رواية “المحاكمة”
المؤلف: فرانز كافكا
في صباح رمادي عادي، يستيقظ “يوسف ك.”، الموظف المصرفي النظامي، ليجد نفسه قيد الاعتقال دون تهمة، ودون أن يعلم من الذي اعتقله أو لماذا. تبدأ محنته البيروقراطية العبثية، ويُلقى به في دوامة من جلسات المحاكمة غير المحددة، والقضاة الغامضين، والغرف الخانقة التي لا تؤدي إلى وضوح، بل إلى مزيد من الغموض والتشويش.
كأنما الحياة تحوّلت إلى متاهة قضائية لا مخرج منها، ويظل يوسف ك. يتنقل كالأعمى بين أبواب مغلقة، ووُجهات تتحدث بلغة القانون دون أن تفهمه، بينما هو يبحث بيأس عن مخرج، عن تفسير، عن حقه في الفهم قبل الدفاع. تتآكل إنسانيته شيئًا فشيئًا، وتستحيل حياته إلى محاكمة ممتدة، حتى يصل في النهاية إلى مصيره المحتوم، نهاية تُنفذ بلا شفقة، كأنها قصاص وجودي لا جريمة فيه إلا الوجود ذاته.
إنها رواية عن الإنسان حين يُحاكم لأنه إنسان.
الفكرة العامة:
رواية المحاكمة هي صرخة ضد العبث، ضد الأنظمة المجهولة التي تحاكم الإنسان بلا سبب، وتدينه دون أن تمنحه حتى فرصة الفهم. إنها تعبير كافكاوي عن الاغتراب، وسحق الفرد داخل مؤسسات لا وجه لها. الإنسان هنا مذنب منذ البداية، لا لأنه ارتكب جرمًا، بل لأنه وُجد في عالم لا منطق فيه، حيث العدالة ذاتها تتحول إلى أداة قمع مبهمة.
أهم المقولات في الرواية:
1- “لا بد أن هناك خطأ ما، فقد اعتُقلت هذا الصباح دون أن أفعل شيئًا.” – العبارة الأولى التي تفتتح بها الرواية، وتلخص روحها كاملة.
2- “المحكمة لا تطلب البراءة، بل الاعتراف.”
– تصوير مرعب لفكرة العدالة المقلوبة.
3- “كل شيء سينتهي قريبًا، ولكن قبل ذلك سيستمر كثيرًا.”
– لُبّ الزمن الكافكاوي: انتظار لا نهاية له قبل السقوط.
4- “أن تكون بريئًا لا ينقذك من العقوبة.”
– كأن البراءة عبء يجب أن يُزال ليتم الانسجام مع منظومة الفوضى.
سيرة ذاتية مختصرة لكافكا:
فرانز كافكا (1883 – 1924) كاتب تشيكي من أصل يهودي ألماني، وُلد في براغ وعاش حياةً متوترة بين ضغط العائلة والعمل والكتابة. عُرف بأسلوبه الكابوسي الذي يُمزج فيه الواقع بالغرابة، حتى أصبح اسمه رمزًا لعالم العبث واللاجدوى. لم ينشر معظم أعماله في حياته، وطلب إتلافها بعد وفاته، لكن صديقه ماكس برود تجاهل وصيته فنُشرت أعماله ومنها: المسخ، القلعة، المحاكمة.