محلل عراقي: بوتين وظف قمة آلاسكا لخداع ترامب وابتزاز حلفاء كييف الأوربيين

محلل سياسي عراقي :

*بوتين تمكن من توظيف قمة آلاسكا لخداع ترامب وابتزاز الحلفاء الأوروبيين لكييف

*إدارة ترامب لا تملك تصورا متكاملا للحرب في أوكرانيا وتتعامل معها من منظور الصفقة

*ترامب لم يمارس ضغوطا حقيقية حتي الآن علي بوتين لوقف الحرب

*روسيا لن تقدم إلا تنازلات شكلية للغرب وستتمسك بالمناطق الخمس وحياد أوكرانيا

*ضغوطا ترامب علي أوروبا وأوكرانيا سيجعل أي اتفاق لوقف الحرب هشا

*استمرار ترامب في التقليل من شأن التحالف مع أوروبا يقود لانهيار النظام الدولي

*لا خيار أمام أوروبا إلا تعزيز قدراتها العسكرية وإلمانيا وفرنسا ستقودان المبادرة

*4أهداف استراتيجية تسعي أوروبا لتحقيقها من وراء سعيها للاعتراف بالدولة الفلسطينية

*الكيان الصهيوني تحول إلي عبء استراتيجي علي أوروبا واستمرار التحالف مرتبط بسلوك تل ابيب

أكد المحلل السياسي العراقي المتخصص في الشئون الأوروبية والأمريكية د. لبيب جار الله المختار   ان إدارة ترامب، لا تملك تصورا واضحا لتسوية الأزمة في أوكرانيا بل انها تتبني مواقف ضاغطة علي كييف  للقبول باحتلال روسيا للمناطق الخمسة ،بشكل سيجعل اي اتفاق يتم التوصل إليه بدون دعم أوروبا واوكرانيا هشا وغير قابل للتطبيق.

، قال في حوار له مع “جريدة الأمة الإليكترونية “ان ترامب لم يمارس ضغوطا حقيقية حني الآن علي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، للوصول لتسوية قبل او أثناء قمة ألاسكا وبعدها بشكل يدفع موسكو للقبول بتسوية قابلة للتطبيق في اوكرانيا مشيرا الي ان ترامب يطمع في الوصول لصورة إنجاز في اوكرانيا لدعم موقف حزبه خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس

,أوضح ان استمرار ترامب في التقليل من أهمية القارة الأوروبية ،وإظهارها في مظهر الحليف الثانوي سيضعف بشدة التحالف عبر الأطلسي ويفتح الباب امام خروج أوروبا من المظلة الأمريكية ،وقد تكون له تداعيات صعبة علي الهيمنة الأمريكية علي العام بل قد يدفع التحالف الدولي الذي أسسته واشنطن للانهيار ..

واعتبر ان رغبة أوروبا في عدم تحمل المسئولية الأخلاقية عن مجازر غزة و محاولة الابتعاد عن الموقف الإسرائيلي ،و التخفيف من حدة الغضب الشعبي الداخلي ، يقف وراء مساعي بعض الدول الأوربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية ،مرجحا أن يكون هذا الاعتراف ورقة ضغط لتليين الموقف الأمريكي  من القارة الأوروبية في عدد من الملفات.

الحوار مع المحلل السياسي العراقي تطرق القضايا عديدة نعرضها بالتفصيل في السطور التالية.

*  ما هي احتمالات نجاح جهود إدارة ترامب في الوصول لنهاية الحرب الأوكرانية وهل تتسم الجدية ام أنها مجرد صفقة يرغب ساكن البيت الابيض في الوصول لها ؟

**إدارة ترامب وضعت تصورا للسلام في أوكرانيا ووقف الحرب تتضمن عدة نقاط ،أهمها  تجميد الوضع عن خطوط المواجهة والاعتراف بضم مناطق تسيطر عليها روسيا  مثل القرم والمناطق الخمسة ورفع العقوبات عن روسيا ، وهي تصورات لم تلق قبولا من كييف وحلفائها الأوروبيين .

بل واستخدم ترامب نظام المهل الزمنية والمواعيد النهائية وفقا  لعقلية التاجر ورجل العقارات ،تارة  50يوما هنا  أو أسبوعين  هناك بهدف زيادة الضغط علي موسكو ،مع فرض عقوبات ورسوم جمركية علي النفط الروسي.

بل بدت واشنطن في بعض الأوقات وكأنها تخلت عن تقديم الدعم العسكري لأ وكرانيا ،قبل أن تعود  لتقديم الأسلحة حتى  لو كان عبر قيام الحلفاء الأوروبيين بشرائها وتقديمها لكييف.

ومن هنا فإن تصور ترامب للتسوية في أوكرانيا ، يخلو من خطة واقعية ،حيث تسرع في إطلاق المفاوضات الثنائية و الثلاثية بحضور أمريكا بشكل أضر كثيرا بمصداقية الجهود حتي تيقن البعض أنها أطلقت المفاوضات دون خطط واضحة للتسوية.

*لكن لماذا كان ترامب يطلق المبادرات الواحدة تلو الأخري حول أوكرانيا ؟

** المبادرات التي أطلقها ترامب كانت مجرد تكتيكات للتفاوض أكثر منها رغبة واضحة في التسوية ،خصوصا أنها لم تترافق مع ضغوط حقيقية وجادة علي بوتين ،حتي أن واشنطن لم تشترط وقف الهجمات الروسية علي أوكرانيا بصورة عامة، او تشترط وقفا مؤقتا لإطلاق النار لعقد قمة آلاسكا  ،حتي تكرس اعتقاد بإنها غير جادة .

حتي أن ترامب كان يطلق التصريحات والوعود بالتسوية  دون وجود مسار جاد ،حيث اتسم بالتراخي ،وعرض مبادرات شملت اتفاقا مع أوكرانيا ،يتضمن الحصول علي معادن نادرة ،مقابل استمرار الدعم العسكري حتي ظهر الأمر ،كأنه صفقة أكثر منه مساع دبلوماسية جادة لوقف الحرب.

فترامب لم يظهر يوما خططا جادة ومفصلة وإستراتيجية للتسوية ،بشكل بدت مع جهود إدارته مبنية علي ضغط سياسي وإيجاد صيغة تفاوض سريعة أكثر مما هو حل سياسي مستدام للصراع.

*في هذه الأجواء كيف تري التنازلات التي يمكن ان تقدمها روسيا خلال مفاوضات التسوية ؟

**روسيا ستقدم عددا من التنازلات الشكلية ،مقابل مقايضة مرفوضة لأوكرانيا علي أراضيها والتنازل عنها للجانب الروسي ،والإقرار بسيادته عليه وهذا مبدأ خطير  ويعيد للأذهان تجربة “ميونيخ التاريخية ” في إشارة لتقسيم ألمانيا التي يعلمهاا الجميع ويرفضها الأوكرانيون وحلفاؤهم الأوروبيون.

*ما تصورك للخلافات التي تجمع بين الموقفين الأمريكي الأوروبي حول نهاية الحرب في اوكرانيا وهل تستطيع أوروبا عرقلة تسوية أمريكية الصراع تقر بسيطرة روسيا علي المناطق الخمسة؟

**حسب رؤيتي لا توجد خلافات معلنة وصريحة بين أمريكا أوروبا حول أوكرانيا ،باستثناء، الرفض الأوروبي الاعتراف بسيادة موسكو علي المناطق الخمسة ،التي سيطرت عليها روسيا  باستثناء  هذا الملف، فلا توجد خلافات ذات قيمة بين أمريكا اولأوروبيين  الذين يسعون لوقف الحرب دون خسارة أي بقعة جغرافية أوكرانية ،بشكل يخرج معها بوتين من الحرب منتصرا .

*لكن هل  ستوافق موسكو علي هذا الطرح الأوروبي ؟

**الأمر يبدو شديد الصعوبة لاسيما أن روسيا تعتبر هذه المناطق تاريخيا تابعة ،لها خصوصا ان غالبية سكانها يتكلمون الروسية ويدينون بالأرثوذكسية.

كذلك هناك خلاف أوروبي أمريكي حول حيثيات الوقف الفوري لإطلاق النار حيث تتمسك كييف وحلفاؤها الأوروبيون بضرورة عدم خروج بوتين منتصرا ،وهو ما سترفضه روسيا حيث ستتمسك بالسيطرة علي المناطق الخمسة ، ثمنا الدماء، التي قدمتها  وردعا لأوكرانيا عن التهديدات التي أطلقتها قبل بداية الصراع ،حول انضمامها للناتو ،والتي أسهمت في اندلاع الحرب.

ومن هنا فان الاعتقاد ان الرفض الأوروبي للتصور الأمريكي بالوقف الفوري لإطلاق النار مقابل تنازلات لروسيا في المناطق سيستمر ، ولكن المقاومة الأوروبية، قد لا تتجاوز التنديد أو الرفض الكلامي الدبلوماسي لقرارات ترامب ،دون القدرة علي تبني مواقف تعرقل هذا التوجه ،وأظن أن أوروبا ،تعاني حالة من الضعف والهوان التي تشبه ما يعانيه العرب في مختلف شئونهم وأزماتهم في الوقت الحالي ..

*ما قدرة القمة الأمريكية الروسية التي عقدت في ألاسكا علي  تحقيق اختراق قي الأزمة الأوكرانية وپرأيك ما هي أوراق القوة التي يمتلكها بوتين لمقارعة ترامب؟

**قمة ترامب بوتين في ألاسكا لا تتجاوز كونها ساحة لعب دبلوماسية أكثر منها خطة واضحة للسلام واضحة المعالم ،حيث سعي  بوتين بقوة  ونجح في استثمار الرموز والنظريات السياسية  لكسب وضع تفاوضي أفضل وتعزيز موقفه بل وخرج رابحا من القمة دون أن يقدم تنازلا ذا مغزي لترامب.

في المقابل يمكن لترامب ان يري في القمة  صورة لإنجاز سياسي قد يتحقق مستقبلا ، قبيل الانتخابات النصفية ،وهي ورقة ضغط قد يستخدمها ترامب للضغط علي الدول الأوروبية  الداعمة بقوة لأوكرانيا  لدفعها لتقديم تنازلات ترضي غرور بوتين .

*لكن أغلب المراقبين يرون ان بوتين قد شارك في قمة آلاسكا ولديه أوراق قوة عديدة ؟  

**لقد استطاع بوتين عبر اختيار مكان القمة في ألاسكا وهو موقع رمزي باعتبارها كانت في السابق أرضا روسية وهي رمزية استخدمت  من قبل  بوتين للتأثير ، والدعاية  السياسية حيث رفض حتي  الوصول  لوقف مؤقت الإطلاق النار او هدنة قصيرة ،بل أنه إذ وافق  في المستقبل علي وقف مؤقت للحرب فهذا لا يتجاوز كونه خطوة تكتيكية لإعادة ترتيب مراكز القوة من جانب روسيا ،لكن دون تقديم تنازلات حقيقية لاسيما انه لا توجد ضغوط حقيقية من إدارة ترامب علي بوتين للوصول لتسوية جادة وحقيقية

*كأنك تشعر أن هناك   تردد اداخل إدارة ترامب تجاه الأزمة الأوكرانية ؟

** هناك أصوات من داخل إدارة ترامب خصوصا من جانب الرئيس جي دي فانس ،تدعو لوقف تمويل هذه الحرب ،وهذا ما يترجم علي انه ورقة ضغط حقيقية علي أوكرانيا لتقديم تنازلات لروسيا.

لكن مما يزيد من صعوبة الأمر ،وعدم تحقيق القمة انفراجة وجود رفض أوكراني مؤيدا أوروبيا لعرض روسي بتبادل الأراضي ،مقابل وقف إطلاق النار ،

لذا فلن يحدث اتفاق في ظل هذا التباين ،خصوصا أن أوروبا تري أن أي اتفاق بدونها لن يكون له قيمة فضلا عن أن لكل من بوتين وترامب أجندات مختلفة فيما يتعلق بهذه القضية

فروسيا تريد الاعتراف بالسيطرة علي المناطق التي احتلتها وهو أمر سيوظفه ترامب للمساومة سواء مع روسيا او أوكرانيا، بشكل يجعل اي نجاح لقمة بوتين ترامب في آلاسكا  أو قمة ثنائية أو ثلاثية  موسعة بحضور قادة أوروبيين ، قاصرا علي الوصول لوقف إطلاق مؤقتا للحرب ،فقط دون الوصول لتسوية توقفها بشكل نهائي؟

*لا يبدو أن ترامب يكترت كثيرا بالتحالف بين ضفتي الأطلنطي وكثيرا ما يقلل من أهمية الشركاء، الأوروبيين بل صار يتصرف كأنهم غير موجودين فكيف تري مستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية خلال ولاية ترامب؟

**استمرار ترامب في تسيير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي كما جري في الولاية الأولي التي تري ان أوروبا شريك ثانوي وليس أسياسيا

والتقليل من أهمية التحالف عبر الأطلسي  بل  وتبني مواقف عدائية تجاه القارة العجوز سيحدث فتورا بين شريكي الاطلنطي ،بل ستشهد العلاقات بينهم تباعدا في عديد من الملفات والقضايا مع بقاء التعاون. ،في ملفات محدودة ،ولكن من دون روح الشراكة العميقة ،التي ميزت العلاقات التاريخية.

*لكن هذه العلاقات تحكمها عوامل سياسية واقتصادية وعسكرية ؟

**هناك  عوامل متعددة تلخص مستقبل العلاقات بين الطرفين منها الأمني والاقتصادي والعسكري والجيوستراتيجي  ،وفيما يتعلق بالجانب العسكري فان ترامب يري ان الأوروبيين، يتحملون نصيبهم المالي من أعباء الدفاع المخصصة للناتو حيث يضغط بشدة لرفع المساهمة الأوروبية في ميزانية الناتو ويهدد بتقليص مساهمة واشنطن في نفقات الحلف .

*كيف ستتعامل أوروبا مع هذا التطور ؟

**قد يدفع هذا أوروبا للعمل بقوة لتعزيز قدراتها الدفاعية ،ضمن الاتحاد الأوروبي والخروج ولو جزئيا من المظلة الأمريكية بشكل قد يقلص من نفوذ واشنطن، داخل أوروبا ويدفع لبناء، أو صعود تحالف بين العدوين اللدودين فرنسا والمانيا التي شهدت علاقاتهما صراعا وعداء حتي وقع البلدان اتفاقية عام 1962خففت الصراع  المندلع منذ 843ميلادية  لا يستبعد ان يعود مجددا.

لكن البلدين سيقودان المبادرة الأوروبية لتعزيز القدرات العسكرية ،اذا ما استمرت واشنطن في  تقليص وجودها العسكري او سعت القارة الأوروبية للخروج من المظلة الأمريكية.

*ماذا عن الجانب الاقتصادي لهذه العلاقات والمتعلقة بالرسوم الجمركية ؟

** الشق الثاني للعلاقات الأوروبية الأمريكية يتعلق بالجانب التجاري، انطلاقا من أن الجميع يدرك أن ترامب يميل لإتباع سياسات حمائية، في إطار فرض رسوم جمركية  وقيود علي الصادرات الأوروبية .

وهو نهج قد يخلف توترات تجارية جدا والكل يدرك في هذا السياق المشاكل التي حدثت بين الطرفين عام 2018 و2019حول الصلب والألومنيوم ، فضلا عن الخلافات بين الطرفين  حول القضايا الجيو سياسية.

فأوروبا وأمريكا تختلفان في كثير من الملفات الكبري ،مثل الصين وروسيا والشرق الأوسط ،حيث لا يسعي ترامب للتنسيق الجاد مع أوروبا ،بل يعمد لاتخاذ قرارات احادية  إلا إذا كان يسعي لحشد دعم أوروبي له في قضايا بعينها بشكل يكسبه شرعية دولية لتحرك بعينه.

في المقابل قد تسعي أوروبا لتبني مواقف دبلوماسية مستقلة  بعد أن شعرت ان واشنطن تتجاهل مصالحها

وهناك بعد آخر سياسي  للخلافات بين الطرفين يتمثل في التباين الإيديولوجي بين ترامب والعديد من القادة الأوروبيين ،خصوصا فيما يتعلق بملفات الهجرة والبيئة وحقوق الإنسان ،وهي خلافات تعمق فجوة الثقة وتجعل الخطاب العلني أكثر حدة.

ولكن ورغم ذلك تبقي هذه العلاقات بينهما قائمة بحكم المصالح التاريخية المشتركة ،ولكنها ستكون أكثر براجماتية تعتمد علي الصفقات الجزئية بدل الرؤي المشتركة ،بعيدة المدي بل قد نشهد أوروبا أكثر استقلالا وخروجا عن المظلة الأمريكية خصوصا في الدفاع والسياسة الخارجية.

وهو أمر قد يسهم في انهيار النظام العالمي الذي وضعت واشنطن أسسه بل يفتح الباب أمام أضعاف النفوذ الأمريكي في العالم كونه غدا بلا شريك قوي يدعمه.

*في هذا الإطار سعت العديد من الدول الأوروبية إلي الاعتراف بالدولة الفلسطينية كيف قرأت هذا التطور ؟

**في اعتقادي ان سعي عدد من الدول الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية يعد احد أوراق الضغط الأوروبية علي أمريكا، لتعديل سياساتها تجاه أوروبا في المقام الأول ،وفي ملفات اخري بشكل نسبي ،فضلا عن وجود سعي اوروبي للحفاظ علي حل الدولتين  و التخفيف من الحرج الأخلاقي الذي يقع فيه الساسة الأوروبيون أمام الرأي العام الأوروبي ،الذي خرج في مظاهرات حاشدة ومارس ضغوطا مكثفة علي الحكومات الأوروبية ،لوقف المجزرة في قطاع غزة والتدخل لإنهاء الحرب.

وفي هذا السياق  نري بلدانا مثل اسبانيا والنرويج وايرلندا،  كانت تعتزم منذ سنوات الاعتراف بالدولة الفلسطينية ،ولكن الحرب الاجرامية الدائرة بحق أهلنا في قطاع غزة بعد طوفان الأقصي دفعتهم لتحويل الأمر من تصريحات ،إلي مواقف رسمية في محاولة لتثبيت المرجعية القانونية و الدولية للصراع  ومن بينها اتفاق اوسلو

وهذا التحرك جاء إنطلاقا من ان أوروبا تدرك ان بقاء الوضع علي ما هو عليه سيدفع حل الدولتين للانهيار  بشكل يدفع لصراع  طويل ،ولهجرات ممتدة ليس من قبل سكان غزة وحدهم بل من قبل مواطنين إسرائيليين يحملون جنسيات أوروبية ،مما  يزعزع الاستقرار في المتوسط  بشكل خاص و  يمس  أمن القارة الأوروبية بشكل عام.

لا يغيب عنا في هذا السياق ان أوروبا تدعي المثالية في سياساتها امام شعوبها والرأي العام العالمي لكنها تعاني ضعفا شديدا يجعلها غير قادرة علي التأثير فيما يجري في الشرق الأوسط  بصورة مباشرة شانها شان العالم العربي.

*خلال الفترة الأخيرة غدا هناك نوع من التململ الأوروبي من ممارسات إسرائيل بشكل حول الدولة العبرية الي عبء علي الاتحاد الأوروبي ،هل تدعم هذا الطرح ؟

**دعنا نفصل هنا بين الضغوط الشعبية  وتأثيرها علي القرارات الرسمية والمواقف الحكومية  ،فمثلا استطلاعات الرأي أظهرت انخفاضا في التٱييد الشعبي للكيان الصهيوني في معظم الدولة الأوروبية خصوصا في قطاعات الشباب وأساتذة الجامعات ،ومنظمات المجتمع المدني .

وقد ظهر هذا واضحا في تنامي الحركات المؤيدة للفلسطينيين  الداعية لمقاطعة الكيان الصهيوني عبر مظاهرات مليونية ،كما جري في باريس ولندن ومدريد بشكل كرس اعتقادا بأن ما تقوم به إسرائيل يضر بصورة كبيرة  بالاتحاد الأوروبي لاسيما علي الصعيد الأخلاقي.

*هل صارت الدولة العبرية تمثل عبئا استراتيجيا علي الأوروبيين ؟

**نعم إسرائيل صارت تمثل عبئا أخلاقيا وإنسانيا جراء جرائمهم المتوحشة ضد أهالينا في قطاع غزة، في ظل وجود اتهامات لتل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين ،وهي اتهامات تلقي قناعات كبيرة في أوساط الرأي العام الأوروبي.

*هذا علي الصعيد الشعبي فماذا عن الموقف الرسمي ؟.

** علي الصعيد الرسمي ما زالت هناك قناعات بأن إسرائيل تمثل حليفا امنيا واستخباراتيا ،في مواجهة الدور الإيراني والروسي في الشرق الأوسط  فضلا عن الشراكة التجارية والعلمية ،ووجود تبادل تجاري يتجاوز عشرات المليارات سنويا

وليس أدل علي ذلك من أن الكثير من  الحكومات الأوروبية تتجنب  فرض العقوبات علي إسرائيل بشكل جاد وحقيقي وتفضل استمرار دعوة تل  أبيب لضبط النفس، بدلا من اتخاذ إجراءات عقابية تصعيديه ضد الكيان الصهيوني.

*هل سيستمر منطق المهادنة الأوروبي مع الكيان طويلا ؟

** توجه العديد من الدول الأوروبية  للاعتراف بالدولة الفلسطينية جاء في  إطار رغبة في اتخاذ، مواقف متوازنة بين طرفي الصراع وربما تقليل الارتباط المطلق بالكيان الصهيوني في ظل استمرار جرائمه الموثقة، التي قد تتحول تل أبيب معها لعبء استراتيجي حقيقي بشكل يدفع  بعض الدول الأوروبية لإعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل

*إلي أين يمكن أن يصل الأوروبيون في هذا الإطار ؟

** لن يصل الأوروبيون  لمرحلة التخلي عن الكيان بشكل كلي وقد تنتقل علاقاتهما من تحالف مطلق لتحالف مشروط مرتبط بسلوكيات الصهاينة في مختلف الملفات

وقد تكون ورقة العلاقات بين الكيان وأوروبا والتلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية اداة من أدوات الضغط علي أمريكا وربيبتها اسرائيل لاستمرار تحمل نصيبها المالي الكبير  من أعباء الدفاع المخصصة للناتو والكف عن اتخاذ مواقف عدائية تجاه أوروبا واستمرار واشنطن في تحمل  نصيبها المالي من أعباء الدفاع المخصصة للناتو حيث تضغط بشدة لرفع المساهمة الأوروبية في هذا الصدد بشكل أزعج أوروبا كثيرا.