تداعيات ضغوط ترامب في البرنامج النووي الإيراني : روحاني يناور وخامنئي يخشى السقوط

بعد رسالة الرئيس الأمريكي وتصريحات الولي الفقيه في ۱۲ مارس، عاد حسن روحاني، الرئيس السابق للنظام الإيراني، لإثارة الجدل حول ثنائية “التفاوض” أو “عدم التفاوض” داخل النظام الإيراني الغارق في الأزمات.
كان الولي الفقيه قد حسم هذا الجدل بنفسه في ۱۲ مارس، قائلاً:“بعضهم في الداخل يواصلون الإلحاح بشأن التفاوض، فيسألون لماذا لا نرد؟ لماذا لا نجلس مع أمريكا؟ أريد أن أقول بوضوح: إذا كان الهدف من التفاوض هو رفع العقوبات،
وتابع قائلا إن التفاوض مع هذه الإدارة الأمريكية لن يؤدي إلى ذلك، بل سيزيد من تعقيد العقوبات، وسيزيد الضغوط علينا.”
بهذا التصريح، أغلق الولي الفقيه الباب نهائيًا أمام آمال دعاة التفاوض داخل النظام. ولكن بعد ٤٨ ساعة، خرج الملا حسن روحاني، الذي تم إقصاؤه عبر رفض أهليته في مهزلة انتخابات مجلس الخبراء وتعرض لسلسلة من الهجمات والتهديدات بالمحاكمة والسجن، ليعبر عن ذعره من “الظروف الخطيرة والصعبة” التي يمر بها النظام،
وحاول روحاني عبر هذه التصريحات إعادة فتح باب التفاوض، مشيرًا إلى الأزمة الاقتصادية الحادة وتصاعد الاستياء الشعبي مضيفا : “الوضع في غاية الخطورة، وكلما تقدمنا، أصبح أكثر سوءًا وصعوبة .
وبينما كان يتملق الولي الفقيه، جلس في تجمع لعناصر حكومته السابقة وقال متذمرًا نحن نتصارع حول ما إذا كان يجب أن نتفاوض أم لا! ما هذا الجدل؟ ثم يتم ربط الأمر بأن الولي الفقيه يعارض التفاوض
، في حين أنه لا يعارضه بالمطلق، بل قد يرفضه اليوم وفق الظروف الحالية، لكنه قد يوافق عليه بعد بضعة أشهر وفق ظروف جديدة.!”
روحاني يدرك جيدًا أن تصريحاته لن تغير شيئًا بعد أن حسم الولي الفقيه المسألة، لكن أزمة النظام المستفحلة، والخوف المتزايد من انفجار غضب الشعب، يجعله – مثل بقية قادة النظام – متوسلًا بالتفاوض.
في الواقع، استجداء روحاني يكشف عن الخطر الحقيقي الذي يهدد النظام، وهو احتمال اندلاع انتفاضة شعبية عارمة. فالنظام اليوم يقف على فوهة بركان يمكن أن ينفجر في أي لحظة، بسبب الأزمات المتفاقمة، بدءًا من اختلال التوازن الاقتصادي، مرورًا بأزمة المياه والوقود والكهرباء، وصولًا إلى التضخم الجامح وارتفاع الأسعار الذي يشل الحياة اليومية للمواطنين.

ولكن المفارقة أن الولي الفقيه يدرك هذا الخطر أكثر من روحاني نفسه، لكنه يعلم أيضًا أن فتح باب التفاوض يعني بداية انهيار هيمنته، ومقدمة لانهيار النظام الإيراني بالكامل، حيث لن يكون هناك مجال للمناورة بعد ذلك.
وفي خضم تکالب الذئاب و مأزق النظام الإيراني النووي، وفي اليوم نفسه الذي أطلق فيه روحاني تصريحاته المذعورة، خرج أئمة الجمعة التابعون لخامنئي في مختلف المدن ليهاجموا الداعين إلى التفاوض بشدة.
فقد قال أحمد علم الهدى، ممثل الولي الفقيه وإمام جمعة مشهد: “هناك عناصر اخترقت نظامنا، تسعى لدفعنا نحو التفاوض مع أمريكا. نحن نخشى أن تكون هناك مؤامرة وراء هذا الأمر.”
أما الملا نوري، إمام جمعة بجنورد، فقال: “ترامب كان يريد أن يضع مسؤولينا في فخ ثنائية الحرب أو التفاوض، لكن رأيتم كيف أن الولي الفقيه أنقذنا بحكمة من هذا الفخ؟”
ثم كرر موقف الولي الفقيه قائلاً: “لا يمكن لأي عاقل أو سياسي ذكي أن يدخل في تفاوض مع هؤلاء.”
بهذا، يستمر النظام الإيراني في الانغلاق داخل أزمته النووية والسياسية، في ظل احتدام الصراع بين أجنحته، بينما تتصاعد نذر العاصفة ويقترب خطر الانفجار الكبير