فرضت واشنطن الثلاثاء الماضي عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” مع سبع شركات تابعة له، على خلفية ارتكابه “جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وعنف جنسي بحق المدنيين في السودان”.
الأمر الذي توقع معه خبراء أمريكيون أن العقوبات التي فرضت على حميدتي، ربما تلحق أيضا قائد القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية في الشرق الليبي خليفة حفتر، لتورطه في تزويد “حميدتي” بالإمدادات العسكرية.
وذكر التقرير الأممي أن “قوات الدعم السريع اعتمدت على شبكة مالية معقدة لدعم مجهودها الحربي في السودان، إضافة إلى المجتمعات الحليفة وخطوط الإمدادات العسكرية الجديدة التي تمر عبر تشاد وليبيا وجنوب السودان”.
ونقلت صحيفة ” اندبندنت” عن المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية في تقرير له نشر في فبراير الماضي وجود “عمليات تهريب وقود وسلاح واسعة جرت عبر ليبيا ودول أخرى إلى قوات الدعم السريع في السودان”، موضحاً أن “مجموعة ‘فاغنر’ سابقاً والمعروفة حالياً بالفيلق الأفريقي – الروسي نقلت منذ أبريل 2023 منظومات الدفاع الجوي المحمولة والذخيرة إلى قوات الدعم السريع من ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد”.
ولفت تقرير المعهد إلى أن “حفتر زوّد هذه القوات بالوقود والأسلحة عبر القواعد الجوية والبرية، وبخاصة قاعدة الويغ قرب الحدود مع تشاد والنيجر، حيث تقود كتائب عدة بالتعاون مع ‘فاغنر’ نقل الوقود والمعدات الطبية واللوجستية”، وهي عناصر وصفها المتخصص في الشأن العسكري العقيد عادل عبدالكافي بأنها كافية لتنسحب العقوبات الأميركية بدورها على قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر وبقية حلفاء حميدتي الذين ثبتت تورطهم في دعم الأخير بالأسلحة والمرتزقة إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية.
وقال إن العقوبات الأميركية على قائد “الدعم السريع” وسبع شركات تابعة له بالتأكيد ستحد من قدرته القتالية بسبب عدم وصول الإمدادات العسكرية لقواته، لأن هذه الشركات عبارة عن أذرع له دورها المتمثل في ضمان جلب المعدات العسكرية بالتنسيق مع عدد من الدول على غرار روسيا وغيرها.
واعتبر عبدالكافي أن تداعيات سقوط نظام الأسد في سوريا بدأت تلقي بظلالها على “حميدتي” وستشمل في القريب العاجل حليفه حفتر، باعتبار أنه خلال فترة حكم رئيس النظام السوري السابق كانت دمشق قاعدة انطلاق للرحلات الجوية المحملة بالأسلحة والذخائر والمرتزقة نحو المنطقة الشرقية حيث تتمركز قواعد حفتر، ليجري الدفع بها خلال مرحلة لاحقة إلى القواعد الجنوبية في ليبيا التي توجد بها قوات الفيلق الأفريقي – الروسي الذي يؤمن مرور جزء من هذه المعدات العسكرية نحو “الدعم السريع” التي يقودها “حميدتي”.
وأوضح أن “سقوط الحليف السوري وملاحقة حميدتي سيقزمان معسكر الرجمة”، متوقعاً انهيار حفتر على خطى حميدتي نتيجة الضغط الغربي على هذه الأطراف عبر منع وصول الإمدادات إليها.
يأتي ذلك بعد زيادة النفوذ الروسي في ليبيا، مؤكداً أن العمل جار حالياً من قبل موسكو لتجهيز قاعدة جوية – برية لديها إطلالة على البحر الأبيض المتوسط في منطقة قيمينس الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً من بنغازي.
وجهة نظر مختلفة
لكن المحلل السياسي محمد امطيريد عارض التوجه الذي ذهب إليه العقيد عادل عبدالكافي، وقال إن المقارنة بين “حميدتي” والأسد وحفتر غير ممكنة باعتبار الأخير قائداً لجيش نظامي وفي تواصل مستمر مع الجهات الأممية والدولية.
وأكد امطيريد أن “من يدعي أن واشنطن ستفرض عقوبات على حفتر مثل ما فعلت مع حميدتي أو الأسد مخطئ، لأن الأمريكيين على تواصل مستمر مع حفتر وهناك سعي إلى كسبه كحليف لهم، مدللا بتوالي الزيارات المتكررة للمسؤولين الأميركيين إلى معسكر الرجمة كأكبر دليل على توجه الولايات المتحدة لكسب حفتر كشريك إستراتيجي، بهدف كسر التمدد الروسي في أفريقيا انطلاقاً من ليبيا”.
وشدد على أن الأميركيين يعتمدون على حفتر باعتباره الرجل القوي الذي يقود جيشاً كاملاً في الشرق والجنوب الليبي ويسيطر على 70 في المئة من رقعة ليبيا، وبالتالي فإن فكرة انسحاب العقوبات الأميركية على حفتر ليلقى المصير نفسه الذي لاقاه حميدتي لا يمكن الذهاب إليه، لأن حفتر قائد جيش والعالم يعترف به من خلال خطابات دولية وأممية.