يقول الكاتب ورجل الأعمال السويسري رولف دوبلي: في كتابه (فن التفكير الواضح): “لا تتحول الخرافة إلى حقيقة لأن مليون إنسان يزعمون أنها حقيقة”. ويؤكد سومرس موم: “لا يصبح الزعم الأحمق صحيحًا لمجرد أن خمسين مليون شخص يؤمنون به”.
العقل الجمعي هو الميل إلى تبني رأي الأغلبية باعتباره الأكثر صحة، دون التحقق من مدى دقته أو منطقيته. يحدث هذا الخطأ في التفكير بشكل لا واعٍ، حيث ينجرف الأفراد خلف الجماعة بدافع الأمان أو القبول الاجتماعي، بدلًا من استخدام التفكير النقدي.
كيف يؤثر العقل الجمعي على سلوكنا؟
لنفترض أنك في نزهة مع سبعة أشخاص داخل غابة، وأثناء جلوسك قرب إحدى الشجيرات، تفاجأت بأصدقائك يركضون باتجاهك هربًا من شيء مجهول. في تلك اللحظة، هل ستبقى للتحقق مما يحدث؟ أم أنك ستركض معهم دون تفكير؟
غالبًا، ستجري معهم دون أن تتأكد مما إذا كان هناك خطر حقيقي أم لا، لأن رد الفعل الغريزي يدفعك إلى الانضمام للجماعة لتأمين نفسك أولًا، والتفكير لاحقًا. هذه إحدى صور تأثير العقل الجمعي على سلوكنا في المواقف الطارئة.
أما في الحياة اليومية، فيمكن ملاحظة هذا التأثير في أمور أكثر بساطة. على سبيل المثال، في المسلسلات الكوميدية مثل Friends، يتم تشغيل ضحكات مسجلة في الخلفية أثناء إلقاء النكات. حتى لو كانت النكتة سخيفة، قد تجد نفسك تبتسم أو تضحك لا شعوريًا، متأثرًا بجو الضحك الجماعي، رغم أن الموقف ليس مضحكًا بالضرورة.
لماذا يجب أن نكون متشككين؟
العقل الجمعي قد يؤدي إلى تضليل الناس ودفعهم إلى تبني أفكار زائفة لمجرد انتشارها. لهذا السبب، عندما تدعي شركة أن منتجها هو “الأكثر مبيعًا”, فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل، بل قد يكون مجرد حيلة تسويقية لاستغلال تأثير الأغلبية على قرارات المستهلكين.
لكي نحمي أنفسنا من الوقوع في فخ التفكير الجمعي، علينا أن نمارس التفكير النقدي، ونسأل دائمًا:
هل هذه الفكرة صحيحة فعلًا أم أنها شائعة فقط؟
هل هناك دليل منطقي يدعمها؟
هل أصدق هذا لأنني اقتنعت به أم لأن الجميع يصدقونه؟
كن متشككًا، فكّر بنفسك، ولا تجعل كثرة القائلين بفكرة ما تمنحها صفة الحقيقة.
