تواجه إسرائيل اليوم واحدة من أكثر الأزمات المركبة في تاريخها العسكري والاقتصادي، بعد أن دخلت في حرب مزدوجة الجبهات: مع قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، ومع إيران منذ أبريل 2025. ووسط هذا التصعيد المتسارع، تظهر أرقام الإنفاق العسكري المباشر كمؤشر خطير على ما ينتظر الاقتصاد الإسرائيلي إذا استمرت هذه الحروب على مدى العامين المقبلين.
فاتورة أولية ثقيلة: 1.54 مليار دولار في يومين فقط
وفقًا لما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت عن المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، العميد ريم أميناخ، فقد أنفقت إسرائيل في اليومين الأولين من هجومها على إيران ما يقدر بـ 5.5 مليار شيكل (1.54 مليار دولار)، أي بمعدل 2.75 مليار شيكل يوميًا (حوالي 733 مليون دولار يوميًا).
من هذه النفقات:
2.25 مليار شيكل (632 مليون دولار) خُصصت للضربة الجوية الأولى على إيران، شملت ساعات طيران وذخائر ذكية.
3.25 مليار شيكل (قرابة 900 مليون دولار) خُصصت لتدابير دفاعية تشمل تعبئة الاحتياط ونشر بطاريات القبة الحديدية وصواريخ الاعتراض.
وهذه الأرقام لا تشمل – حتى الآن – العمليات المستمرة في قطاع غزة، والتي قدّرت وزارة المالية الإسرائيلية في تقارير سابقة أن متوسط تكلفتها الشهري يتراوح بين 8 إلى 10 مليارات شيكل شهريًا، بحسب كثافة العمليات.
خسائر غير عسكرية متزايدة
المواجهة مع إيران لم تقتصر على ضربات جوية متبادلة، بل توسّعت إلى جبهات مدنية. فقد قدّر شاي أهارونوفيتش، مدير مصلحة الضرائب، أن الأضرار غير العسكرية الناتجة عن الرد الإيراني المباشر حتى الآن قد بلغت نحو مليار شيكل (280 مليون دولار)، مرجّحًا أن تُقدَّم حوالي 12 ألف دعوى تعويض من متضررين إسرائيليين خلال الأشهر المقبلة.
وتشمل هذه الأضرار:
تحطيم منشآت صناعية ومدنية
توقف الأعمال التجارية
إخلاء مستوطنات ومناطق صناعية
انخفاض معدلات الإنتاج في الجنوب والشمال
تأثير متراكم على الاقتصاد الإسرائيلي
في حال استمرار الحرب خلال عامين قادمين، ووفقًا للوتيرة الحالية من الإنفاق:
قد تتجاوز الميزانية العسكرية السنوية حاجز 200 مليار شيكل (56 مليار دولار) بحلول منتصف 2026.
قد يُضطر بنك إسرائيل إلى خفض توقعات النمو إلى أقل من 1.5% سنويًا، بدلًا من 3%.
معدلات التضخم قد تشهد موجة ارتفاع إضافية نتيجة الإنفاق الحكومي غير المخطط، مع ضغط كبير على سعر صرف الشيكل.
قد تتوسع نسبة العجز في الميزانية العامة إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي.
والأخطر، أن الحكومة الإسرائيلية ستكون بين خيارين صعبين:
رفع الضرائب لتعويض العجز، مما يُشعل الغضب الشعبي.
أو تقليص الدعم والخدمات الاجتماعية، ما قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية.
هل يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي الصمود؟
رغم قوة الاقتصاد الإسرائيلي التكنولوجي وتماسك القطاع البنكي حتى الآن، فإن أي استمرار للحرب على جبهتين (إيران وغزة) خلال العامين المقبلين دون أفق سياسي، سيُحدث ضغطًا ماليًا ومعنويًا طويل الأمد.
والنتيجة المتوقعة:
ارتفاع مديونية الدولة إلى مستويات قياسية.
تباطؤ الاستثمارات الأجنبية.
موجة نزوح لرؤوس الأموال، لا سيما في قطاعات التقنية والعقارات.
ما بدأ كضربة خاطفة ضد إيران وغزة، يتحول سريعًا إلى نزيف اقتصادي يومي يهدد الاستقرار الداخلي لإسرائيل. ومع كل يوم يمر، تقترب الدولة من معادلة صفرية: إما وقف النزاع أو مواجهة ركود اقتصادي لا يقل خطورة عن أي تهديد أمني.