: “……………. لا بُدَّ أَن نَبْلُغَ النَّهْرَ”..
قَالَ أَبِي الْفَحْلُ..
هَزَّ الْقَطِيعَ نِدَاهْ
إِذَنْ..
أَنتَ جِئْتَ بِنَا لهُنا..
فَلِمَاذَا سُكُوتُكَ يَا أَبَتَاهْ؟!
لِمَاذَا أَنَا الآنَ وَحْدِي..
يَسُدُّ الثَّرَى الأَنفَ..
جِسْمِي تَخُورُ قُوَاهْ؟!
ولا عُشْبَ فِي الْفَمِ..
لا شَيْءَ..
إِلاَّ لِسَانٌ إِلَى الأَرْضِ غَادَرَ فَاهْ
أَفِي نَوْمَةٍ أَنَا..
أَمْ صَحْوَةٍ..
أَمْ هُوَ الْمَاءُ يَقْبِضُنِي فِي حَشَاه؟!
هُوَ الْمَاءُ؟!
لا..
بَلْ عَدُوِّي المُخِيفُ..
عَلَى بَابِ رُوحِي..
يَلُفُّ عُرَاهْ
أَرَى ذَيْلَهُ..
قَدَمَيْهِ..
يَدَيْهِ..
أَرَى حِقْدَهُ وَغُبَارَ أَذَاهْ
أَنَا عَالِقٌ بَيْنَ فَكَّيْهِ..
رُوحِي تَرُوغُ/ تَزُوغُ/ تُفَارِقُ..
آاااااااااااهْ
************************
: “…………………… لا بُدَّ أَن نَبْلُغَ النَّهْرَ”..
أُمِّي تُرَدِّدُ قَوْلَ أَبِي كَصَداهْ
: لِمَاذَا تُقُولُونَ لا بُدَّ؟!
أَسْأَلُ..
وَالشَّكُّ يَجْرِفُ ذَاتِي هَوَاهْ
لَنَا أَرْضُنَا..
وَطَنٌ آمِنٌ
بَعِيدٌ عَنِ الْمُعْتَدِينَ الْجُنَاةْ
يُظَلِّلُنَا شَجَرُ السَّنطِ فِيهِ..
وَتَأْلَفُنَا أَرْضُهُ وَسَمَاهْ
حَوَافِرُنَا وَالنَّبَاتُ..
رِفَاقٌ كَظِلٍّ يُتَابِعُ خَطْوَ عَصَاهْ
يُبِيحُ لَنَا ذَاتَهُ مَطْعَمًا..
وَأَجْزَاؤُنَا..
– بَعْدَ حِينٍ –
غِذَاهْ
لِمَاذَا إِلَى خَطَرِ النَّهْرِ نَمْشِي – إِذَنْ –
وَتُضِلُّ الْقَطِيعَ رُؤَاهْ؟!
: هُوَ الْحَرُّ..
– تَضْحَكُ أُمِّي –
يَجِيءُ فَيَخْلَعُ جِسْمُ الْحُقُولِ رِدَاهْ
هُوَ الْحَرُّ..
فَالْجَدْبُ..
فَالْعَطَشُ الْمُتَصَبِّبُ فِي الْحَلْقِ..
بِئْسَ السُّقَاةْ!
هُوَ الأَمَلُ الصَّعْبُ يَدْفَعُنَا..
وَالسُّؤَالُ..
يُدَمْدِمُ فَوْقَ الشِّفَاهْ
: “عَلَى مَن تَدُورُ الدَّوَائِرُ..
حِينَ نَمُرُّ..
وَمَن سَتَفِرُّ خُطَاهْ”؟!
هُوَ الْقَدَرُ/ الْمَوْتُ..
فِي الْقَدَرِ/ الْخَوْفِ..
فِي الْقَدَرِ/ النَّهْرِ..
يَا نَهْرُ..
يااااااااااااهْ!
***********************
أَنَا الآنَ فِي الْهَالِكِينَ..
– إِذَن –
مَتَى/ كَيْفَ غَادَرَ خَطْوِي مَدَاهْ؟!
وَآخِرُ مَا قَرَّ فِي الرَّأْسِ..
أَنَّ الْقَطِيعَ إِلَى النَّهْرِ دَاعٍ دَعَاهْ
بَطِيءَ الْخُطَى..
هَدَّهُ الْحَرُّ..
عِشْقُ الْمِيَاهِ عَلَى حَتْفِهِ قَدْ رَمَاهْ
يُلَمْلِمُهُ خَوْفُهُ..
وَالْعَدُوُّ عُيُونٌ رَبَصْنَ بِكُلِّ اتِّجَاهْ
قُبَيْلَ قَلِيلٍ مِنَ النَّهْرِ..
ثَارَ غُبَارٌ..
تَكَاثَفَ..
غَطَّى الْجِبَاهْ……
غَدَتْ أَعْيُنُ الرَّاصِدِينَ..
زَئِيرًا..
تَفَرَّقَ جَمْعٌ..
أَضَاعَ هُدَاهْ….
تَنَاثَرَ عِقْدٌ..
عَدَوْتُ..
ابْتَعَدتُّ..
غَدَوْتُ كَصَبَّارَةٍ فِي فَلاةْ
وَمِنْ عَدَمٍ جَاءَ خَصْمِي..
بِعَيْنَيْهِ نَارٌ..
يُطَقْطِقُ لِي مَاضِغَاهْ
عَلَى الْجُوعِ يُطْبِقُ جَنبَيْهِ..
يُشْبِهُ كَوْمَةَ لِيفٍ أَوَتْ لِغَضَاةْ
طَوِيلاً..
حَسَا الْمَاءَ دُونَ طَعَامٍ..
وَجَرَّحَنِي الْعُشْبُ دُونَ مِيَاهْ
وَقَفْنَا..
كِلانَا يُحَدِّقُ فِي خَصْمِهِ..
مُفْعَمًا باللَّظَى نَاظِرَاه
لَدَيْهِ الْمَخَالِبُ..
عِندِي الْحَوَافِرُ..
مَن سَتَفِلُّ يَدَاهُ أَخَاهْ
لَهُ النَّابُ..
قَرْنَايَ لِي..
مَن يَخِرُّ؟!
وَمَنْ سَتَلُفُّ خُطَاهُ النَّجَاةْ؟!
تَحَفَّزْتُ..
عَادَ قَلِيلاً إِلَى الْخَلْفِ..
طَمْأَنَنِي لَحْظَةً مَا انتَوَاهْ
تَرَاخَيْتُ..
أَقْدَمَ..
ثَبَّتُّ رِجْلَيَّ..
عَادَ يَكِزُّ وَيَفْغَرُ فَاهْ
وَفِي زَأْرَةٍ/ وَثْبَةٍ/ ضَرْبَةٍ..
صِرْتُ فِي الأَرْضِ..
شَلَّتْ يَدَيَّ يَدَاهْ
غَدَا ظَهْرُهُ فِي الثَّرَى..
حَافِرَايَ عَلَيْهِ..
وَفِي عُنُقِي مِخْلَبَاهْ
بَدَا أَمَلٌ أَنْ أَفُوزَ..
تَدَبَّرْتُ..
حَاوَلْتُ شَيْئًا..
وَطَبْعِي أَبَاهْ
رَفَعْتُ الْحَوَافِرَ..
فَاخْتَلَّ فِي لَحْظَةٍ جَسَدِي..
ضَمَّنِي حَنَكَاهْ
عَلَى الأَرْضِ صِرْتُ..
وَأَنْيَابُهُ مُغْلِقَاتٌ عَنِ الصَّدْرِ مَجْرَى هَوَاهْ
يُغَالِبُني النَّوْمُ..
أَذْكُرُ أُمِّي؛ فَأَبْكِي..
تُضِيءُ دُمُوعِي حَصَاةْ
يَمُرُّ بِنَا الْوَقْتُ..
أَفْتَحُ عَيْنِي عَلَى غَضَبٍ..
شَبَّ فِيَّ لَظَاهْ
أَهَذَا سَيَهْزِمُنِي؟!
أُنكِرُ الأَمْرَ..
حَلْقِي يُحَاوِلُ إِطْلاقَ آهْ
تَفِرُّ:
بُرَازًا..
وَبَولاً..
وَرَفْسًا..
وَدَمْعَ وَلِيدٍ قَضَى أَبَوَاهْ
أُسَلِّمُ لِلنَّوْمِ نَفِسِي..
يَعُمُّ سُكُونٌ..
يُوَدِّعُ صَوْتٌ صَدَاهْ
***********************
أُفِيقُ..
عَلَى دَفَقَاتِ هَوَاءٍ جَدِيدٍ..
تُعِيدُ لِنَبْضِي الْحَيَاةْ
عَلَى قَلَقٍ..
تَرَكَ الْخَصْمُ مَجْرَى هَوَائِي..
رَمَى نَظْرَةً لِمَدَاهْ
تَيَقَّنَ أَنِّي هَلَكْتُ..
فَقَامَ يَدُورُ..
وَيَفْحَصُنِي فِي أَنَاةْ
بَدَأْتُ أُحِسُّ الْوُجُودَ..
الْمَكَانَ/ الزَّمَانَ..
ابْتِدَاءَ الأَذَى..
مُنتَهَاهْ
أَخَذِتُ أُلَمْلِمُ ذَاتِي..
صِفَاتِي..
أُعِيدُ إِلَى يَأْسِ رُوحِي رَجَاهْ
تَحَيَّنتُ مِن صَاحِبِي غَفْلَةً..
وَأَوْجَرْتُهُ نَطْحَةً فِي حَشَاهْ
تَمَكَّنَ قَرْنِي مِنَ الْخَصْرِ..
طَارَ غَرِيمِي..
تَهَاوَى..
الْغُبَارُ احْتَوَاهْ
عَرَفْتُ لِقَرْنِي..
– وَلَمْ أَكُ أَعْرِفُ –
قُوَّةَ نَابِ الْفَتَى وَأَذَاهْ
أَعَدتُّ..
– بِلا رَحْمَةٍ –
كَرَّتِي
تَأَوَّهَ..
إِذ ثُقِبَا خَاصِرَاهْ
رَفَسْتُ..
الْحَوَافِرُ جَاسَتْ..
فَدَاسَتْهُ..
أَدْمَتْهُ..
أَعْمَتْهُ..
تَبَّتْ يَدَاهْ
هَوَيْتُ بِثُقْلِي عَلَى الْجِسْمِ..
أَغْلَقْتُ فَتْحَةَ فِيهِ..
وَمَجْرَى هَوَاهْ
رَأَيْتُ انضِغَاطَ الْفَتَى..
رَفِسَهُ..
بَوْلَهُ..
أَدْمُعًا شَرِبَتْهَا حَصَاةْ
تَمَادَيْتُ..
وَاصَلْتُ ضَغْطِي..
تَأَوَّهَ..
أَخْرَسْتُ آَهَتَهُ وَأَسَاهْ
غَدَا ظَهْرُهُ لاصِقًا بِالْحَصَى..
وَأَنا فَوْقَهُ..
أُفْقُهُ وَسَمَاهْ
شَعَرتُ بِصَمْتٍ مُقِيمٍ..
فَلا قَلْبُهُ مِنْهُ خَفْقٌ..
وَلا رِئَتَاهْ
سَحَبْتُ عَنِ الأَرْضِ ثُقْلِي..
وَقَفْتُ..
سَرَى فِي عُرُوقِي ارْتِعَادْ نَجَاةْ
**********************
تَجَمَّعَ حَوْلِي القَطِيعُ..
وَفِي الْبُعْدِ..
كَانَ قَطِيعٌ يَلُمُّ أَنَاهْ
رَنَا لِلْقَتِيلِ رَفِيقٌ..
رَنَا لِجُرُوحِي..
تَحَرَّكَتَا مُقْلَتَاهْ
تَقَدَّمَ:
يَرْفُسُ/ يَنْطَحُ/ يَسْحَقُ..
تَدْفُقُ مِن جِسْمِ خَصْمِي دِمَاهْ
يَفِرُّ قَطِيعُ الأُسُودِ..
نَمُرُّ إِلَى النَّهْرِ..
نُطْفِي اللَظَى بِالْمِيَاهْ
نَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ..
غَيْرَ مُبَالِينَ..
تَاجَانِ لِلنَّصْرِ فَوْقَ الْجِبَاهْ
*********************
: سَتُشْفَى..
يَقُولُونَ لِي إِخْوَتِي
بِلِسَانٍ ثَقِيلٌ أُرَدِّدُ…
: آاااااااهْ
سَأُشْفَى..
وَلَكِنَّ فِي الرُّوحِ جُرْحًا يُزَلْزِلُهَا..
يَحْتَوِيهَا أَسَاهْ
أَنَا الآنَ..
لَسْتُ الْعَطُوفَ/ الأَلُوفَ/ الْمُصَادِقَ لِلْعُشبِ..
وَا أَسَفَاااااهْ
أَنَا..
قَاتِلٌ فِي يَدَيْهِ دَمٌ..
وَفِي طَرْفِ قَرْنَيْهِ ذَنبٌ جَنَاهْ
أَخَافُ عَلَى الْعُشْبِ مِنْ حَافِرِي
عَلَى السَّنطِ..
إِنْ عُنْفُ قَرْنِي ابْتَلاهْ
مَنِ الْفَائِزُ الآنَ؟!
أَسْأَلُ نَفِسِي..
وَبِالْعَيْنِ دَمْعٌ قَذَاهَا احْتَوَاهْ
مَنِ الْفَائِزُ الآنَ؟!
خَصْمِي اسْتَرَاحَ..
وَوَحْدِي بَقِيتُ أَسِيرَ الْحَيَاةْ
***********************
أُغَادِرُهُم..
وَبِحَقْلِي أَسِيرُ..
أَفِيءُ إِلَى ظُلَّةٍ فِي ثَرَاه
إِلَى سَنطَةٍ أُسْنِدُ الظَّهْرَ..
أَبْكِي..
وَفِي الضَّوْءِ تَعْكِسُ دَمْعِي حَصَاةْ
أُسَلِّمُ لِلنَّوْمِ نَفِسِي..
يَعُمُّ سُكُونٌ..
يُعَانِقُ صَوْتٌ صَدَاهْ
**********************