تشهد محافظة سيستان وبلوشستان، واحدة من أفقر وأهم المناطق في إيران، موجة احتجاجات متصاعدة تعكس رفض السكان المحليين للتمييز والقمع الممنهج الذي يمارسه النظام الإيراني.
وفي مشهدين متزامنين، خرجت نساء خاش البلوشيات في مسيرة احتجاجية شجاعة، بينما اندلعت اشتباكات عنيفة بين مواطنين وقوات النظام في مدينة رودان، مما يعكس حالة الغضب العارم والتصميم على مواجهة الظلم.
وفي مدينة خاش، نظمت النساء البلوشيات مسيرة حاشدة جابت الشوارع المؤدية إلى مبنى المحافظة، رافعات لافتات تحمل أسئلة موجعة مثل: “لالي قُتلت، وخان بي بي أيضاً؛ لماذا يصمت العالم؟”، وشعار “نحن لا نغفر ولا ننسى” مكتوب على جدران المحافظة.

من جانبهن رددت المشاركات هتافات قوية مثل “الموت للنظام قاتل الأطفال”، تعبيراً عن رفضهن للجرائم الممنهجة التي تستهدف النساء البلوشيات بشكل خاص، وللتنديد بالصمت الدولي حيال هذه الانتهاكات.
وفي محافظة هرمزغان، شهدت مدينة رودان اشتباكات عنيفة بين المواطنين البلوش وقوات الشرطة بعد محاولة الأخيرة مصادرة سيارة ناقل وقود. تصدى الأهالي لهذه المحاولة، مما أجبر القوات على التراجع مؤقتاً،
لكن عودة القوات المسلحة بأعداد أكبر وفتحها النار أدى إلى إصابة عدة أشخاص واعتقال آخرين. هذه المواجهات تعكس حجم الاستياء الشعبي من سياسات القمع والتهميش التي يعاني منها سكان المنطقة.
يأتي هذا في الوقت الذي تعاني محافظة سيستان وبلوشستان من أعلى معدلات الفقر والبطالة في إيران، مما يدفع العديد من الشباب إلى اللجوء إلى أعمال خطرة مثل نقل الوقود برياً، معرضين حياتهم لخطر الموت برصاص قوات النظام. كما تسجل المنطقة أعلى معدلات الإعدام في البلاد، ما يمثل ظلماً مضاعفاً لشعب يعاني من التهميش والاضطهاد.

وتعكس هذه الأحداث أن شعب بلوشستان، رغم كل القمع والتمييز، لم يستسلم ولم يفقد الأمل. الحل الوحيد لإنهاء هذه المعاناة يكمن في إسقاط النظام الديكتاتوري وإقامة دولة ديمقراطية تحترم حقوق جميع المواطنين، وتضمن العدالة والمساواة.
من ثم يجب التأكيد علي إن النضال المستمر للنساء والشباب في هذه المناطق هو جزء من حركة وطنية أوسع تسعى إلى تحقيق الحرية والكرامة لكل الإيرانيين.
وتتجلي من مسيرات نساء خاش الشجاعة انتقالا لاشتباكات رودان العنيفة، إرادة شعب بلوشستان في مواجهة القمع والظلم. هذه الوقائع تؤكد أن التغيير الحقيقي لن يتحقق إلا عبر مقاومة شعبية منظمة، ترفض الاستسلام وتطالب بمستقبل أفضل قائم على العدالة والحرية.