تركيا والحكومة السورية الجديدة: شريك استراتيجي لإعادة البناء

مهنا خضيرو

بعد سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة السورية، برزت تركيا كأحد أبرز الفاعلين الإقليميين الذين لعبوا دورًا حاسمًا في دعم تطلعات الشعب السوري.

ومع تشكيل الحكومة السورية الجديدة، تسعى أنقرة إلى مواصلة دعمها الشامل لضمان استقرار سوريا ووحدتها، والمساهمة في إعادة إعمارها،

مع استمرار جهودها الحازمة في القضاء على الإرهاب المتمثل بحزب العمال الكردستاني (PKK) في شمال سوريا.

هذا المقال يلقي الضوء على دور تركيا في دعم الحكومة السورية الجديدة وأهميتها الاستراتيجية في المنطقة.

تركيا وسقوط نظام الأسد: دعم الثورة وصولاً للنصر

منذ بداية الثورة السورية، دعمت تركيا تطلعات الشعب السوري في التخلص من حكم الاستبداد وبناء دولة ديمقراطية عادلة.

فتحت حدودها أمام ملايين اللاجئين، واستضافت المعارضة السورية السياسية والعسكرية،

ووقفت بجانب الشعب السوري في وجه المآسي الإنسانية التي تسبب بها نظام الأسد.

مع سقوط النظام، لعبت تركيا دورًا بارزًا في التحول السياسي، من خلال دعم الحكومة السورية الجديدة التي تمثل كافة أطياف الشعب السوري،

ما ساهم في تحقيق وحدة وطنية تقود سوريا نحو مستقبل مستقر.

دور تركيا في دعم الحكومة الجديدة

تركّز تركيا الآن على تعزيز استقرار الحكومة السورية الجديدة من خلال:

1- الدعم السياسي والدبلوماسي: تعمل أنقرة على تقديم الدعم الكامل للحكومة الجديدة في المحافل الدولية،

وضمان اعتراف المجتمع الدولي بشرعيتها كممثل وحيد للشعب السوري.

2- المساهمة في إعادة الإعمار: بعد سنوات من الحرب، تسعى تركيا إلى قيادة جهود إعادة إعمار سوريا، عبر تقديم الدعم اللوجستي والمالي،

وتشجيع الشركات التركية للمساهمة في بناء البنية التحتية المدمرة.

3- عودة اللاجئين: تعمل تركيا بالتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة على توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم،

وضمان تحقيق الاستقرار الاجتماعي في المناطق المحررة.

4- تعزيز الأمن والاستقرار: من خلال التعاون الأمني مع الحكومة الجديدة،

تسعى تركيا إلى القضاء على جيوب الإرهاب، وضمان سلامة الحدود المشتركة بين البلدين.

القضاء على الإرهاب: مواجهة حزب العمال الكردستاني (PKK)

ما زال التحدي الأكبر أمام سوريا وتركيا يتمثل في محاربة الإرهاب، خاصةً حزب العمال الكردستاني (PKK) وتنظيماته الفرعية.

تدرك تركيا أن القضاء على هذه التنظيمات يعد جزءًا أساسيًا من تحقيق استقرار سوريا الجديدة.

تواصل أنقرة عملياتها الأمنية والعسكرية بالتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة،

لضمان القضاء على تهديدات هذه التنظيمات، وإعادة الأمن إلى المناطق الحدودية.

كما تسعى لدمج المكونات المحلية في شمال سوريا ضمن المنظومة السياسية الجديدة،

لضمان التعايش السلمي بين كافة المكونات السورية.

الدور التركي في الشرق الأوسط بعد سقوط الأسد

تؤكد تركيا من جديد أنها لاعب أساسي في الشرق الأوسط، وتسعى إلى تحقيق استقرار إقليمي شامل من خلال:

1- التوازن الإقليمي: بغياب نظام الأسد وانتهاء نفوذه، تعمل تركيا على ملء الفراغ الذي تركه،

من خلال دعم نظام سياسي مستقر وديمقراطي في سوريا.

2- إعادة بناء التحالفات: تدعم تركيا الحوار بين الدول الإقليمية لضمان استقرار الشرق الأوسط،

بما في ذلك تعزيز الشراكة مع الدول العربية والإسلامية.

3- محاربة الإرهاب: تؤكد تركيا أن استئصال الإرهاب في سوريا هو شرط أساسي لتحقيق سلام دائم،

مما يجعلها شريكًا رئيسيًا في جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة.

خاتمة

مع سقوط نظام الأسد وتشكيل الحكومة السورية الجديدة، تبرز تركيا كشريك رئيسي لسوريا في إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار.

رؤيتها تقوم على بناء سوريا موحدة وآمنة، تحترم تطلعات شعبها، وتساهم في استقرار المنطقة ككل.

الدور التركي يتجاوز كونه داعمًا فقط، ليصبح حجر الزاوية في صياغة مستقبل سوريا الجديدة والشرق الأوسط بأسره،

حيث تسعى أنقرة لتوطيد السلام والتعاون بما يخدم شعوب المنطقة.

مهنا خضيرو

كاتب وباحث في شؤون العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights