في حال أقدمت إيران على استهداف مفاعل ديمونة النووي في إسرائيل، فإنّ العالم سيواجه واحدة من أخطر اللحظات الجيوسياسية منذ عقود. هذا السيناريو لا يُعد مجرد تطور في صراع تقليدي، بل نقطة تحول قد تفتح باب مواجهة نووية محتملة أو تدخلات عسكرية شاملة.
وتُعد مفاعلات إسرائيل النووية، وعلى رأسها مفاعل ديمونة، رموزًا استراتيجية محمية بقوة، وأي استهداف مباشر لها يُفسَّر كتهديد وجودي للدولة العبرية. بحسب مسؤولين إسرائيليين فإن ديمونة هو “الخط الأحمر النهائي”، وأي مساس به سيؤدي إلى رد غير مسبوق. (بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”)
من جانب إيران، فإن استهداف ديمونة لا يأتي فقط كرد على اعتداء محتمل على منشآتها النووية في نطنز أو فوردو، بل هو جزء من عقيدة “الردع المتكافئ”.
وقد لمّح بعض قادة الحرس الثوري إلى أن منشآت إسرائيل النووية ليست بمنأى عن الرد. وتروج وسائل الإعلام الإيرانية لهذا الاحتمال كوسيلة لإنهاء “الاحتكار النووي الصهيوني” وتعديل ميزان القوى الإقليمي. (بحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية)
في هذه اللحظة الحساسة، تبرز تساؤلات حول احتمالية تدخل الولايات المتحدة. على الرغم من أن إسرائيل دولة قادرة عسكريًا، فإن أي تهديد مباشر لبنيتها النووية، أو استخدام إيران لصواريخ متطورة كالصواريخ الباليستية متوسطة أو طويلة المدى،
قد يدفع واشنطن للتحرك. البيت الأبيض أعلن سابقًا أن “أمن إسرائيل مصلحة استراتيجية أمريكية”، كما أن وجود عشرات القواعد الأميركية في المنطقة يعرض واشنطن لمخاطر مباشرة.
مصادر أمريكية لمحت إلى أن أي تهديد لمفاعل ديمونة قد يضع الجيش في حالة “تأهب قصوى”، تحسبًا لردود إيرانية على المصالح الأمريكية. (بحسب شبكة “سي إن إن”)
لكن هذا التدخل لا يعني بالضرورة حربًا مباشرة. فالتقديرات الاستراتيجية داخل البنتاغون تميل إلى خطوات محسوبة، مثل تزويد إسرائيل بقدرات استخباراتية أو دفاعات صاروخية إضافية، أو دعم تحركاتها من البحر المتوسط أو الخليج، دون التورط في ضربة شاملة إلا في حال تعرضت المصالح الأميركية للخطر المباشر. المسؤولون العسكريون الأمريكيون يوازنون بين ردع إيران ومنع تدهور الموقف نحو حرب إقليمية واسعة. (بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – CSIS)
أما حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فالتدخل العسكري المباشر منه غير مرجح. فإسرائيل ليست عضوًا في الحلف، وبالتالي فإن البند الخامس (الذي ينص على الدفاع الجماعي) لا يُفعّل تلقائيًا. مع ذلك،
قد تقدم بعض دول الناتو دعمًا استخباراتيًا أو دبلوماسيًا، خاصة إذا طلبت الولايات المتحدة تنسيقًا أوروبيًا مشتركًا. بعض الدول، مثل فرنسا وبريطانيا، قد تمارس ضغوطًا لمنع التصعيد، فيما ستؤيد دول أوروبا الشرقية أي تحرك أميركي ضد طهران. (بحسب “يورو نيوز”)
المنطقة العربية أيضًا ستكون ساحة رئيسية للارتدادات، فاستهداف منشأة نووية في إسرائيل قد يدفعها لتوسيع الحرب نحو لبنان وسوريا والعراق وربما اليمن.
هذا بدوره يهدد بإشعال صراع إقليمي تتداخل فيه الأطراف الدولية والمحلية. دول مثل السعودية ومصر والإمارات قد تُطالب بضبط النفس، لكنها ستواجه صعوبة في التأثير إذا تحولت الضربات النووية المحتملة إلى خطر بيئي عابر للحدود. (بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”)
في المجمل، فإن ضربة إيرانية لديمونة ليست مجرد عملية عسكرية، بل خطوة ستعيد رسم توازنات الردع في الشرق الأوسط، وتختبر مدى التزام واشنطن بأمن حليفها الأقوى، وتضع المجتمع الدولي أمام معضلة: هل يواصل احتواء إيران دبلوماسيًا؟ أم يتهيأ لمرحلة ما بعد الدبلوماسية؟ في الحالتين، المنطقة على شفا تغيير استراتيجي عميق. (بحسب تحليل “فورين بوليسي”)