الأمة: وفقًا لتقرير استقصائي أجرته ” وكالة بوليتيكو”، للأخبار والتقارير الاقتصادية الدولية تم خلال العام الماضي إطلاق عشرات من خطوط الشحن الجوي الجديدة من تركستان الشرقية ذات الأغلبية المسلمة والتي تحتلها الصين الشيوعية و (التي تسميها بكين شينجيانغ) إلى وجهات أوروبية متعددة، لنقل آلاف الأطنان من البضائع.
وتُظهر البيانات الصادرة عن “مشروع حقوق الإنسان للمسلمين الأويغور” (UHRP) سكان تركستان والذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن أكثر من 40 خط شحن جوي يربط الآن مطار أورومتشي الدولي بمدن في المملكة المتحدة، وألمانيا، والمجر، واليونان، وسويسرا، وبلجيكا، وأيرلندا، وإسبانيا، وغيرها.
تشمل البضائع المنقولة على هذه الرحلات منتجات التجارة الإلكترونية، والمنسوجات، والأحذية، والإلكترونيات، وقطع غيار السيارات، والمنتجات الزراعية — وجميعها قطاعات حددها خبراء حقوق الإنسان على أنها عالية الخطورة من حيث احتمالية تورطها في العمل القسري.
وفي فترة الاثني عشر شهرًا بين يونيو 2024 ومايو 2025، تتبع مشروع حقوق الإنسان للأويغور أكثر من 300 رحلة جوية إلى المملكة المتحدة وحدها، و162 رحلة إلى المجر. وفي مايو 2025، دخل 2000 طن من البضائع القادمة من أورومتشي إلى الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة.
قبل يونيو 2024، لم يكن معروفًا سوى وجود خطي شحن جوي مباشرين فقط من أورومتشي إلى أوروبا. وقد أثار هذا الارتفاع المفاجئ في عدد الخطوط وتواتر الرحلات قلق المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يقولون إن هذا الأمر يقوض الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لفحص الواردات للكشف عن مخاطر العمل القسري، ويمكن أن يضر بسلامة سلاسل التوريد في المملكة المتحدة أيضًا.
وحذر ديفيد ألتون، رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، من أن هذا الاتجاه “يتعارض بشكل صارخ” مع آلية الفحص الجديدة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي لمكافحة العمل القسري.
أفادت عدة شركات طيران وردت أسماؤها في التقرير، مثل “كاميكس إيرلاينز” و”جيو-سكاي” و”يوروبيان كارغو”، بأنها لا تملك أي معلومات عن منشأ شحناتها خارج مطار التحميل. وأصر بعض الناقلين على أنهم يعارضون العمل القسري لكنهم أقروا بأنه لا يمكنهم التحقق مما إذا كانت البضائع قد أُنتجت في ظل هذه الظروف. ولم ترد شركات أخرى على استفسارات “بوليتيكو”.
من جانبها، رفضت الحكومة الصينية، عبر سفارتها في لندن، مزاعم العمل القسري ووصفتها بأنها “كذبة القرن”، وادعت أن منتجات تركستان الشرقية “عالية الجودة” وأن المنطقة تتمتع “بتقدم اقتصادي واجتماعي مطرد”.
يرتبط هذا التوسع باستراتيجية “طريق الحرير الجوي” التي تتبناها بكين في إطار “مبادرة الحزام والطريق”، والتي تهدف إلى جعل أورومتشي مركزًا رئيسيًا في الخدمات اللوجستية العالمية. ومن المقرر افتتاح سبعة مطارات مدنية إضافية في المنطقة بحلول نهاية عام 2025، مما سيعزز اندماجها في تدفقات التجارة الدولية.
الصورة الأكبر: ما تكشفه البيانات حقًا
عند وضع نتائج تحقيق “بوليتيكو” جنبًا إلى جنب مع تقارير حقوق الإنسان الرئيسية، يظهر نمط مقلق: فنمو الشحن الجوي ليس مجرد قصة توسع تجاري، بل هو جزء من خط إمداد لوجستي قد يحمل منتجات العمل القسري الذي تفرضه الدولة.
وقد خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) في تقييمها الصادر في 31 أغسطس 2022 إلى أن انتهاكات خطيرة — بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والعنف الجنسي، والعمل القسري الممنهج — قد ارتُكبت ضد الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في تركستان الشرقية.
ووثّق أدريان زينز، الباحث البارز في “مؤسسة ضحايا الشيوعية التذكارية”، في تقريره المعمق، وجود نظام لنقل العمالة القسرية مصمم لفرض السيطرة السياسية، حيث يكون الضغط حاضرًا في كل مرحلة من مراحل التوظيف.
وفي قرارها الصادر في 19 يناير 2021، اعترفت وزارة الخارجية الأمريكية رسميًا بأن أفعال الصين ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، معتبرة العمل القسري مكونًا أساسيًا فيها.
مجتمعة، تؤكد هذه المصادر أنه بدون أنظمة تفتيش قوية وحظر استيراد ملزم — مثل “قانون الولايات المتحدة لمنع العمل القسري للأويغور” — فإن أوروبا والمملكة المتحدة تخاطران بأن تصبحا ممرات للبضائع المنتجة تحت الإكراه. قد يتم تسويق خطوط الشحن الجديدة على أنها تقدم اقتصادي، ولكنها بالنسبة للشعب الأويغوري، تمثل آلية أخرى يصل من خلالها القمع إلى الأسواق العالمية.