شهدت مدينة بروكسل يوم 6 سبتمبر 2025 تجمعاً بارزاً نظمه الإيرانيون المقيمون في الخارج، أكد من خلاله المشاركون على طموحاتهم لتطوير الوضع السياسي في بلادهم.
لم يكن هذا الحدث بحسب المحلل السياسي الإيراني شهريار كيا مجرد تجمع عابر، بل انعكاساً للرؤى المتنوعة التي يطرحها الإيرانيون حول مستقبلهم، وسط حضور إعلامي دولي ملحوظ.
وقد تميز التجمع بمشاركة واسعة من الجالية الإيرانية في أوروبا، مما جعله فرصة لعرض أفكار حول بناء نظام أكثر عدلاً، مع التركيز على الديمقراطية كخيار محتمل. هذا الحدث، الذي جاء في سياق مناقشات مستمرة حول التحولات في إيران، أبرز الدور النشط للإيرانيين في المهجر في صياغة رؤى مستقبلية.
صرخة ضد استبداد الملالي
كان هذا التجمع، الذي يشبه أمثلته السابقة في عواصم أوروبية وأمريكية، تعبيراً عن استمرارية الجهود الجماعية للإيرانيين رغم التحديات مثل القمع السياسي، الضغوط الاقتصادية، والتشتت الجغرافي.
وقد عكس حضور حضور الآلاف من الإيرانيين بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس حركة سياسية بارزة، إلى جانب دعم من شخصيات دولية، قدرة هذه المبادرات على تجاوز العقبات وجمع الأفكار حول قضايا مشتركة.
هذا التنظيم يبرز كمثال على كيفية تحويل الطموحات الفردية إلى حركة جماعية تهدف إلى تعزيز الحلول السياسية، مما يضيف بعداً جديداً للنقاش حول مستقبل إيران.
يأتي معنى هذا التجمع من خلال عرضه لخيار منظم يمكن أن يساهم في تطوير الوضع السياسي في إيران. المشاركون ركزوا على فكرة بناء نظام ديمقراطي، مستندين إلى تنظيم متماسك ورفض أي شكل من أشكال الاستبداد، سواء في الماضي أو المستقبل.
هذا النهج، الذي ناقشته شخصيات مثل مريم رجوي، وفق المحلل السياسي الإيراني، شهریار کیا يقدم رؤية تهدف إلى تحقيق استقرار سياسي من خلال الاعتماد على وحدات نشطة داخل وخارج إيران. على الصعيدين المحلي والدولي، يُنظر إلى هذا النهج كبديل محتمل يتمتع بدعم واسع، مما يفتح المجال لمناقشة أعمق حول الخيارات المتاحة.
مجاهدي خلق مسيرة نضال طويلة
تطرح التجربة سؤالاً جوهرياً: ما الذي يمكن أن يحقق مثل هذا التنسيق الكبير بين الإيرانيين في الخارج رغم التحديات اليومية مثل العمل، الهجرة، والضغوط الاجتماعية؟ الإجابة تكمن في الدافع الداخلي للمواطنين، حيث يلعب حب الوطن والأمل في مستقبل أفضل دوراً رئيسياً.
لكن النجاح يعتمد أيضاً على وجود مؤسسة قادرة على توجيه هذه الطاقة المتنوعة إلى هدف مشترك. التجربة أثبتت أن التنظيم المنظم والمؤسسي، الذي يعتمد على خبرة طويلة، هو العامل الأساسي في خلق مثل هذه الفعاليات الضخمة، مما يعزز من قدرة المجتمع على مواجهة التحديات.
على المستوى الدولي، لاقى هذا التجمع صدى واسعاً، حيث أبرز دور الإيرانيين في صياغة بديل سياسي منظم. حضور شخصيات دولية وتغطية وسائل الإعلام العالمية أكدا على أهمية هذا الحدث كدليل على وجود قاعدة اجتماعية داعمة. هذا الدعم يعكس الاهتمام المتزايد بإيجاد حلول للأزمات السياسية في إيران، مما يضع التجمع في سياق أوسع من النقاش الإقليمي.

من ناحية أخرى، أثارت ردود الفعل الرسمية في طهران تساؤلات حول طبيعة هذا الحدث. التصريحات الإعلامية الخاصة بالسلطة ركزت على الجوانب السلبية،
لكنها أشارت بشكل غير مباشر إلى التحدي الذي يمثله هذا التنظيم. هذا الرد يعكس حاجة إلى حوار أكثر شمولاً لفهم الديناميكيات الداخلية والخارجية للمجتمع الإيراني، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية.
في النهاية، لم يكن تجمع بروكسل يوم 6 سبتمبر مجرد حدث عابر، بل مساهمة في رسم خارطة الطريق نحو مستقبل مختلف. أظهر هذا اليوم أن الجهود المنظمة يمكن أن تكون أداة فعالة للتعبير عن الطموحات، مما يفتح الباب أمام استكشاف خيارات جديدة للتغيير في إيران.