تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصف هجوم 7 أكتوبر 2023 بأنه “أسوأ ما رأيته في حياتي”، يعكس عمق الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة. هذا الهجوم، الذي شنته حركة إسرائيل على حماس ، أشعل حربًا مدمرة أودت بحياة أكثر من 60,000 فلسطيني ودمرت القطاع. في الوقت ذاته، أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عن وثيقة جديدة تهدف إلى حل الأزمة، لكنها تواجه شكوكًا بسبب مقترحات سابقة مثيرة للجدل مثل تهجير سكان غزة. هذا التقرير يحلل القضية من الجوانب الإنسانية والسياسية والحزبية، مع التركيز على ردود أفعال الدول العربية والإسلامية، وإثارة النقاش حول الاستياء من السياسات الدولية والإقليمية.
الجانب الإنساني: كارثة غزة في عيون ترامب
وصف ترامب هجوم 7 أكتوبر بأنه “يوم مروع لن ينساه الناس”، مشيرًا إلى الوضع السيء في غزة. الواقع الإنساني أكثر قتامة، حيث نزح 1.9 مليون شخص (90% من سكان القطاع)، وفق تقارير الأمم المتحدة. معدل الفقر ارتفع إلى 74.3% في 2024، مع انهيار الناتج المحلي بنسبة 35.1% والبطالة تصل إلى 49.9%، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
الخسائر البشرية: أكثر من 60,000 قتيل فلسطيني، معظمهم مدنيون، وإصابات بالآلاف. قصف مستشفيات مثل الأهلي المعمداني، الذي قتل فيه أكثر من 500 شخص، أثار استياءً عالميًا.
التدمير: أحياء بأكملها تحولت إلى ركام، مع نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. سياسات الحصار الإسرائيلي وصفتها القمة العربية بـ”التطهير العرقي”.
الصدمات النفسية: سيخريد كاخ، منسقة الأمم المتحدة، وصفت معاناة الأطفال بأنها “جرح نفسي مدى الحياة”، مع حاجة ملحة لدعم إنساني فوري.
الاستياء: تصريحات ترامب عن إيصال المساعدات الغذائية تبدو شاحبة أمام بطء الاستجابة الدولية. الحصار يعيق المساعدات، مما يغذي الغضب العربي من تقاعس المجتمع الدولي.
الجانب السياسي: وثيقة ويتكوف وردود الأفعال
إعلان ويتكوف عن وثيقة لحل أزمة غزة يمثل محاولة أمريكية للتهدئة، لكنها تأتي في سياق تصريحات ترامب المثيرة للجدل، خاصة مقترحات التهجير. الوثيقة، التي ستُسلم قريبًا للأطراف المعنية، تواجه تحديات بسبب انعدام الثقة.
الدول العربية:
مصر: رفضت تهجير سكان غزة إلى سيناء، معتبرة ذلك تهديدًا للأمن القومي. “بيان القاهرة” في القمة العربية 2025 دعا إلى إعادة إعمار غزة ورفض التهجير كـ”تطهير عرقي”.
السعودية: أبدت دعمًا ماليًا ودبلوماسيًا، لكن حديثها عن التطبيع مع إسرائيل أثار انتقادات شعبية.
الأردن: رفضت التهجير إلى النقب، وحذرت من زعزعة الاستقرار الإقليمي.
لبنان: حزب الله دعم حماس، لكنه تجنب حربًا شاملة بسبب الأزمات الداخلية.
الدول الإسلامية:
إيران: دعمت “طوفان الأقصى”، ورأت الوثيقة الأمريكية محاولة لتقويض المقاومة.
تركيا وماليزيا: أدانتا التهجير، وحذرت ماليزيا من “حرب عالمية ثالثة” إذا استمر.
الغرب: دعم الولايات المتحدة لإسرائيل تراجع قليلاً تحت ضغط اليسار التقدمي، لكن مقترح التهجير و”ريفييرا الشرق الأوسط” أثار استياءً عربيًا واسعًا.
الاستياء: الشعوب العربية غاضبة من المواقف الأمريكية، خاصة مع تصريحات ترامب السابقة عن التهجير، التي وصفتها صحف عالمية بـ”غير واقعية”. وثيقة ويتكوف تواجه شكوكًا بسبب هذا الإرث.
الجانب الحزبي: انقسامات تعيق الحل
الانقسام بين فتح وحماس يعرقل جهود وثيقة ويتكوف.
حماس: هجوم 7 أكتوبر عزز مكانتها كقوة مقاومة، وتسلمها الوثيقة المعدلة يعكس استمرارها كلاعب رئيسي. لكن إسرائيل ترفض التفاوض معها.
فتح: السلطة الفلسطينية تعاني من ضعف الشرعية بسبب غياب الانتخابات وانتهاكات حقوقية. هذا يجعلها غير قادرة على قيادة مفاوضات موثوقة.
محور المقاومة: إيران وحزب الله يدعمان حماس، مما يعقد الجهود الأمريكية.
الاستياء: الفلسطينيون محبطون من الانقسامات الحزبية، التي تجعل وثيقة ويتكوف عرضة للفشل إذا لم تُوحد الفصائل.
الجدل حول التهجير وإعادة الإعمار
التهجير: مقترحات ترامب السابقة لتهجير سكان غزة إلى سيناء أو النقب أثارت غضبًا عربيًا. مصر والأردن رفضتا، وبيان القمة العربية وصفه بـ”الإبادة الجماعية”.
إعادة الإعمار: تكلفة إعادة بناء غزة تقدر بالمليارات، مع تراجع تنموي بـ69 عامًا. مصر اقترحت خطة إعادة إعمار، لكن الخلافات حول الحكم (حماس أم السلطة) تعيق التقدم.
الاستياء: وثيقة ويتكوف، رغم تفاؤل ترامب بها، تواجه انتقادات بسبب المقترحات الأمريكية السابقة. الشعوب العربية ترى فيها محاولة لفرض حلول لا تحترم حقوق الفلسطينيين.
تصريح ترامب بأن 7 أكتوبر “أسوأ ما رأيته” يعكس عمق المأساة الإنسانية في غزة، لكن جهود وثيقة ويتكوف تواجه عقبات بسبب السياسات الأمريكية المثيرة للجدل. الشعوب العربية والإسلامية تتضامن مع الفلسطينيين، لكن الحكومات تتردد، مما يغذي الاستياء. الانقسامات الحزبية تضعف الموقف الفلسطيني، والجدل حول التهجير وإعادة الإعمار يكشف ازدواجية المعايير الدولية.