يواجه ملايين الأطفال في السودان أخطر كارثة إنسانية منذ سنوات، بعدما أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن تقليص التمويل الموجه للبرامج الإنسانية يدفع جيلاً كاملاً نحو أضرار قد تصبح غير قابلة للإصلاح، وسط ارتفاع معدلات سوء التغذية في مختلف أنحاء البلاد.
وأوضح ممثل «يونيسف» في السودان، شيلدون يت، أن الأطفال أصبحوا يفتقرون بشكل متزايد إلى أبسط مقومات الحياة: مياه نظيفة، غذاء كافٍ، ورعاية صحية أساسية، في وقت ينتشر فيه سوء التغذية بوتيرة مقلقة بين من كانوا أصحاء حتى وقت قريب، وهو ما ينذر بكارثة صحية واجتماعية قد تمتد آثارها لسنوات طويلة.
وتتعرض المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى جانب وكالات دولية أخرى، لأزمة تمويلية غير مسبوقة منذ عقود، حيث زادت حدة الأزمة بعد قرارات اتخذتها الولايات المتحدة وعدة دول مانحة أخرى بخفض مخصصات المساعدات الخارجية، ما انعكس مباشرة على قدرة تلك المنظمات على توفير الإمدادات الغذائية والطبية الضرورية لإنقاذ الأرواح.
في السياق ذاته، يتعرض مئات الآلاف من الأطفال في ولاية شمال دارفور لخطر داهم جراء تفشي وباء الكوليرا، إذ حذرت «يونيسف» في بيان صدر مؤخرًا من أن حياة أكثر من 640 ألف طفل دون سن الخامسة مهددة بسبب الانتشار السريع للمرض في الولاية. وبحسب المنظمة، تم تسجيل ما يزيد على 1180 حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا، بينها حوالي 300 إصابة بين الأطفال، إضافة إلى ما لا يقل عن 20 حالة وفاة في منطقة طويلة بشمال دارفور منذ اكتشاف أول إصابة في 21 يونيو.
ويُفاقم الوضع الأمني المتدهور في إقليم دارفور حجم المأساة، حيث أفادت تقارير حقوقية بمقتل 14 مدنيًا على يد قوات الدعم السريع أثناء محاولتهم الفرار من مناطق النزاع، ما يعكس حجم الخطر المركب الذي يهدد المدنيين، خاصة الأطفال والنساء، ويضاعف الحاجة الماسة لتدخل دولي عاجل.
ويحذر خبراء الصحة من أن استمرار شح التمويل سيقضي على ما تبقى من فرص لتفادي الانزلاق في أزمة مجاعة واسعة النطاق، مؤكدين ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورًا لإعادة دعم جهود الإغاثة قبل فوات الأوان، إذ لا يقتصر الخطر على سوء التغذية والأوبئة وحدها، بل يشمل أيضًا انهيار النظام الصحي في بلد تمزقه الحرب والأزمات الاقتصادية المتتالية.