يطرح استهداف قيادات من حركة حماس في الدوحة – حتى وإن لم يسفر عن إصابات أو نجاح في تحقيق أهدافه – جملة من التداعيات المعقدة على مسار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، سواء تلك التي تجري بوساطة إقليمية ودولية، أو ما يمكن أن يتبلور لاحقاً كمسار سياسي طويل الأمد.
1. انعكاسات مباشرة على أجواء الوساطة
تراجع الثقة: الاستهداف في عاصمة مثل الدوحة، التي تعد إحدى الساحات الأساسية للوساطة بين حماس وإسرائيل، يقوّض الحد الأدنى من الثقة المطلوبة لتمرير تفاهمات.
ضغط على الوسطاء: قطر ومصر والولايات المتحدة تواجه تحدياً إضافياً لإعادة بناء بيئة ملائمة للحوار، خاصة أن الحركة ستنظر إلى أي تفاوض في ظل هذا المناخ باعتباره مشوباً بعدم الأمان.
2. موقف حماس ومحدداته
من المرجح أن تتشدد الحركة في أي طرح يتعلق بوقف إطلاق النار أو التبادل، معتبرة أن الاستهداف محاولة لإضعافها تفاوضياً.
قد ترفع حماس سقف مطالبها لتعويض ما تعتبره “محاولة اغتيال سياسي”، وهو ما يفاقم صعوبة التوصل إلى صيغ وسط.
على المستوى الداخلي، الاستهداف قد يعزز موقف التيار المتشدد داخل الحركة على حساب الأصوات التي تفضل الانفتاح السياسي.
3. الحسابات الإسرائيلية
إسرائيل قد ترى في الاستهداف رسالة ردع وورقة ضغط تفاوضي، لكنها بذلك تعرض المسار برمته للخطر، إذ يفاقم انعدام الثقة ويزيد احتمالات التصعيد.
داخلياً، الحكومة الإسرائيلية تعاني ضغوطاً سياسية وأمنية، وقد تستخدم مثل هذه العمليات لإظهار الحزم أمام جمهورها، حتى على حساب المسار الدبلوماسي.
4. الوسطاء الإقليميون والدوليون
قطر تجد نفسها أمام معادلة دقيقة: الحفاظ على دورها كوسيط رئيسي وفي الوقت نفسه ضمان أمن الوفود التي تستضيفها.
مصر، التي تملك قنوات أوسع مع كل الأطراف، قد تحاول استثمار اللحظة لتأكيد مركزيتها كوسيط بديل أو موازٍ.
الولايات المتحدة ستسعى لتجنب انهيار المسار التفاوضي، لكنها قد تجد نفسها مضطرة لزيادة الضمانات لحماية قنوات الوساطة.
5. المستقبل المحتمل
قصير المدى: المفاوضات مرشحة للتجميد أو التعثر، مع تصاعد لغة التهديد والاشتراطات.
متوسط المدى: نجاح الوسطاء في إعادة بناء الحد الأدنى من الثقة سيتطلب تقديم ضمانات أمنية وسياسية لحماس، وربما إشراك أطراف إضافية (تركيا، الأمم المتحدة).
طويل المدى: أي مسار سياسي شامل سيتأثر بمدى قدرة الأطراف على الفصل بين العمل الميداني (الاستهدافات) ومسار التفاوض، وهو أمر يبدو صعباً في ظل المعادلات الراهنة.
خلاصة
استهداف قيادات حماس في قطر لا يمثل مجرد حدث أمني، بل يشكل ضربة مباشرة لأسس الوساطة التي بنيت خلال الأشهر الماضية. المفاوضات لن تنهار بالضرورة، لكنها ستدخل مرحلة من التعثر والتشدد، حيث سيكون من الصعب على الحركة تقديم تنازلات تحت وقع الاستهداف،
كما ستجد إسرائيل نفسها أمام مأزق: إما الاستمرار في سياسة القوة على حساب الحوار، أو القبول بضغوط الوسطاء للحفاظ على مسار سياسي يضمن على الأقل منع انفجار أوسع.