تصاعد الهجمات في بلوشستان: اختطاف قطار ركاب يكشف التحديات الأمنية في باكستان

تصاعد الهجمات المسلحة في بلوشستان
شهد إقليم بلوشستان في جنوب غربي باكستان تصاعدًا ملحوظًا في الهجمات المسلحة خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجهها الحكومة الباكستانية. وكان أبرز هذه الهجمات عملية اختطاف قطار الركاب “جعفر إكسبريس” يوم الثلاثاء، والتي نفذها مسلحون من جيش تحرير بلوشستان، في سابقة خطيرة من نوعها.
تفاصيل الهجوم على “جعفر إكسبريس”
بحسب وكالة أسوشييتد برس، احتجز المسلحون مئات الركاب كرهائن، ما أدى إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى يوم الأربعاء. وأسفر تبادل إطلاق النار بين قوات الأمن والمهاجمين عن مقتل ما لا يقل عن 30 مسلحًا، بينما تمكنت القوات من إنقاذ 190 راكبًا من أصل 450 كانوا على متن القطار.
من هم الانفصاليون؟ ولماذا يقاتلون؟
يُعد جيش تحرير بلوشستان أحد أبرز الحركات الانفصالية التي تنشط في الإقليم، حيث يطالب بالحكم الذاتي أو الاستقلال الكامل عن إسلام آباد، بالإضافة إلى الحصول على نصيب أكبر من الموارد الطبيعية مثل الغاز الطبيعي، النفط، والمعادن. وينتمي غالبية مقاتليه إلى الأقلية البلوشية العرقية، التي تؤكد تعرضها للتمييز والتهميش من قبل الحكومة الباكستانية.
تهديد أمني متزايد
باتت قوة جيش تحرير بلوشستان تنمو بشكل لافت، حيث يُقارنه بعض المحللين بحركة طالبان الباكستانية من حيث خطورة التهديد الأمني. وقد استهدف الجماعة مرارًا قوات الأمن، وكذلك المدنيين، بمن فيهم مواطنون صينيون يعملون في مشاريع استثمارية ضخمة ضمن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.
توقيت الهجوم: لماذا الآن؟
يأتي هذا الهجوم في وقت تسعى فيه الجماعة إلى تعزيز نفوذها، خصوصًا بعد إنهاء حركة طالبان الباكستانية وقف إطلاق النار مع الحكومة في نوفمبر 2022، ما فتح الباب أمام تصاعد العمليات المسلحة. كما أن الحكومة الباكستانية تتهم الهند بدعم جيش تحرير بلوشستان، وهو ما تنفيه نيودلهي.
أبعاد الصراع الإقليمي
إلى جانب التوتر مع الهند، تُواجه باكستان أيضًا تحديات أمنية على حدودها الغربية مع إيران، حيث تتبادل الدولتان الاتهامات بإيواء الجماعات المسلحة. ويؤدي غياب السيطرة الكاملة على الحدود الممتدة لمسافة 900 كيلومتر إلى تسهيل تحركات المهربين والعناصر المسلحة.
انعكاسات أمنية واقتصادية
يرى محللون أن استمرار مثل هذه الهجمات يُشكّل خطرًا كبيرًا على الاستثمارات الأجنبية في باكستان، لا سيما في ظل مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي ضخت مليارات الدولارات في البلاد. إلا أن سكان بلوشستان يرون أن هذه الاستثمارات فاقمت من تهميشهم، حيث تُستغل موارد الإقليم دون تنمية المجتمعات المحلية.
مستقبل الصراع
على الرغم من نجاح الحكومة في احتواء هجوم جعفر إكسبريس، فإن التصعيد الأمني المستمر يُنذر بمزيد من التحديات في المستقبل. ومع تزايد الضغط العسكري على الجماعات الانفصالية، يبقى التساؤل مطروحًا: هل ستتمكن إسلام آباد من تحقيق استقرار دائم في بلوشستان؟