
استكمل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي يوم الاثنين المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، والذي تدعمه اتفاقية “تسهيل الصندوق الموسع” (EFF)، حيث وافق على حزم تمويل بقيمة 2.5 مليار دولار للبلاد بموجب برامج “تسهيل الصندوق الموسع” و”تسهيل الدعم السريع”.
وتتيح هذه المراجعة للسلطات المصرية سحب ما يقرب من 1.2 مليار دولار، وهو ما يزيد إجمالي مشتريات مصر بموجب برنامج تسهيل الصندوق الممدد إلى نحو 3.2 مليار دولار من إجمالي 8 مليارات دولار.
تمت الموافقة مبدئيًا على ترتيب تسهيل الصندوق الممدد في 16 ديسمبر 2022. كما وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على طلب مصر الحصول على ترتيب بموجب تسهيل المرونة والاستدامة، مما يمنحها إمكانية الوصول إلى حوالي 1.3 مليار دولار.
الأداء الاقتصادي المصري في ظل التحديات
وقال بيان صندوق النقد الدولي إنه على الرغم من التوترات الإقليمية المستمرة التي أدت إلى انخفاض حاد في عائدات قناة السويس، فإن السلطات المصرية واصلت تنفيذ سياسات رئيسية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وعلى الرغم من تباطؤ النمو إلى 2.4% في السنة المالية 2023/2024، التي انتهت في نهاية يونيو/حزيران 2024، من 3.8% في السنة المالية 2022/2023، إلا أنه انتعش إلى ما يقرب من 3.5% على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية 2024/2025.
يتجه التضخم نحو الانخفاض منذ سبتمبر 2023. ومع ذلك، خلال السنة المالية 2023/2024، اتسع عجز الحساب الجاري إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من تحسن الميزان المالي الأولي إلى فائض قدره 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بفضل تشديد ضوابط الإنفاق.
وفي استجابة للظروف الاقتصادية الخارجية والداخلية الصعبة، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على إعادة معايرة الالتزامات المالية لمصر في الأمد المتوسط .
وبناء على ذلك، من المتوقع أن يصل الفائض الأولي في الميزان المالي لمصر إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025/2026، ويبدأ تنفيذه في الأول من يوليو/تموز، ثم يرتفع إلى 5% في السنة المالية 2026/2027.
ورغم ذلك، كان التقدم نحو ضبط الأوضاع المالية العامة في النصف الأول من السنة المالية 2024/2025 أبطأ مما كان متوقعا في البداية، مما دفع السلطات إلى السيطرة على الإنفاق.
البيئة الخارجية والإصلاحات الهيكلية
وتظل البيئة الخارجية صعبة، حيث تفاقمت بسبب الصراعات الإقليمية المستمرة والاضطرابات التجارية في البحر الأحمر، والتي أثرت بشكل كبير على تدفقات النقد الأجنبي.
في غضون ذلك، حافظت التحويلات المالية وإيرادات السياحة على قوتها. وقد أظهر التحول إلى نظام سعر صرف مرن في مارس 2024 نتائج إيجابية، مع توحيد أسعار الصرف الأجنبي وزيادة نشاط التداول في سوق ما بين البنوك.
ومع ذلك، شهد تنفيذ الإصلاحات الهيكلية نتائج متباينة، مع تأخيرات ملحوظة في مجالات حاسمة مثل خطة سحب الاستثمارات.
وعلاوة على ذلك، أكد صندوق النقد الدولي أن السلطات اتخذت خطوات مهمة، بما في ذلك تعزيز الاستقلال التشغيلي لهيئة حماية المنافسة المصرية، والتعاقد مع شركة استشارية دولية لتحسين ممارسات الحوكمة في البنوك العامة.
تغير المناخ والمرونة الاقتصادية
وتطرق البيان أيضًا إلى جهود الدولة لمعالجة تغير المناخ من خلال الإصلاحات متوسطة الأجل التي يدعمها ترتيب صندوق التكيف الاستراتيجي، والذي يهدف إلى تسريع إزالة الكربون وتعزيز إدارة المخاطر البيئية.
أكد نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، نايجل كلارك، على التقدم الكبير الذي أحرزته السلطات في تحقيق الاستقرار الاقتصادي على الرغم من الصدمات الخارجية . ويُظهر نمو الناتج المحلي الإجمالي علامات انتعاش، كما أن التضخم يتباطأ.
التوقعات والتوصيات
وفي إطار النظرة المستقبلية، أكد صندوق النقد الدولي على الحاجة إلى اليقظة المستمرة والالتزام القوي بالاستدامة المالية.
ويعد تعزيز تعبئة الإيرادات المحلية وتعزيز الشفافية في الأنشطة المالية أمراً ضرورياً لخلق الحيز المالي اللازم لتلبية احتياجات التنمية.
وعلاوة على ذلك، فإن الانتقال إلى نموذج اقتصادي جديد يقلل من تدخل الدولة ويمكّن القطاع الخاص أمر بالغ الأهمية لتحقيق النمو المستدام.
وأقر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بالتقدم الذي أحرزته السلطات لكنه حثها على تكثيف جهودها في مجال الإصلاح الهيكلي لتعزيز النمو الشامل القائم على خلق فرص العمل.
إن تنفيذ إصلاحات المناخ الهامة على المستوى الكلي مع تشجيع الاستثمار الخاص من شأنه أن يعزز مرونة الاقتصاد المصري بشكل أكبر.
إن استكمال المراجعة الرابعة بموجب ترتيبات “تسهيل الصندوق الممدد” والموافقة على “تسهيل الدعم السريع” يعكسان دعم صندوق النقد الدولي لجهود الإصلاح الاقتصادي الجارية في مصر.
ومن المتوقع أن تتبع المشاورات المقبلة للمادة الرابعة مع مصر دورات التشاور المعمول بها بالنسبة للدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتعافى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في مصر في السنة المالية 2024/2025 إلى 3.6% مقارنة بـ2.4% في السنة المالية 2023/2024.
وتوقع الصندوق أيضا أن يتراجع معدل التضخم إلى 16.6% بنهاية السنة المالية 2024/2025، بمتوسط 22.4% حتى نهاية السنة المالية الحالية.
وتوقع صندوق النقد الدولي أيضا أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من 90.9% في السنة المالية 2023/2024 إلى 86.8% بنهاية السنة المالية 2024/2025.
وفي الوقت نفسه، توقع الصندوق أن يقفز الدين الخارجي إلى 46.1% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2025، مقارنة بـ39.9% في السنة المالية 2023/2024.