أعلنت السلطات الجزائرية أمس الأحد فوز الرئيس عبد المجيد تبون في الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت، بعد حصوله على 95% من الأصوات، متجنبا بذلك جولة الإعادة.
وقد حصل منافساه الرئيسيان، عبد العالي حساني شريف، الإسلامي المعتدل، ويوسف عوشيش، العلماني، على 3% و2% من الأصوات على التوالي. وسجلت نسبة المشاركة في الانتخابات 48%، وهو ما يشير إلى أن أقل من نصف الناخبين المسجلين شاركوا في الانتخابات.
وواجه تبون، الذي يحظى بدعم المؤسسة العسكرية، معارضة محدودة من منافسيه اللذين حظيا بتأييد المؤسسة السياسية القوية في الجزائر. ومع ذلك، أثارت حملة حساني شريف مخاوف بشأن المخالفات في فرز الأصوات. وزعموا أن مسؤولي مراكز الاقتراع تعرضوا لضغوط لتضخيم النتائج وأن سجلات فرز الأصوات لم يتم تسليمها بشكل صحيح إلى ممثلي المرشحين.
كما أشاروا إلى حالات التصويت بالوكالة. ورفض المتحدث باسم حسني شريف، أحمد صادق، الانتخابات ووصفها بأنها “مهزلة” وزعم أن نتائجهم أظهرت أن المرشح فاز بأصوات أكثر بكثير مما تم الإعلان عنه رسميًا. ولم يتم التحقق من هذه الادعاءات بشكل مستقل.
ورغم هذه الاتهامات، أكد رئيس اللجنة الانتخابية محمد شرفي أن جهودا بُذلت لضمان الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية. لكن تبون وحسني شريف ومرشح ثالث أصدروا بيانا مشتركا في وقت متأخر من مساء الأحد، أعربوا فيه عن مخاوفهم بشأن النتائج المؤقتة. وأشاروا إلى وجود تناقضات وتناقضات في الأرقام التي أصدرتها اللجنة الانتخابية ودعوا إلى توضيحها.
وتشير إعادة انتخاب تبون إلى استمرار سياساته الحاكمة، التي تعززت بفضل زيادة عائدات الطاقة. فمنذ توليه منصبه في عام 2019، أنعش تبون الإنفاق الاجتماعي المكثف، مستخدمًا ثروات الطاقة لزيادة إعانات البطالة، ومعاشات التقاعد، وبرامج الإسكان العام. ووعد بمزيد من التحسينات في هذه المجالات خلال ولايته الثانية.
وقد حظي هذا النهج بدعم كثيرين، وخاصة أولئك الذين يستفيدون من الدعم وزيادات الأجور. وأعرب أحد سكان الجزائر العاصمة، علي، عن دعمه لتبون، مشيرًا إلى تركيزه على رفع الأجور والحفاظ على الدعم.
صعد تبون إلى السلطة في البداية في أعقاب احتجاجات “الحراك” الجماهيرية التي أنهت حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي دام 20 عامًا. وشهد انتخابه في عام 2019 مشاركة 40٪ فقط من الناخبين، مما يعكس استياء واسع النطاق من المؤسسة السياسية. وفي نهاية المطاف، هدأت حركة “الحراك”، التي حشدت مئات الآلاف من الناس للمطالبة بإنهاء الفساد وإزالة النخبة الحاكمة، بسبب جائحة كوفيد-19.
بالنسبة للعديد من الجزائريين، عكست هذه الانتخابات خيبة الأمل السياسية المستمرة. وأشار سليمان، وهو شاب يبلغ من العمر 24 عامًا ومقيم في الجزائر العاصمة، إلى أن انخفاض نسبة المشاركة عكس مواقف الأغلبية، بما في ذلك هو نفسه. وقال إنه لم يصوت لأنه لا يثق في النظام السياسي.
منذ غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، استفادت الجزائر من زيادة الطلب الأوروبي على الغاز، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة وتعزيز إيرادات الدولة. وقد مكن هذا التدفق من الثروة حكومة تبون من توسيع الإنفاق الاجتماعي مع متابعة الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن البطالة، على الرغم من انخفاضها عن ذروتها أثناء الجائحة عند 14٪، ظلت أعلى من 12٪ في العام الماضي، ولا يزال التضخم يشكل تحديًا للبلاد.
ولاحظ المحلل السياسي فريد فيراري أن نسبة المشاركة البالغة 48% في هذه الانتخابات، مقارنة بـ 40% في عام 2019، تثبت أن الفجوة بين الحكومة والشعب لم يتم سدها بعد. ولا يزال العديد من المواطنين منفصلين عن العملية السياسية على الرغم من الزيادة الطفيفة في مشاركة الناخبين.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، كان سجل تبون مختلطا. فعلى الرغم من دور الجزائر كمورد رئيسي للغاز إلى أوروبا، فقد حقق منافسها الإقليمي، المغرب، انتصارات دبلوماسية من خلال تأمين الدعم الإسباني والفرنسي لسيادتها على الصحراء الغربية، وهي المنطقة التي تدعم فيها الجزائر حركة البوليساريو الانفصالية. كما حشد المغرب الدعم من عدة دول أفريقية وعربية.
كما فشلت محاولة الجزائر للانضمام إلى مجموعة البريكس عندما توسعت الكتلة في يناير/كانون الثاني، فضمت بدلاً منها مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، انضمت الجزائر إلى بنك التنمية التابع لمجموعة البريكس الشهر الماضي.
كما واجهت جهودها الرامية إلى جلب الاستقرار إلى منطقة الساحل عقبات مماثلة، حيث لم تسفر محاولتها للتوسط بين الفصائل المتنافسة في النيجر في أعقاب الانقلاب في العام الماضي عن أي تقدم يذكر.
ورغم هذه التحديات، تظل الجزائر قوة عسكرية مهمة في المنطقة، وتستمر في موازنة علاقاتها الدولية بين القوى الغربية وروسيا. ويعزز انتخاب تبون من احتمالات الحفاظ على هذا الموقف التقليدي في السياسة الخارجية مع التركيز على الإصلاحات الاجتماعية المحلية.