تواجه مدينة القدس، وبخاصة جزؤها الشرقي، حملة ممنهجة لتغيير هويتها السكانية والثقافية على يد السلطات الإسرائيلية. وتشمل هذه السياسات التهويد القسري،
إضافة إلي هدم المنازل، ومصادرة الممتلكات، وفرض مناهج تعليمية إسرائيلية. تُعد هذه الممارسات انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، وتلقى إدانات متكررة من منظمات حقوقية ودولية.
تواصل السلطات الإسرائيلية تنفيذ سياسة تهدف إلى تغيير هوية القدس الشرقية وسكانها عبر إجراءات إدارية وقانونية توصف على نطاق واسع بأنها “تهويد قسري”. وتشمل هذه السياسات سحب بطاقات الهوية من الفلسطينيين، وهدم المنازل، وفرض مناهج دراسية إسرائيلية، ومنع التوسع العمراني.
ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في يونيو/حزيران 2025، فقد تم هدم أكثر من 70 منزلاً في القدس منذ مطلع العام، ما أسفر عن تشريد عشرات العائلات، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
تغيير الهوية الثقافية والدينية: طمس ممنهج للمعالم الفلسطينية
في محاولة لفرض واقع جديد، قامت السلطات الإسرائيلية بـاستبدال الأسماء العربية بأخرى عبرية في العديد من المواقع التاريخية، خاصة في البلدة القديمة في القدس والخليل.
وذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2025، أن إسرائيل تمارس “تطهيرًا ثقافيًا صامتًا” من خلال منع ترميم المعالم الإسلامية والمسيحية، ومصادرة الأراضي الوقفية، وإغلاق المؤسسات الفلسطينية، وهو ما يعد مخالفة صريحة لاتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات.
انتهاك للقانون الدولي ورفض عالمي
تُعد هذه الممارسات انتهاكًا صارخًا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل القسري للسكان أو تغيير طابع الأراضي المحتلة.
وأكدت محكمة العدل الدولية في فتواها عام 2004 حول الجدار العازل أن “جميع التدابير التي تتخذها إسرائيل لتغيير وضع القدس باطلة ولاغية”.
كما دانت اليونسكو في بيان صدر يوم الإثنين 14 يوليو 2025، هذه السياسات، مشيرة إلى أن “تهويد المدينة القديمة يهدد التراث الإنساني المشترك ويخالف القوانين الدولية”.
موقف الخبراء: عملية إحلال لا تحظى بشرعية
يرى أستاذ القانون الدولي في جامعة جنيف، الدكتور ماركوس شتاينر، أن “إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد بالقوة على الأرض، لكن هذا لا يمنح أي شرعية قانونية دولية”، محذرًا من أن “استمرار هذه السياسات يزيد من احتمالات الانفجار في المنطقة”.
في المقابل، يؤكد الباحث الفلسطيني خليل التفكجي أن “تغيير الهوية جزء من مخطط استيطاني طويل الأمد لتحويل السكان الأصليين إلى أقلية”.
دعوات أممية لوقف الانتهاكات
جددت الأمم المتحدة عبر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان دعوتها لإسرائيل بضرورة “الامتثال الكامل للقانون الدولي والتراجع عن السياسات التي تؤدي إلى تغيير الطابع السكاني والجغرافي للمناطق المحتلة”.
ودعت منظمة العفو الدولية (Amnesty International) إلى فتح تحقيق دولي مستقل في “الجرائم المرتكبة بحق السكان الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية”.