في تصريح لافت لشبكة CNN، قال خبير في علوم المحيطات إن موجات تسونامي قد تصل في سرعتها إلى ما يعادل سرعة طائرة نفاثة، أي حوالي 800 كيلومتر في الساعة. هذه الموجات العملاقة، التي تُولد عادةً بعد زلازل أو انفجارات بركانية تحت البحر، قد تبدو في عرض المحيط غير مؤذية، إذ لا يتجاوز ارتفاعها نصف متر، لكنها تحمل طاقة مدمرة تكفي لمحو مدن ساحلية بأكملها في غضون دقائق.
تبدأ الكارثة من قاع البحر. هناك، وفي لحظة زلزالية عنيفة، تنزاح كتل ضخمة من الصخور وتُزاح كميات هائلة من المياه. هذه الاضطرابات تولّد سلسلة من الموجات التي تتسارع بسرعة مذهلة، مستغلة عمق المحيطات الشاسع كقناة مفتوحة للحركة. وبحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة (NOAA)، فإن موجات تسونامي قد تسير بسرعة تتجاوز 700 كم/س، لكنها تبقى غير ملحوظة في البحر المفتوح.
لكن المشهد يتغير تمامًا عندما تقترب هذه الموجات من الشاطئ. فمع انحسار العمق، تبطئ الموجة سرعتها بينما تبدأ بالارتفاع رأسياً. في لحظات، يتحول البحر إلى جدار مائي قاتل،
يرتفع عشرات الأمتار ويضرب الشاطئ بقوة هائلة. هذا السيناريو وقع في ديسمبر 2004، حين ضرب زلزال بقوة 9.1 درجات قبالة سواحل إندونيسيا،
مخلّفاً تسونامي أودى بحياة أكثر من 230 ألف إنسان في 14 دولة. وفقًا لتقارير اليونسكو وبرنامج الإنذار المبكر للتسونامي، كانت هذه واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث.
السيناريو تكرر في اليابان عام 2011. زلزال عنيف تبعه تسونامي هائل، وصل ارتفاعه إلى أكثر من 30 مترًا في بعض المناطق. هذه الموجات المدمرة لم تكتفِ بتدمير البلدات الساحلية، بل تسببت في كارثة نووية بمحطة فوكوشيما، صنّفت من بين أخطر الحوادث النووية على الإطلاق. ووفقًا لوكالة الطاقة الذرية الدولية (IAEA)، أدت هذه الكارثة إلى إعادة التفكير في خطط الطوارئ في عشرات الدول.
تسونامي لا يضرب مرة واحدة. بل على العكس، يتكون من سلسلة من الموجات، قد تفصل بينها دقائق أو ساعات، وغالبًا ما تكون الموجة الثانية أو الثالثة أكثر تدميرًا من الأولى. هذا العامل المفاجئ يجعل الإخلاء الفوري من المناطق الساحلية أمرًا بالغ الأهمية، حتى بعد مرور الموجة الأولى.
تدرك المنظمات الدولية، مثل اليونسكو وهيئة الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR)، هذا التهديد المتكرر، وتعمل منذ سنوات على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر. هذه الأنظمة تعتمد على مجسات زلزالية في قاع البحر، وعوامات متطورة ترصد تغيرات الضغط تحت الماء، وترسل إشارات إلى مراكز التحذير التي قد تُصدر تنبيهات قبل وقوع الكارثة بدقائق أو ساعات.
كما أن حملات التوعية المجتمعية، وإنشاء ملاجئ مرتفعة وبنية تحتية مرنة، أصبحت عناصر أساسية في خطط الدول المعرضة للخطر. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن دول مثل اليابان، وتشيلي، والفلبين، وإندونيسيا، وضعت نماذج يُحتذى بها في الاستعداد والاستجابة.
في النهاية، يبقى تسونامي أحد أكثر الظواهر الطبيعية رعبًا، ليس فقط لسرعته وقوته، بل لأن الزمن المتاح للنجاة منه محدود للغاية. ومع تسارع تغيّر المناخ وزيادة الكثافة السكانية في المدن الساحلية، تزداد الحاجة العالمية إلى الجاهزية، والتعاون الدولي، وتطوير تقنيات التحذير المبكر.