الأربعاء أكتوبر 9, 2024
تقارير

تداعيات كارثية للحرب في غزة علي الاقتصاد الصهيوني وهذه أبرز القطاعات المتضررة

مشاركة:

بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، واستمرار العمليات العسكرية التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومرور نحو عشرة أشهر على هذه العمليات تعددت التداعيات الاقتصادية للأزمة على العديد من الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية.

وبحسب دراسة لمركزأمد للدراسات السياسية  فلم تقف الأضرار الاقتصادية على دولة الاحتلال أو حركات المقاومة والبنية التحتية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنها امتدت لتنال من عدد من الأطراف الإقليمية والدولية جراء امتداد الصراع ليشمل سوريا والعراق ولبنان واليمن، بجانب التوتر في البحر الأحمر مع العمليات التي يقوم بها الحوثيون ضد السفن والناقلات البحرية التي تنقل السلع والبضائع إلى الكيان، وهو ما كان له تأثيراته كذلك على حركة المرور في قناة السويس المصرية.

وقد رصد دراسة مركز أمد خسائر الكيان الصهيوني مركزة عليها بشكل واضح باعتباره من أكبر المتضررين من تداعيات ما بعد الطوفان علي الصعيد الاقتصادي حيث تواجه إسرائيل أزمة اقتصادية غير مسبوقة جراء حربها المستمرة على قطاع غزة، الأمر الذي دفع البنك المركزي الإسرائيلي لمطالبة الحكومة بضرورة اتخاذ خطوات فورية للحد من تراجع الناتج المحلي الإجمالي.

ويتركز التراجع في قطاعات التقنية والزراعة والبناء والسياحة، وطالب البنك برفع الضرائب لاحتواء تكاليف الحرب.

الحرب في غزة تستنزف الاقتصاد الاسرائيلي

ورغم محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تسويق رواية لمواطنيه وحلفائه السياسيين عنوانها اقتصاد إسرائيل قوي ومستقر؛ يطالب محافظ البنك المركزي رئيس الوزراء باتخاذ إجراءات تجنب الدخول في أزمة اقتصادية حادة، من بينها: فرض ضرائب جديدة، أو رفع القائم منها.

وتبدووفقا للدراسة  تجليات الأزمة الاقتصادية الحادة واضحة في أبزر القطاعات الاقتصادية في البلاد، فأهمها قطاع التقنية الذي يشكّل 18.1% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في 2022 ليصبح أكبر مساهم في الناتج المحلي، وفق بيانات هيئة الابتكار الإسرائيلية، وقد تضاعف إنتاج القطاع إلى 290 مليار شيكل (78.6 مليار دولار) في السنة نفسها، من 126 مليار شيكل (34.15 مليار دولار) في 2012.

وحسب البيانات، مثّلت صادرات قطاع التقنية الفائقة 48.3% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية في 2022، بما قيمته 71 مليار دولار، بنمو 107% مقارنة بالمسجل في 2012، ويعمل 401,900 موظف في إسرائيل في القطاع، وفق بيانات 2022.

ومنذ بدء الحرب وقرار التجنيد الواسع لقوات الاحتياط، واجهت شركات التقنية أزمة اقتصادية؛ تمثلت في تراجع الاستثمارات فيها بنسبة 50% مقارنة بالعام 2023، بسبب خروج أعداد كبيرة من العمالة للمشاركة في التجنيد.

وفي قطاع الزراعة، ومع إخلاء بلدات غلاف غزة والبلدات الشمالية القريبة من الحدود اللبنانية، تعرض قطاع الزراعة لخسائر فادحة حالت دون مدّ الأسواق بغالبية المحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية، وتسببت الحرب بخسارة نحو 75% و80% من إنتاج الحليب والبيض، إضافة إلى ترك 29 ألف عامل في هذه الأراضي الزراعية.ا

وتظهر بيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن مزارع غاف غزة تشكل 30% من الأراضي المخصصة لزراعة الخضروات في إسرائيل، وخاصة أن المنطقة المحيطة بقطاع غزة تعرف باسم “رقعة الخضار الإسرائيلية”، وتحوي -كذلك- مزارع للدواجن والماشية، إلى جانب مزارع للأسماك.

وذكر رئيس اتحاد المزارعين، في الكيان الصهيوني أن غلاف غزة ينتج %75 من الخضروات المستهلكة في إسرائيل، و20% من الفاكهة، و6.5% من الحليب، و70% من محصول البندورة، و37%من زراعة الجزر والملفوف، و60%من زراعة البطاطا، ورغم أن 9.5% فقط من البساتين والبيارات تقع في مستوطنات الغلاف، فإن 59% من بساتين الليمون بالبلاد موجودة في المنطقة، وحوالي 30% من بساتين البرتقال.

ويعاني قطاع البناء من نقص نحو 150 ألف عامل بسبب غياب العمالة الفلسطينية، سواء من الضفة الغربية أو غزة، وهو ما أدى لإغلاق 50% من مشروعات البناء، وحتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان قطاع البناء يعتمد بشكل كبير على القوى العاملة الفلسطينية بأكثر من 100 ألف عامل. منهم 75 ألفاً من الضفة الغربية، و12 ألفًا من قطاع غزة، ونحو 15 ألفًا يعملون دون تصاريح.

وبعد مرور نحو 10 أشهر من بداية الحرب هناك 50% من مواقع البناء في البلاد مغلقة، بسبب النقص الحاد في القوى العاملة، والنشطة منها تعمل بطاقة 30% من قدرتها، أما بالنسبة لعمال البناء الأجانب، فكانوا قبل الحرب يقدرون بنحو 23 ألفا، غادر نحو 40% البلاد مع اندلاع الحرب، وحسب تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية، فإن قطاع البناء يخسر مليارين ونصف المليار دولار شهريًا.

خسائر الاقتصاد الصهيوني

وفي قطاع السياحة، تشير الأرقام إلى أنه كان قد سجل نموا ملحوظا في 2023 قبل السابع من أكتوبر، حيث استقبلت البلاد نحو 3 ملايين سائح، ضخوا نحو 5 مليارات دولار في الاقتصاد الإسرائيلي، ومع الحرب تراجعت الأرقام وتوقفت معظم الشركات الدولية عن تسيير رحلاتها الجوية إلى إسرائيل.

 

إلا أنه في مقابل هذه الخسائر، تلعب أوروبا دورا مهمًا في دعم الاقتصاد الإسرائيلي، إذ أبقى بنك الاستثمار الأوروبي المملوك للدول الأعضاء على نيته ضخ 900 مليون دولار في الاقتصاد الإسرائيلي، كما سمح برنامج “هورايزن أوروبا” لتمويل البحث والابتكار بتقديم ما يقرب من 100 منحة للشركات والمؤسسات الإسرائيلية، وقام مجلس الاستثمار الأوروبي غير الربحي مؤخرا بزيادة استثماراته في الشركات الإسرائيلية الناشئة.

 

وفضلا عن ذلك، لعب التدفق المتواصل للصادرات الإسرائيلية إلى السوق الأوروبية دورا رئيسيا في تحقيق فائض الميزان التجاري لإسرائيل بنسبة 5.1% في الربع الأخير من عام 2023، وتظهر البيانات الأولى المنشورة لعام 2024 أن أوروبا تواصل استيراد المنتجات الإسرائيلية.

 

وأدى الحفاظ على علاقات تل أبيب الخارجية مع الاقتصادات غير الغربية إلى تعزيز قدرة اقتصادها الحربي على الاستمرار، رغم انخفاضها بسبب تدخلات الحوثيين التي أجبرت شركات الشحن على تعليق التجارة المباشرة، وفي هذا الصدد، تشير البيانات التي أبلغ عنها بنك إسرائيل إلى أن الواردات من الصين لا تزال كبيرة، فهي تقارب 10 مليارات دولار في الربع الأول من عام 2024، وهي واحدة من العناصر الحيوية للاقتصاد على أساس يومي، رغم انخفاض الاستثمار الصيني العائد إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على تل أبيب.

 

أما مساهمة الهند، التي تستورد كميات كبيرة من الأسلحة الإسرائيلية وتصدر عمالة رخيصة لملء الوظائف الفلسطينية الفارغة، فهي بالغة الأهمية، كما أن بضائعها التي تنقل إلى إسرائيل عبر الخليج والأردن تملأ رفوف المتاجر.

 

بجانب التدفقات التي لم تتوقف من جانب الولايات المتحدة سواء في شكل صفقات سلاح أو دعم مباشر، يمكن أن يصل في أقل التقديرات إلى نحو 50 مليار دولار، بشكل مباشر أو غير مباشر خلال الأشهر التسعة الماضية.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *