الأمة الثقافية

“تشبهني قصائدي”.. شعر: مجيدة محمّدي

تشبهني قصائدي…

مثل ظلٍّ أعمى يتعثّر في ممرات الذاكرة،

كأنني أكتبها وهي تكتبني،

تُحاورني الأبيات،

تُمارس طقوسها في صمتٍ مُريب،

كأرواحٍ خرجت من نافذة الحلم

لتتسكّع في أزقّة اللغة.

كل كلمةٍ

مصيَدة،

كل فاصلةٍ

حفرة في طريق لا ينتهي.

تشبهني قصائدي،

حين أنثرها على بياض الورق

كغيمٍ شاردٍ يبحثُ عن موطئ ماء،

وحين تتكدّس فوق بعضها

مثل حقائبٍ مليئةٍ بذكرياتٍ لا تخصّني،

أخاف منها

كما أخاف الأقنعة على وجوه العابرين .

تشبهني قصائدي…

في فوضى العناوين التي تجهل مقصدها،

في حزن الحروف التي أتْعبها السير في متاهة نفسي،

وفي ارتجافة الكلمات

وهي تتهجّى حقيقةً لم أجرؤ على نطقها.

كم مرة حاولت الفرار منها؟

لكنها تطاردني كظلٍّ يتنفسني،

تندسّ بين أنفاسي

وتحفر في أعماقي أخاديد من وجعٍ قديم.

هي أنا…

لكنها ليست أنا،

صدى بعيد لنبضٍ يصرخ

في قلبٍ لا يعرف صوته.

تشبهني قصائدي،

حين أكرهها،

وحين أحبّها

كما يُحبّ منفي مدينةً لا ينتمي إليها.

كل بيتٍ فيها

وطنٌ غامض،

كل مقطعٍ

جرحٌ يزهر.

تشبهني،

بملامحها غير المكتملة،

بتناقضاتها،

بأسئلتها التي لا تنتظر إجابة.

هي وجهي الآخر،

وجهٌ يطلّ من شقوق الذاكرة،

يرسمني بالكلمات

ويمحو نفسه.

تشبهني قصائدي…

وأنا أتأملها

كغريبٍ ينظر إلى صورته

في مرآة نسيها على الطريق…

————–

شعر: مجيدة محمدي (تونس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights