مقالات

بعبع العلمانية في الديار الشامية بين التضخيم المخادع والايقاع المفاجئ!

إضاءات سياسية شامية في مشروع البناء والتغيير

مضر أبو الهيجاء

أفلحت -بفضل الله- دماء الأحرار بهدم مرتكزات الباطل في أرض الشام إلى غير رجعة، وواهم من ظن أن سيول الأنهار من دماء السوريين مجرد محطة يمكن القفز عنها، بل هي بداية لمسار جديد دونما رجعة.

لقد كنس ثوار الشام تاريخا مهينا مذلا فرضه الغرب على منطقتنا ولم يدم أكثر من قرن، فمنذ الاعلان عن سقوط الخلافة عام 1924 حتى تحرير حلب وحمص ودمشق عام 2024 مضى على الأمة قرن ذاقت فيه شعوبنا الويلات -ولا تزال-، وما أن تحرر شعب الشام من تلك الحقبة، وكنس قياداتها ومنظوماتها وأيدولوجياتها حتى فزع الغرب وظهرت قرون الشيطان بارزة في ثوب علماني وخطاب عهر سياسي ناعم من جديد!

لا يوجد في سورية مكون علماني اجتماعي أيديولوجي حقيقي رسالي ومنظم، ولكن بقايا فلول وعبدة شياطين وأذرع حقيقية للمخابرات الغربية.

إن جوهر ومضمون الحراك الجديد تحت عباءة العلمانية الأيديولوجية والسياسية، -والذي أطل بقرونه في مظاهرة بساحة الأمويين بدمشق-

يعبر عن ثلاثة اتجاهات هي:

1/ عبيد وفلول منظومة النظام البائد، والذين لم تتحمل عقولهم زوال معبودهم للأبد.

2/ أصحاب الشهوات الذين يؤرقهم المقدس ويبحثون بلهفة عن المدنس.

3/ بذور أذرع الأجهزة الأمنية والمؤسسات الثقافية للمنظومة الغربية.

الشرعية الثورية

من نافلة القول الإشارة الى حجم الشرعية الثورية، والتي حققت وأنجزت تحريرا لأهم مدن إقليم الشام في غضون عشرة أيام ودونما دماء، وذلك في ظاهرة نادرة في تاريخ الصراعات البشرية، وكذلك الإشارة للهوية الثقافية الجمعية الغالبة التي عبرت عنها صلوات جماعية في أوساط النخب الطلابية، الأمر الذي يشير الى فشل المنظومتين الغربية والأسدية المتوحشة في اتلاف هوية وانتماء الجيل الجديد في سورية، وذلك بعد قرن من التدمير الممنهج ثقافيا والمرعب أمنيا.

وخلاصة القول لقد سقط الطاغوت والطاغية الى غير رجعة، وهي مسألة تدعو للفرح والابتهاج والأمل الواعد الذي يحرضنا على العمل ثم العمل ثم العمل، فقد عادت سورية للأمة، وهي في طريقها للانعتاق -بإذن الله- كأول دولة تقترب من التحرر منذ مائة عام.

وحتى يتحقق المنشود وننجز المعقود لابد من عمل ناضج يسبقه تفكير هادئ -ولا تربكه أصوات ونزغات العلمانيين التي تؤزها الشياطين- وذلك حتى يستطيع أن يضع خطته وفق فهمه العميق والمتوازن لتحديات قائمة ومخاطر قادمة، يعيد فرزها ويرتب أولوياتها، ويصنع لكل منها فريق من الذين كانوا يصلون لله في الطرقات فرحين وبنصره مستبشرين.

إن عمليتي الهدم والبناء أوجب واجبات الوقت في مدن الشام المحررة من الطواغيت، وهي اليوم أوجب منها في الغد، حيث امكانياتها حاضرة، وجدواها فاعلة، ونسيجها البشري حاضر مضح مستعد وينادي قيادته قائلا هل من مزيد.

هدم الباطل

ومن الواجب الإشارة بوضوح إلى أن الصورة المنشودة في استكمال هدم الباطل، واستكمال بناء الخير اللازم،

لا يمكن أن تتحقق دون أن يكون لها رأس يعقل ويفكر ويقرر،

ولا مانع أن يكون رأسه كالزبيبة، بشرط ألا يكون عقله كالزبيبة،

الأمر الذي يوجب دورا للعلماء العاملين الربانيين الغيورين المنتمين من الذين يتصفون بشجاعة الموقف في وقته اللازم،

وذلك ليصنعوا قيادة جماعية تعكس تاريخ ووزن الشام قبل أن يصوغها الشيطان المتحكم في مصائر البلاد والعباد.

إن العلمانية التي أطلت برأسها في ساحة الأمويين بدمشق، ليست علمانية فلسفية تعبر عن أزمة أو صراع هوية،

كما عاشته لبنان وتونس وتركيا في خمسينيات القرن الفائت، بل هي مشروع تلتقي فيه إرادة أصحاب الشهوات وفلول الطاغية في الداخل مع إرادة الغرب،

الذي يرى أفول مشروعه في عموم المنطقة بعد أن انطفأت نيرانه في أرض الشام بسورية.

وبناء على ما تقدم فإن المواجهة مع هذا العبث والخبث لا تكون فلسفية -لاسيما وعموم أهل الشام أحرار مع الثورة-

وإنما تكون بأدوات ذكية ووسائل احترافية وأفكار إبداعية تفسد الطبخة الغربية وتقطع الخيوط والقنوات الطائفية.

إن أقل ما يمكن عمله في مواجهة حراك وهم العلمانية، أن تخرج عقبه مظاهرة مليونية في عموم مدن سورية

وتعلن بلا خجل ولا وجل ولا دونية، نريدها إسلامية ولن نتراجع عن معركة الهوية،

ومع كل ظهور شاذ لأصوات متصلة بالخصوم المتربصين، يمكن استخدام الوسيلة الناجعة والدائمة،

وهي صوت الشعب المعبر عن الإرادة الحقيقية.

وبكلمة يمكن القول أن حجم ما يتمتع به المشروع الإسلامي في سورية من مشروعية، ي

جعل المطلوب الأكبر ليس فلسفيا ولا طرحا فكريا في مواجهة العلمانية، بل وسائل وأدوات فاعلة وناجعة متصلة بأصل الهوية.

إن كل المعارك ستكون سهلة أمام معركة استقلالية -أو مصادرة- الإرادة السياسية،

فهي الركيزة الكبرى والنهائية في تحديد مستقبل الشام في سورية الجديدة والقادمة.

اللهم فكما أكرمت الشام وأهلها بالنصر من عندك، فأعنهم على تمكين دينك واكسر عدوهم يارب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى