الكتاب: الثورة الفرنسية
التأليف: فرانسوا فوريه وديني ريشيه
تايخ النشر : 2012
تاريخ الإصدار بالفرنسية : أول مرة عام 1965
اسم الكتاب الاصلي بالفرنسية: La Révolution française – (Denis Richet) – (François Furet)
الفكرة الرئيسية
يحاول هذا الكتاب إعادة تفسير الثورة الفرنسية من منظور سياسي واجتماعي بعيد عن الأساطير الثورية، مركزًا على التغيرات العميقة في البنية الاجتماعية والثقافية والمؤسسية، ومدى تعقيد الأحداث التي أدت إلى سقوط الملكية وصعود الجمهورية، مع تحليل العقل الثوري نفسه.
المحاور
الثورة كمشروع سياسي لا كفعل عفوي
يرفض المؤلفان الرواية الكلاسيكية للثورة كحدث شعبي صرف، ويقدمانها بوصفها مشروعًا سياسيًا واعيًا قاده نخبة من المثقفين والسياسيين (الطبقة الوسطى)، كانت تهدف إلى إنهاء الامتيازات الأرستقراطية وبناء نظام جديد يقوم على المواطنة والحرية والعقل.
نقد الرواية الماركسية للثورة
يعارض فرانسوا فوريه التفسير الماركسي الذي يرى في الثورة صراعًا حتميًا بين الطبقات (البرجوازية مقابل النبلاء)، ويرى بدلًا من ذلك أنها نتاج تطور في الفكر السياسي والاجتماعي والثقافي، خاصة من خلال تأثير أفكار التنوير.
تحليل تطور المؤسسات
يقدّم الكتاب عرضًا تحليليًا لتحوّل المؤسسات: من الملكية المطلقة إلى الجمعية الوطنية ثم الجمهورية، مع تركيز على كيفية محاولة القوى المختلفة (الملك، النبلاء، رجال الدين، الشعب) السيطرة على السردية السياسية.
دور العنف والإرهاب الثوري
يتناول المؤلفان مرحلة الإرهاب التي قادها روبسبيير، لا بوصفها انحرافًا، بل كنتيجة منطقية لتمجيد “إرادة الشعب” واحتكار الحقيقة الثورية، وهي لحظة يكشف فيها عن حدود الديمقراطية عندما تنفصل عن القانون.
الثورة بوصفها بداية الحداثة السياسية
يؤكد الكتاب أن الثورة الفرنسية لم تكن مجرد حدث في التاريخ الفرنسي، بل لحظة مفصلية دشّنت السياسة الحديثة، حيث ظهرت مفاهيم السيادة الشعبية، والمواطن، والدستور، والحقوق.
الكتاب
الكتاب صدر أصلًا بالفرنسية في مجلد واحد عند نشره لأول مرة سنة 1965 ب 630 صفحة ويعتبر كتاب ثقيل بالحمل والقراءة
لكنه في بعض الطبعات لاحقًا جرى تقسيمه إلى جزئين منفصلين لأسباب الطباعة وسهولة القراءة، وليس لأن المؤلفين كتبوه في مجلدين مستقلين.
الإصدارات الشائعة:
النسخة الكاملة في مجلد واحد: حوالي 630 صفحة (تختلف قليلًا حسب الطبعة والناشر).
طبعات : تُقسّم إلى جزئين، كل جزء نحو 315 صفحة
الجزء الأول: من الملكية المطلقة إلى الثورة
المحاور
الأزمة القديمة للنظام الملكي
يشرح هذا القسم أزمة النظام القديم (Ancien Régime)، خصوصًا الأزمة المالية والإدارية التي عصفت بالملكية الفرنسية في القرن الثامن عشر، وكيف أسهمت في تآكل شرعيتها.
صعود الفكر التنويري
يعرض تأثير فلسفة التنوير على نزع الهالة القدسية عن الملكية والتراتبية الاجتماعية، ويركّز على الدور المركزي للنقد العقلي والأدبي.
انفجار الأزمة السياسية والاجتماعية
يسرد اللحظات الحرجة بين اجتماع الهيئات (États généraux) وانهيار السلطة الملكية، وتصاعد المطالب الشعبية إلى إعلان حقوق الإنسان والمواطن.
ميلاد الشرعية الجديدة
يناقش كيف تطوّر خطاب المواطنة والسيادة الشعبية، وتشكّلت القيم التي ستصبح نواة الجمهورية.
الجزء الثاني: الجمهورية والثورة العنيفة
المحاور
تفكك النظام الاجتماعي
تحليل كيف ألغت الثورة الامتيازات الإقطاعية وغيّرت نظام الملكية والكنيسة والعلاقات الاجتماعية جذريًا.
صعود الإرهاب الثوري
دراسة مفصلة لصعود روبسبيير ولجنة السلامة العامة، وتحوّل الثورة إلى حكم مركزي يستعمل العنف باسم الشعب.
المقاومات الداخلية والتمردات
يغطي الثورات المضادة وتمرد الفلاحين في مناطق مثل الفانديه، وحركات المعارضة ضد الإرهاب.
إرث الثورة وبداية الحداثة السياسية
يناقش كيف أن الثورة لم تنتهِ مع سقوط روبسبيير، بل تركت إرثًا طويل الأمد: الجمهورية والدستور والمساواة القانونية، ولكن أيضًا مركزية الدولة.
الاستقبال النقدي
إيجابيات
أُشيد بالكتاب على اعتباره نقطة تحول في كتابة تاريخ الثورة بعيدًا عن الرواية الأيديولوجية.
أسلوبه التحليلي العميق جعله مرجعًا أساسيًا في دراسة الثورة من منظور فكري.
جمع بين التحليل السياسي والسوسيولوجي بطريقة سلسة.
سلبيات
انتُقد عند صدوره من التيارات اليسارية التي رأت في رفض فوريه للماركسية تنكرًا لبُعد الصراع الطبقي.
اعتبره البعض “نخبويًا” لأنه يركّز على النخبة الثورية والمفكرين أكثر من الطبقات الشعبية.
المغزى من الكتاب
الثورة الفرنسية لم تكن مجرد انفجار شعبي بل تأسيس لفكرة جديدة عن الدولة والمجتمع والمواطن. والدرس العميق الذي يعرضه الكتاب هو أن النوايا الثورية، إن لم تُضبط بالقانون، يمكن أن تنقلب إلى استبداد باسم الشعب.
نبذة عن المؤلفين
فرانسوا فوريه (François Furet): مؤرخ ومفكر فرنسي بارز (1927–1997)، تخصص في الثورة الفرنسية والفكر السياسي الحديث. انتقل من الماركسية إلى الليبرالية النقدية، وأصبح من أبرز من أعادوا النظر في الرواية الثورية التقليدية.
ديني ريشيه (Denis Richet): مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الحديث، وخصوصًا القرنين السابع عشر والثامن عشر، وله دراسات في التاريخ الديني والسياسي في فرنسا.
خلاصة نهائية
يُعد الثورة الفرنسية قراءة ضرورية لمن يريد فهم الثورة خارج الشعارات، كحركة معقدة قلبت نظامًا اجتماعيًا بأكمله، وأسست للمفاهيم السياسية التي لا تزال تؤطر ديمقراطيات اليوم. الكتاب دعوة للتفكير النقدي في كيفية تحوّل الحماس الشعبي إلى نظام جديد، لكنه ليس بالضرورة أكثر عدالة ما لم يكن خاضعًا للمحاسبة والقانون.