في السادس من أغسطس 2025، صادقت الحكومة اللبنانية على خطة «حصر السلاح بيد الدولة»، وكلفت الجيش اللبناني بوضع برنامج لنزع سلاح جميع المجموعات، بما فيها حزب الله، على أن يُنفذ البرنامج قبل نهاية عام 2025. هذا القرار قوبل بردود فعل هستيرية من مختلف مسؤولي نظام الملالي.
علي أكبر ولايتي، المستشار السياسي لخامنئي ووزير الخارجية الإيراني الأسبق، قال في حديث لوكالة أنباء تسنيم (التابعة للحرس) إن خطة نزع سلاح حزب الله في لبنان «لن تصل إلى أي نتيجة هذه المرة أيضاً، والمقاومة ستصمد في وجه هذه المؤامرات».
علي لاريجاني، الذي عيّنه مؤخرًا علي خامنئي أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي للنظام، قام في 13 آب/أغسطس 2025 بزيارة إلى بيروت بهدف مواجهة خطة نزع سلاح حزب الله اللبناني.
وفقًا للمعلومات الواردة بحسب عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حسين داعي الإسلام من داخل النظام الإيراني، يعتبر هذا النظام نزع سلاح حزب الله اللبناني تهديدًا كبيرًا لأمنه وهزيمة لا يمكن تعويضها.
وقد ناقش هذه القضية قبل الحرب الاخيرة التي استمرت 12 يومًا، في المجلس الأعلى للأمن القومي للنظام، وكانت تقديراته أن نزع سلاح حزب الله سيفتح الطريق أمام شن هجمات عسكرية لاحقة ضد النظام. ولهذا السبب، يبذل النظام كل ما في وسعه لمنع حدوث ذلك.
وبحسب الخط الذي رسمه خامنئي والمجلس الأعلى للأمن القومي للنظام، يجب بأي حال من الأحوال عدم السماح بنزع سلاح حزب الله في لبنان. ويرى النظام أن هذا النزع بمثابة «وثيقة استسلام استراتيجية لحزب الله»، خصوصًا أن الخطة تنص أيضًا على حصول الحكومة اللبنانية على أسلحة حزب الله الموجودة فوق الأرض وتحتها.
خلال العام الماضي، أدت الضربات التي تلقاها حزب الله اللبناني، وفق لداعي الإسلامي إضافةً إلى سقوط بشار الأسد، إلى إضعاف القوة الاستراتيجية للنظام في المنطقة، ومهّدت لسلسلة ضربات عسكرية لاحقة ضد نظام الملالي. وفي حال نزع سلاح حزب الله، سيفقد النظام أهم ذراعه العسكرية في المنطقة.
ولهذا الغرض، صمّم النظام الإيراني سلسلة من المؤامرات لمنع نزع سلاح حزب الله. في المرحلة الأولى، يريد النظام استغلال الفرصة المتبقية خلال الأسبوعين القادمين لعرقلة إقرار الخطة السياسية النهائية لنزع سلاح حزب الله، أو تأجيلها، أو إفشالها بأي طريقة ممكنة. لأنه في حال إقرار هذه الخطة، فلن يكون من الممكن تعديلها لاحقًا نظرًا للظروف السياسية في لبنان.

إضافة إلى الخطوات السياسية والدبلوماسية التي يخطط لها النظام في المراحل الأولى، يسعى الحرس إلى خلق حالة من انعدام الأمن في لبنان، بهدف الإيحاء بأن نزع سلاح حزب الله سيؤدي إلى فقدان الأمن في البلاد.
ويخطط الحرس لتنفيذ ذلك عبر تجنيد عصابات إجرامية، ومن بين خططه تنفيذ هجمات على بعض المراكز الأجنبية والعربية في لبنان. والجدير بالذكر أن في السنوات الأخيرة، استخدم فيلق القدس التابع للحرس العصابات الإجرامية على نطاق واسع لتنفيذ عملياته الإرهابية في الخارج، وفي لبنان يتمتع بقدرة أكبر على التحرك بفضل وجود حزب الله.
ومن بين خطط النظام الأخرى، أنه إذا قررت الحكومة السورية الجديدة التعاون في خطة نزع سلاح حزب الله، فسيقوم بمهاجمة قادة الجيش السوري عبر الطائرات المسيرة أو بطرق أخرى، ثم يتستر على دوره ويلصق التهمة بأطراف أخرى.
كما تشمل خطط النظام الضغط على الحكومة اللبنانية عبر بعض دول الخليج لمنع نزع سلاح حزب الله.
سفارة النظام… مركز تدخل فيلق القدس بلبنان
تُعَدّ سفارة النظام الإيراني في لبنان واحدة من السفارات التي تقع تحت سيطرة فيلق القدس التابع لقوات الحرس، ويستخدمها الحرس كمنطلق للتدخل في شؤون لبنان.
العميد في الحرس محمد سعيد إيزدي، الذي تولى قيادة قوات الحرس في لبنان وفلسطين خلال السنوات الأخيرة وقُتل في مدينة قم في 21 حزيران/يونيو 2025، كان على مدى أكثر من ثلاثة عقود موظفًا رسميًا في سفارة النظام في بيروت، واستعمل هذه السفارة كمركز قيادة لفيلق القدس في لبنان وفلسطين.
إن سقوط نظام بشار الأسد وفقدان إمكانية دعم حزب الله عبر سوريا، جعلا الوضع أكثر صعوبة على كل من النظام وحزب الله، كما أُغلِق طريق الدعم اللوجستي للنظام الملالي نحو حزب الله في لبنان. العميد في الحرس سيد رضي موسوي، الذي كان في سفارة النظام في سوريا وقُتل في 25 ديسمبر 2023، لعب لسنوات طويلة دورًا محوريًا في تزويد الميليشيات الموالية للنظام بالدعم اللوجستي عبر فيلق القدس، وخاصة في دعم حزب الله.
وفي هذا السياق، يبذل النظام جهدًا كبيرًا لإيجاد طرق بديلة وموازية لإيصال الأموال إلى حزب الله. فقد أدى إغلاق مصادر التمويل الاقتصادي لحزب الله إلى إضعاف قاعدته الاجتماعية بشكل كبير.

في الماضي، كان حزب الله يستقطب الدعم الشعبي من خلال تقديم الأموال للمساعدات الاجتماعية. ومن الخطأ الاعتقاد بأن الشيعة في لبنان يدعمون حزب الله لمجرد كونه قوة شيعية؛ فالجزء الأكبر من هذا الدعم كان ناتجًا عن الأموال التي كان حزب الله ينفقها في لبنان من خزائن الشعب الإيراني. إغلاق شريان التمويل المالي لحزب الله يضعف أرضيته الاجتماعية ويجففها.
وبعد إغلاق طرق إيصال الأموال النقدية من قبل الحرس الثوري إلى لبنان، يعتمد النظام الملالي حاليًا بشكل واسع على مكاتب الصرافة داخل لبنان لتحويل الأموال، مستمرًا في تمويل حزب الله والتدخل في شؤون البلاد.
في السابق، كان جزء مهم من الأموال التي يرسلها النظام إلى حزب الله يُنقل عبر مطار بيروت الخاضع لسيطرة حزب الله