في خطوة تعكس توتر العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “إحباطه العميق” من ما وصفه بـ”السلوك السلبي” للمفاوضين الأوروبيين في المحادثات التجارية التي سبقت التوصل إلى اتفاق جمركي جديد، وفق ما كشفه تقرير لموقع “بوليتيكو” نقلاً عن مسؤول أمريكي رفيع.
وبحسب المسؤول، جرت 13 جولة مفاوضات بين مسؤولي الإدارة الأمريكية وممثلي المفوضية الأوروبية—شملت لقاءات افتراضية وأخرى مباشرة—من دون أن يقدم الجانب الأوروبي أي اقتراحات فعلية.
وقال المصدر: “الرئيس ترامب شعر بالإحباط من انعدام الديناميكية. الأوروبيون كانوا يحضرون الاجتماعات ويتحدثون كثيرًا، لكن دون تحرك فعلي. عندها قرر الرئيس إرسال رسالة مباشرة لهم ليؤكد أنه جاد في تهديداته”.
وأكد أن هذه الرسالة كانت بمثابة “نقطة تحول”، إذ دفعت المسؤولين الأوروبيين إلى التعاطي بجدية مع المفاوضات خوفًا من عواقب اقتصادية محتملة.
وجاء التحول السريع بعد إعلان ترامب، الأحد الماضي، التوصل إلى اتفاق جمركي شامل مع الاتحاد الأوروبي، يقضي بفرض رسوم بنسبة 15% على جميع السلع الأوروبية الواردة إلى الولايات المتحدة، مقابل امتناع بروكسل عن فرض أي رسوم جديدة على المنتجات الأمريكية.
وكانت واشنطن قد هددت سابقًا بفرض تعرفة تصل إلى 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي، في إطار سياسة “أمريكا أولاً” التي يتبناها ترامب.
تشهد العلاقات التجارية بين الجانبين توترات منذ سنوات، تصاعدت بشكل خاص منذ انسحاب ترامب من عدة اتفاقيات دولية، منها “اتفاق الشراكة التجارية عبر الأطلسي”، وتبنيه نهجًا هجوميًا ضد ما يعتبره “اختلالات تجارية مزمنة”.
الاتحاد الأوروبي، من جانبه، أعرب مرارًا عن قلقه من السياسات الحمائية الأمريكية، معتبرًا أن فرض الرسوم يهدد مبدأ التجارة الحرة ويقوّض قواعد منظمة التجارة العالمية.
رغم إعلان الاتفاق، يرى محللون أن ما تم التوصل إليه لا يعدو كونه هدنة تجارية قصيرة الأمد، وقد يتعرض للانهيار في حال حدوث تغيرات سياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وتبدّل الأولويات الأوروبية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي “ماركوس راينر” من معهد السياسة الاقتصادية في برلين:
“الاتحاد الأوروبي اضطر لقبول الاتفاق تحت ضغط التهديدات الأمريكية، لكنه سيظل يبحث عن آليات تضمن عدم تكرار هذا النمط من الضغط مستقبلاً.”
يمثل الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين الطرفين أكثر من 800 مليار دولار. ومن المتوقع أن يؤثر الاتفاق الجديد على سلاسل التوريد، والتكاليف النهائية للمنتجات، وعلى الصناعات الكبرى في قطاعات مثل السيارات، والأدوية، والزراعة.
وبينما أشاد ترامب بالاتفاق واصفًا إياه بأنه “أكبر صفقة تجارية في التاريخ”، فإن المراقبين يرون أن الطريقة التي تم بها التوصل إليه – عبر التهديد ثم التراجع – تكشف هشاشة العلاقة التجارية بين واشنطن وبروكسل في هذه المرحلة.