أخبارسلايدر
أخر الأخبار

انقسام بجبهات الدعم السريع وجناحه السياسي يتراجع.. فهل أصبحت الكرة في ملعب البرهان؟

يشهد الميدان تقدمًا واضحًا للجيش السوداني والقوات المتحالفة معه، وتقهقرًا كبيرًا لقوات الدعم السريع وفقدانها لكثير من المناطق التي ظلت تسيطر عليها منذ بداية الحرب وتحديدًا في العاصمة الخرطوم، في وضع ينذر بالوصول بها إلى حالة انهيار مفاجئ، خاصة أن الخلافات بين المكونات القبلية داخل هذه القوات آخذة في الاتساع مع اشتداد المعارك.

وخلال خطاب قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بمناسبة عيد الاستقلال السوداني، أكد أن الحسم العسكري لصالحه بات قاب قوسين أو أدنى، ويريد أن يشرع في رسم إطار لما سيكون عليه المشهد السياسي بالبلاد بعد الحرب، و إطلاع المجتمع الدولي على هذا الإطار، وإشهاده عليه، لقطع أي شكوك قد تنتاب القوى الدولية الفاعلة حول المستقبل السياسي في السودان، وبصورة أكثر تحديدًا حول دور الجيش في السلطة ومصير الحكم المدني.

كما أراد البرهان إغلاق الباب عمليًا أمام أي مبادرات أو اتفاقات سابقة أو لاحقة للتفاوض مع قوات الدعم السريع حول تسوية تعيدها إلى وضعها السابق ما قبل 15 أبريل 2023.

وبالمقابل، فإن القوى والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الأهلية والرموز الطائفية التي ساندت الدعم السريع في الحرب، وعلى رأسها تنسيقية (تقدم) برئاسة حمدوك والمتحالفين معها، لن يكون لهم أي دور في مستقبل السودان ولن يكونوا جزءًا من أي وفاق سياسي.

ومن المفارقات المرتبطة بحالة العزلة المفروضة في الوقت الحالي من مجلس السيادة والجيش السوداني تجاه  قوى الحرية والتغيير التي كانت تعرف اختصارًا بـ (قحت) قبل أن تتحول إلى (تقدم) لاحقًا بعد نشوب الحرب، أن هذا التحالف الذي أسسه رئيس مجلس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك أكد على النص الوارد في الوثيقة الدستورية الذي يقول بشمول العملية السياسية لكل القوى السياسية، ما عدا حزب المؤتمر الوطني (الذي يمثل الإسلاميين)، أصبح اليوم تنطبق عليه نفس العبارة، على لسان مندوب السودان في الأمم المتحدة.

وبذلك فالإسلاميين سيكونون جزءًا من المشهد السياسي القادم بحكم وقوفهم المعلن مع الجيش ضمن “المقاومة الشعبية” التي تقاتل الدعم السريع تحت إمرته، فضلًا عن دعمهم وتأييدهم لسياسات الحكومة وتعاطيها مع الشأن العام السوداني وحركتها الخارجية، وموقفها من بعض القوى الإقليمية، وتحالفاتها مع بعض القوى الفاعلة على الصعيد الدولي، وهو تطور مهم يعكس حجم التغيرات الهائلة التي أحدثتها الحرب في مصفوفة التحالفات السياسية على المسرح السياسي في الداخل.

كذلك فإن حركات الكفاح المسلح المساندة للجيش والمعروفة بـ (القوات المشتركة) هي الأخرى سيكون لها دور سياسي بعد الحرب، عبر أذرعها السياسية، وحواضنها الاجتماعية. ويقتضي تحقيق ذلك، توفيق أوضاع هذه الحركات فيما يتعلق بالشق العسكري لها، وهذا ربما يتم وفق ترتيبات فنية خاصة يتفق عليها لإدماجها في الجيش والقوات النظامية الأخرى، وهو الحل الأوحد الذي يضمن تفادي تكرار تجربة قوات الدعم السريع، وتحقيقًا لمبدأ وحدة وقومية المؤسسة العسكرية. وفكرة الدمج تجد ترحيبًا واسعًا من قبل هذه الحركات حاليًا، وهو ما لم يكن مقبولًا لديها في السنوات التي سبقت الحرب.

ومن المتوقع أن تثير هذه التطورات بشأن مبادرات الحل السلمي وإطلاق العملية السياسية بعد الحرب جدلًا واسعًا خاصة في أروقة القوى السياسية المساندة للدعم السريع، ومن ورائها القوى الإقليمية الداعمة لها التي بدأت تستشعر ضعف الموقف العسكري الميداني، وتصاعد الخلافات داخل جناحها السياسي (تقدم) بخصوص مقترح تشكيل حكومة منفى، وهو خلاف مرشح للتفاقم بما يمكن أن يفضي إلى انقسام ، وينتج عن ذلك خروج هذا الجسم عن دائرة التأثير والفعل السياسي في الحياة السياسية في السودان، ودخولها في نفق مظلم.

ليكون ذلك دليلا على أحد أمرين هو استسلام هذه القوى ومن خلفها، أو السعى إلى إيجاد روافع أخرى تعيدها إلى دائرة الفعل رغم انسداد مسالك العودة بعد شراكتها طيلة أشهر الحرب لقوات الدعم السريع بما ارتكبته من جرائم في حق المدنيين وثقتها مؤسسات حقوقية وصحفية كبرى عديدة حول العالم.

ليتبقى السؤال الأكثر أهمية هو: هل ستتخلى القوى الإقليمية الداعمة للدعم السريع وجناحها السياسي عنهما مقابل صيغة تسوية تضمن لها مصالحها؟ وهل الحكومة السودانية على استعداد لتقديم تنازلات لهذه القوى مقابل رفعها يدها نهائيًا عن الدعم السريع وجناحها السياسي؟!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى