اقتصاد

ترامب واستقلال الفيدرالي: هل يهدد استقرار الاقتصاد العالمي؟

تصاعد القلق العالمي من تدخلات ترامب في السياسة النقدية

شهدت الأسواق المالية الأميركية والعالمية تقلبات حادة في الآونة الأخيرة، وسط تصاعد مخاوف المستثمرين من تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. وتزايدت التكهنات حول احتمال إقالة رئيس الفيدرالي، جيروم باول، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام المالي العالمي.

هل يكرر ترامب سيناريو نيكسون؟

تاريخياً، يعود آخر تدخل رئاسي مباشر في سياسات الفيدرالي إلى ريتشارد نيكسون، الذي مارس ضغوطاً على رئيس البنك المركزي حينها، آرثر بيرنز، قبيل انتخابات 1972. ورغم تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأمد، إلا أن هذه التدخلات تسببت لاحقاً في موجات تضخم خانقة.

اليوم، يواجه ترامب اتهامات بتكرار الخطأ نفسه، مع فارق أن الاقتصاد العالمي أصبح أكثر ترابطاً وتعقيداً. أي تحرك لإقالة باول أو تقويض سلطته قد يُحدث صدمة عالمية في الأسواق، بحسب تحذيرات نواب أميركيين، من أبرزهم الجمهوري فرانك لوكاس، الذي طالب الكونغرس بحماية استقلالية الفيدرالي.

الأسواق تترقب… والصين في قلب المعركة

لا تقف المخاطر عند حدود السياسة النقدية، بل تمتد إلى الحرب التجارية المفتوحة التي بدأها ترامب مع العديد من دول العالم، وعلى رأسها الصين. هذه المواجهة التجارية الحادة تثير شكوكاً جدية حول مصداقية الولايات المتحدة كضمانة مالية عالمية.

ووسط تصاعد التعريفات الجمركية، والتلويح بعقوبات إضافية على شركاء تجاريين يتعاملون مع الصين، تحاول واشنطن فرض ضغوط شاملة على بكين، مستغلة وضعها الاقتصادي المتعثر لدفعها نحو اتفاق يُرضي البيت الأبيض.

الشركاء الدوليون في مأزق

في ظل تقاطع المصالح الدولية، تجد الدول الكبرى نفسها في موقف حرج: هل تستجيب لمطالب ترامب، أم تدافع عن شراكاتها الاقتصادية المستقرة مع الصين؟ ورغم مؤشرات على رغبة الاتحاد الأوروبي واليابان في التفاوض، فإن الفجوة بين الأطراف ما تزال كبيرة، خاصة مع غياب استراتيجية تفاوض واضحة من إدارة ترامب.

حسابات اقتصادية مشوشة

يشير خبراء اقتصاديون إلى وجود تقديرات خاطئة داخل الإدارة الأميركية بشأن حجم الرسوم الجمركية المفروضة من الشركاء على السلع الأميركية. هذه الحسابات المضللة تُصعّب من إمكانية التوصل إلى اتفاقات حقيقية، وتدفع نحو مزيد من القرارات المتسرعة والمبنية على معلومات غير دقيقة.

الصين تتريّث… لأسباب داخلية

رغم التصعيد الأميركي، امتنعت بكين عن الرد بالمثل على معظم الرسوم الجديدة، مكتفية برفع محدود في التعريفات إلى 125%. ويعود هذا التريّث إلى تراجع عائدات الضرائب الصينية، مما يُقيد قدرة الحكومة على دعم الاقتصاد المحلي أو مواجهة تداعيات الحرب التجارية.

وبحسب أرقام الموازنة الصينية، فإن الانكماش الاقتصادي تسبب في انخفاض الإيرادات الضريبية، ما يقلل قدرة بكين على مساندة قطاعات حيوية مثل التصدير والبنية التحتية.

تأثير محتمل على مصداقية أميركا المالية

يشير مراقبون إلى أن استمرار هذا النهج من ترامب قد يؤدي إلى تقويض ثقة المستثمرين في أميركا كمركز مالي آمن. بالفعل، شهدت أسواق السندات الأميركية هزات نتيجة هذه السياسات، ما انعكس على تكلفة تمويل الحكومة الفيدرالية وأثار مخاوف جدية بشأن استقرار الأسواق العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى