أقلام حرة

بادية شكاط تكتب: وقد تكون فرنسا أحق بالذهبية من الجزائر

لا شك أن عنوان هذا المقال قد استفز مشاعر الكثير من الجزائريين المعادين حد النخاع لفرنسا، قائلين وكيف يمكن لجزائرية أن تقول أن فرنسا أحق بالذهبية؟

غير مدركين أنهم من أهدوا لفرنسا الذهبية، يوم أن صفقوا لامرأة جزائرية ارتقت على منصة في فرنسا وقد خلعت حجابها الذي ناضلت فرنسا لأجل أن تخلغه عن عفيفات الجزائر لأكثر من قرن ومازالت الى يومنا هذا تحاول، وغير مدركين أنهم قد أهدوا لها الذهبية حين شجعوا امرأة حاربت لأجل هرموناتها غير الذكورية ولم تحارب لأجل فطرتها الأنثوية، وهي المسلمة السوية، فاسترجلت إلى أن أصبحت أمام الناظرين بلا هوية، وإذ أقول هذا الكلام فليس قدحًا في ايمان، فالله رقيبها وهو وحده حسيبها، ولست عليها ولا على غيرها وصية، إنما في أيدينا معشر الكُتَّاب من نفوس هذه الأمة وديعةً يجب علينا تعهدها، والاحتفاظ بها والحدب عليها كما قال المنفلوطي رحمه الله، فعذرًا إيمان، فقد آمنتُ بك جزائرية في روحها القتالية الثورية، لكنك قد أخطأتِ الحلبة، فتلك حلبة وهمية، والحلبة الحقيقية هي في الساحة الفكرية والسياسية، أو في الساحة الجهادية كما فعلت من قبل المجاهدة الجزائرية لالة فطيمة نسومر وغيرها.

وجميعنا يذكر البطولة الحقيقية للجزائريتين اللتين طُعنتا غدرًا قبل سنوات لأجل حجابهما في فرنسا، كما أن التاريخ قد سطر بحبر من ذهب قصة الجزائريات اللواتي قامت الحكومة الفرنسية بانتقائهن، فأدخلتهن المدارس الفرنسية، وألبستهن الملابس الفرنسية، ولقنتهن الثقافة الفرنسية، وعلمتهن اللغة الفرنسية، حتى أصبحن كالفرنسيات، وبعد أحد عشر عاما من الجهود هيأتهن لحفلة مرور مائة عام على احتلال فرنسا للجزائر، ودعي إليها الوزراء و المفكرون والصحفيون، ولما بدأت الحفلة، فوجئ الجميع بالجزائريات يدخلن محجبات بلباسهن الإسلامي، فثارت ثائرة الصحف الفرنسية وتساءلت :ماذا فعلت فرنسا في الجزائر إذن بعد مرور أزيد من قرن؟! فأجاب لاكوست وزير المستعمرات الفرنسية حينها قائلا: “وماذا أصنع.. إذا كان القرآن أقوى من فرنسا؟”

وإن كانت عيوننا قد فاضت دموعًا ونحن نرى علمنا الجزائري يرفرف بين علمين يتنافسان على قيادة العالم، فإن ما رأيناه للأسف هو الأقرب للوهم منه الى الحقيقة، فعلو راية الجزائر الحقيقي هو يوم نحقق نصرًا لغزة، أو ننال انتصارًا بعزة ،وستبقى قلوبنا واجفة خوفًا على أجيال بعدنا سترى الوطن مجرد وثن مُفرَغ من الهُوية، أو قالب قد هجرَته جميع القيم الروحية، ولن يكتمل لنا استقلال، ولن تتضح لنا معالم شخصية إلا إذا كنا في تدافع مع كل من يجهزون على ديننا، ويريدون تشويه هويتنا، فالإسلام هو قلب تقي وعقل ذكي كما قال الغزالي رحمه الله،،ولنصم الأذان عن سفاسف ايلون ماسك أو تهريجات ترامب وأمثالهما، وهل يمكن لمن مازال في الحظائر البهيمية أن يعلّم أسياده الكرامة الإنسانية؟

تحيا الجزائر والذل والخزي لفرنسا وأخواتها

بادية شكاط

كاتبة جزائرية، ورئيسة مؤسسة دبلوماسيون الدولية في واشنطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى