والتطور في محتواها – أن تستوعب هذا التراث المتنوع الشامل، وكان منه علومٌ لا عهد للعرب المسلمين بها، كالفلسفة، والطب، والفلك، والرياضيات، والطبيعة، ولكن هذه اللغة استطاعت – بهِمَّة العلماء العالية وجهودهم المخلصة-أن تستوعب هذه العلوم،وأن تلبي مطالب التأليف بها، بل استطاع هؤلاء أن يبدعوا علومًا جديدة، وأن يُصحِّحوا مناهج بعض العلوم القديمة،وعبَّروا عن هذا كله بلسانٍ عربي مبين. وترتب على هذا أن أصبحت هذه اللغة لغة العلم الأولى في العالم مدة تزيد على خمسة قون باعتراف المنصفين من كبار مؤرخي العلم في أوروبا.
وعندما اتصل العالم العربي في عصره الحديث بالحضارة الأوربية الحديثة تفاعلت اللغة العربية الحديثة مع الجديد الوافد إليها، فتطورت لغة الصحافة، والعلوم اللغوية، والنقدية، والأدبية، وظهرت فيها علوم كثيرة واتسعت اللغة للشعر المسرحي، والرواية، والقصة القصيرة، وأخذ الشعر صورًا مستحدثةً، وتقلبت عبارتٍ وتراكيب وألفاظا وأساليب بعد تطويعها للذوق العربي أو عَرّبتها.
ولكن هذه اللغة تواجه في الواقع المعاصر تحديات كبرى داخلية وخارجية، لعل أهمها تحديات التقنية، وكان علينا أن نضع هذه التحديات موضع البحث والفحص والنظر، معرفةً بها، وتحديدًا لطبيعتها، وتفكيرًا في طرائق مواجهتها وحماية اللغة العربية مما يمكن أن تتضرر منه من آثارها، وهذا ما يسعى إليه مؤتمرنا.
ومن بشائر الخير أن كثيرًا من البحوث المقدمة إلى المؤتمر يتجه هذه الوجهة ويسعى إلى تحقيق هذه الغاية ومن بينها: بحث بعنوان: من البرامج الحاسوبية لتعليم اللغة العربية.
وبحث بعنوان: اللغة العربية، والتحديات المعاصرة وسبل مواجهتها في ظل مؤتمر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ومنهج مقترح لتعليم طلاب اللغة العربية مهارات حوسبة اللغة العربية وآدابها.
والذكاء الاصطناعي وتعليم اللغة العربية وتعلمها
وتجهيز البيانات من أجل تقنيات الذكاء الاصطناعي فضلًا عن دراسات نقدية لواقع تعليم اللغة العربية في مجال البحث التربوي وغير من المجالات.
ثم أضيف إليها بحث بعنوان: اللغة العربية على شبكة الانترنت.
ومن دلائل التوفيق أنها تجمع خبرة شيوخ المجمعيين إلى خبرة الشباب الواعدين، وهي دليل واضح على أن نبرة التجديد والمعاصرة تشق طريقا رشدا إلى الإفادة من التقدم.
وتنقسم أعمال مؤتمر المجمع هذا العام إلى قسمين:
القسم الأول: مخصص لعرض ما أنجزته اللجان التي ناقش المجمعه أعمالها خلال هذه الدورة المجمعية، وهي لجان: علوم الأحياء والزراعة، والتربية وعلم النفس،وعلوم البيئة، واللهجات والبحوث اللغوية، والفيزياء، والألفاظ والأساليب، والجيولوجيا، والحاسبات، ومواد من المعجم الكبير، والتاريخ والآثار، والفلسفة الإسلامية، والأنثروبولوجيا، ومعجم لغة الشعر العربي، والرياضيات، والإعلام، والهندسة، والجغرافيا، وأصول اللغة، والنفط.
وخُصِّص القسم الثاني من المؤتمر للجلسات المفتوحة التي ستُقدَّم فيها مجموعة من الأبحاث التي تنبثق من عنوان هذا المؤتمر، وسيخصص لها سبعة أيام يلقى فيها ستة عشر بحثًا مقدما من أعضاء المجمع وأعضاء مؤتمر المجمع من عدد من الدول منها المملكة العربية السعودية، والأردن، والعراق، والجزائر، والسودان، وقطر، وليبيا، وانجلترا وسوريا، كما يشارك عدد من والباحثين في المجمع، وسيكون تقديمها على النحو التالي:
- يوم الثلاثاء 23 إبريل ويلقى فيه:
– “الدفاع عن اللغة العربية في ضوء التحديات المعاصرة”بحث للأستاذ الدكتور أحمد الضبيبعضو مؤتمر المجمع من السعودية.
2- “من البرامج الحاسوبية لتعليم اللغة العربية: إنشاء برنامج يحدد الأبواب الصرفية للفعل الثلاثي المضعف المجرد”بحث للأستاذة الدكتورةوفاء كامل عضوة المجمع.
3- “النظرة المجتمعية للغة العربية: بارقات تفاؤل وبرقيَّات توجيه”بحث للأستاذة الدكتورةبسمة أحمد الدجانيأستاذ اللغة العربية بالجامعة الأردنية.
- يوم الأربعاء 24 إبريل ويلقى فيه:
1- “في مطلوبات العولمةِ صناعة شهادةدولية للغة العربية”بحث للأستاذ الدكتور حسن بشير صديقعضو مؤتمر المجمع من السودان.
2- “اللغة العربية والتحديات المعاصرة وسُبل مواجهتها في ظل توفُّر تقنيات الذكاء الاصطناعي”بحث للأستاذ الدكتور أيمن شاهين(الخبير بالمجمع).
3- “العربية بين التصور المثالي والتحقق الحياتي”بحث للدكتور أسامه أبو العباس (الباحث الأول بالمجمع).
- يوم الخميس 25 إبريل ويلقى فيه:
1- “الواقع الحضاري وتأثيره على اللغة العربية”بحث للأستاذ الدكتور عائض الرداديعضو المجمع المراسل من السعودية.
2- “حاجة اللغة العربية في التحليل الصوتي وفي غيره إلى حروف دولية برسمها”
بحث للأستاذ الدكتور محمدخليفةالأسودعضو المجمع الليبي.
3- ” مستويات التواصل اللغوي بين القارئ والنَّص الروائي العربي “بحث للدكتور محمودعبدالباري تهامي الباحث بالمجمع.
- يوم السبت 27 إبريل ويلقى فيه:
1- “أفكار في عنوان مؤتمر المجمع: اللغة العربية وتحديات العصر…”
بحث للأستاذ الدكتور صالح بلعيدعضو المجمع المراسل من الجزائر.
2- “العَربيَّةُ والتَّعليموعيٌ لغويّ وبناءٌ معرفيّ”بحث للأستاذ الدكتور يوسفالعيساويعضو المجمع المراسل من العراق.
3- ” نحو تأصيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أقسام اللغة العربية وآدابها”
بحث للدكتور عمروالجنديالباحث بالمجمع.
- يوم الإثنين 29 إبريل ويلقى فيه:
1-” الذكاء الاصطناعي وتعليم اللغة العربية وتعلُّمها”
بحث للأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت رئيس مجمع اللغة العربية الأردني.
2- “الازدواج اللغـــــوي في روايـــــة عـــرس الــــــزين للـــطيـــب صـــالح”
بحث للأستاذ الدكتور بكري محمد الحاج عضو مؤتمر المجمع من السودان.
3- “القبول المجتمعي للألفاظ الجديدة”
بحث للأستاذ الدكتور قاسم طه السارة الخبير بالمجمع.
يوم الثلاثاء 30 إبريل ويلقى فيه:
1-” البُعد المؤسسي في حماية الفصيحة ورواجها والنهوض بها”
بحث للأستاذ الدكتور مُصلح النجار أستاذ الأدب والنقد بالجامعة الهاشمية.
2- “جهود مجمع اللغة العربية في التقريب بين الفصحى والعامية: حلول مقترحة لمشكل الازدواجية اللغوية”بحث للأستاذة الدكتورةإيمان السعيد الخبيرة بالمجمع.
3- “الأدب الرقمي وتداولية النَّص التشعُّبي”
بحث للدكتور هشام زغلول عبد الفتاح الخبير بالمجمع.
- يوم الأربعاء 1 مايو ويلقى فيه:
1- “البحث التربوي في تعليم اللغة العربية: صيحة إيقاظ وإصلاح”
بحث للأستاذ الدكتور محمود كامل الناقةعضو المجمع.
2- “تجهيز البيانات من أجل تقنيات الذكاء الاصطناعي”
بحث للأستاذ الدكتور محسن رشوانالخبير بالمجمع.
3- “اللغة العربية على شبكة الإنترنت (المحتوى الرقمي العربي)”
بحث للأستاذ الدكتور عبد العزيز عبد الله السبيعيعضو المجمع المراسل من قطر.
وسوف تعقد مائدة مستديرة يوم الأحد 28 إبريلتناقش فيها “مشكلات الترجمة”، يرأسها ويديرها: الأستاذ الدكتور محمود الربيعي عضو المجمع.ويتحدث فيها:
أ. د. محمد فهمي طلبة عضو المجمع.
أ. د. محمد عبد الحليم عضو مؤتمر المجمع.
أ. د.كرمة سامي مديرة المركز القومي للترجمة.
أ. د. سامي محمد رجب مندور أستاذ اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر.
ثم ستعقد الجلسة الختامية صباح يوم الخميس 2 من مايو 2024م، يرأسها الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عبد الحافظ، رئيس المجمع، ويلقي فيها التقريرَ الختاميَّ عن أعمال المؤتمر الأستاذُ الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام للمجمع، ثم تُجرى مناقشة للاقتراحات والتوصيات التي انتهى إليها المؤتمر قبل إعلانها.
ويمكن القول إن هذا التحدي لا يحتاج إلى العقول الذكية لبمدربة على التقنية وإمكاناتها بل إنها محتاجة إلى عوامل كثيرة مساعدة، تكون سندا وقوة دافعة لها، فهي تحتاج إلى فرق علمية تجمع اللغويين والتقنيين، كما تحتاج إلى إنفاق سخي، وإلى شعور عظيم بالانتماء، ونَفَس طويل، وعمل منظم، ورغبة قوية في نصرة هذه اللغة والدفاع عنها.
وكالات