توترات متصاعدة بين مصر وإسرائيل

في وقت متأخر من مساء الاثنين، نفت مصر وإسرائيل الشائعات التي تحدثت عن وقوع مناوشات على الحدود، وفي حين أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية في البداية بوقوع هجوم على جنود إسرائيليين أعقبه إطلاق نار عبر الحدود المصرية، تحدثت القاهرة وتل أبيب عن عملية مزيفة لتهريب المخدرات.

وجاءت التصريحات الرسمية التي صدرت على الفور من الجانبين وسط توترات متزايدة في العلاقات الثنائية، والتي قال مسؤولون مصريون هذا الأسبوع إنها نتيجة للحرب الإسرائيلية على غزة وفشل الولايات المتحدة في تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار مع اقتراب الحرب من ذكراها السنوية الأولى.

وقال مصدر مطلع في تصريح غير رسمي: “بينما لا أستطيع أن أقول إن التوترات العميقة هي وصف دقيق للوضع، إلا أنني أستطيع أن أقول إننا في صراع بشأن اتجاه الحرب على غزة والمسار المحتمل نحو وقف إطلاق النار، وحول التدابير الأمنية والإدارية التي ستكون ضرورية في اليوم التالي”.

وتقول مصادر أخرى إن العلاقات مستمرة في معظمها في إطار العمل المعتاد. ولم يحدث حتى الآن انقطاع كبير في التعاون الثنائي، ويبدو أن هناك تفاهماً واضحاً بين الجانبين على أنهما لا يستطيعان تجاوز نقطة معينة في خلافاتهما.

ويشيرون إلى أن مصر لم تستدع سفيرها من تل أبيب، واستمرت في التوسط بحسن نية بين حماس وإسرائيل للمساعدة في إنهاء الحرب وتجنيب المدنيين عواقبها المدمرة. لكنهم يضيفون أن مصر تشعر بخيبة أمل عميقة بسبب أمرين: “الافتقار المطلق للإرادة السياسية من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو للعمل نحو التوصل إلى اتفاق، ومحاولات نتنياهو خلق واقع فعلي على طول ممر فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً بين مصر وغزة.

وبحسب مصدر حكومي، فإن نتنياهو، لأسباب وحسابات سياسية خاصة به،، غير مستعد لإنهاء الحرب، وقد استخدم كل الأعذار والحيل المتاحة لتجنب ذلك، بما في ذلك الإصرار على مستوى من الوجود العسكري الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا، وهو ما يعرف أنه يتجاوز بكثير أي شيء قد تستوعبه مصر حتى مؤقتا. وأضاف المصدر أن نتنياهو بدأ، لتعزيز خطته، في الضغط على بعض العواصم العربية للتخطيط لنشر قوة عربية-إسلامية في الممر دون الحصول أولا على موافقة القاهرة.

وتنص اتفاقية كامب ديفيد لعام 1978 بشكل واضح على وجود عسكري إسرائيلي في هذه المنطقة، وأي تعديلات على الوضع الراهن على الأرض تحتاج إلى ضوء أخضر من القاهرة.

ويزعم نتنياهو أن وجوداً عسكرياً إسرائيلياً طويل الأمد على الحدود، وقوة مراقبة عسكرية عربية إسلامية، ضروريان لوقف تهريب الأسلحة تحت الأرض من سيناء إلى غزة. وتقول مصادر مصرية إن مصر قطعت شوطاً إضافياً لإغلاق أي أنفاق متبقية على الجانب المصري من الحدود، بالتعاون مع الأميركيين الذين يتولون رعاية اتفاق السلام المصري الإسرائيلي.

وقال وزير الخارجية بدر عبد العاطي هذا الأسبوع: “في كل مرة يكون هناك اتفاق على وقف إطلاق النار، يطلق نتنياهو ادعاءات لا أساس لها من الصحة بشأن تهريب الأسلحة عبر الحدود المصرية”.

ورغم أن اتهامات المسؤولين المصريين لنتنياهو باختلاق الذرائع لتجنب وقف إطلاق النار ليست جديدة، إلا أن مثل هذه التصريحات كانت تصدر في الماضي سرا. ووفقا لمصادر تحدثت إلى الأهرام ويكلي، فإن التحول الأخير في لغة وانفتاح التصريحات المصرية يعكس إحباط القاهرة من تكتيكات نتنياهو في المماطلة.

وبحسب تصريحات صادرة عن المكتب الصحفي للرئيس، واصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقاءات مع مسؤولين أوروبيين زائرين هذا الأسبوع، ومن بينهم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي المنتهية ولايته جوزيب بوريل ووزير خارجية الدنمارك لارس لوك راموسن، التحذير من احتمال اندلاع صراع أوسع نطاقا. وتقول مصادر إن مخاوف القاهرة لا تزال قائمة رغم بوادر الاحتواء على الجبهة الإسرائيلية مع حزب الله في لبنان ومع إيران.

ويجادلون بأنه لا يمكن التكهن بما يمكن أن يحدث في الضفة الغربية في ظل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة هناك، أو على طول الحدود مع الأردن، وخاصة بعد الهجوم الذي وقع يوم الأحد على جسر اللنبي الذي يربط المملكة الهاشمية بالضفة الغربية، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين.

وأكدت مصادر مصرية يوم الاثنين تقارير إخبارية أميركية أفادت بأنه من غير المرجح أن تقترح واشنطن الآن على حماس وإسرائيل الاتفاق الذي كان المسؤولون الأميركيون يتابعونه عن كثب في الأسابيع الأخيرة.

 

ويقول الدبلوماسي المصري هشام يوسف، الذي يمتلك سنوات من الخبرة في التعامل مع الملف الفلسطيني، إن هناك خمسة عوامل ستشكل مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية.

أولاً، قال إن إسرائيل بحاجة إلى استيعاب “الحساسيات المصرية حول رفح وممر فيلادلفيا، وهو الشريط من الأرض الذي يمتد على طول الحدود بين مصر وغزة” في أي مخطط أمني مستقبلي. ثانياً، تحتاج إسرائيل إلى تجنب أي إجراءات من شأنها إشعال التوترات على الأرض مع استمرار الحرب على غزة نظرًا لأن “الجنود الإسرائيليين والمصريين يعملون على مقربة من بعضهم البعض في بيئة متوترة بالفعل”.

وأضاف أن العوامل الثلاثة الأخرى تتعلق بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، والحكم، والأمن وإعادة الإعمار في القطاع، والمسار السياسي لإقامة الدولة الفلسطينية التي بدونها يصبح تكرار المواجهة أمراً لا مفر منه. ويجب تنسيق الخيارات الإسرائيلية على هذه الجبهات مع مصر.

وبحسب يوسف فإن أي تدهور في العلاقات المصرية الإسرائيلية سيضر بالمنطقة بأكملها، ولذلك فمن الضروري أن تبذل الولايات المتحدة كل الجهود الممكنة لمعالجة “الشقوق”.

/الاهرام اون لاين/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights