تقارير

توجيهات أميركية بتكثيف التجسس على غرينلاند لأسباب أمنية

في تطور جديد يكشف عن تصاعد التوترات الجيوسياسية في القطب الشمالي، أفادت تقارير إعلامية أن وكالات الاستخبارات الأميركية تلقت أوامر واضحة بزيادة أنشطتها التجسسية في جزيرة غرينلاند، التابعة لدولة الدنمارك والتي تتمتع بالحكم الذاتي. وتأتي هذه الخطوة وسط تجدد اهتمام إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالسيطرة على الجزيرة ذات الأهمية الجغرافية والاقتصادية.


تعليمات مباشرة لوكالات الاستخبارات

نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة أن كلاً من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ووكالة استخبارات الدفاع، ووكالة الأمن القومي، تلقت الأسبوع الماضي تعليمات رسمية بتكثيف عمليات جمع المعلومات حول غرينلاند. وجاءت هذه التعليمات تحت إشراف مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد.

وبحسب المصادر، فإن الهدف الأساسي من هذه التعليمات هو رصد الشخصيات السياسية والمجتمعية في غرينلاند والدنمارك، التي قد تدعم أي تحرك أميركي نحو السيطرة على الجزيرة.


أدوات التجسس: من الأقمار الصناعية إلى الاستخبارات البشرية

وفقاً للتقرير، ستعتمد عمليات جمع المعلومات على مزيج من الوسائل المتقدمة، تشمل:

  • الأقمار الصناعية التجسسية

  • اعتراض الاتصالات الرقمية

  • التجسس البشري (Humint)

ويشير مراقبون إلى أن هذا المستوى من الرصد يدل على أهمية استراتيجية متزايدة لغرينلاند في حسابات الأمن القومي الأميركي، خاصة في ظل التنافس الدولي على النفوذ في القطب الشمالي.


رد فعل مديرة الاستخبارات: هجوم على الإعلام

في رد غاضب على نشر التقرير، قالت تولسي غابارد للصحيفة:
“يجب أن تخجل وول ستريت جورنال من دعم عناصر الدولة العميقة التي تسعى لتقويض الرئيس من خلال تسريب معلومات سرية. إن هذا السلوك مخالف للقانون ويهدد أمننا القومي.”

وقد أثار هذا التصريح جدلاً واسعاً حول التوازن بين حرية الصحافة وأمن المعلومات الاستخباراتية.


خلفية التوتر الأميركي-الدنماركي حول غرينلاند

تعود جذور هذه التوترات إلى عام 2019 عندما أعرب دونالد ترمب صراحة عن رغبته في شراء غرينلاند من الدنمارك، في خطوة أثارت حينها موجة انتقادات وسخرية. ورفضت الحكومتان الدنماركية والغرينلاندية الفكرة بشكل قاطع، معتبرين إياها “غير منطقية”.

ويبدو أن اهتمام واشنطن بغرينلاند لا يزال قائماً، مدفوعاً بعوامل منها:

  • الموقع الجغرافي المهم للجزيرة بين أميركا وأوروبا

  • ثرواتها الطبيعية المحتملة (مثل المعادن النادرة)

  • تصاعد النفوذ الروسي والصيني في القطب الشمالي


موقف سكان غرينلاند: الاستقلال لا يعني أميركا

بحسب استطلاعات الرأي، يُظهر سكان غرينلاند (57 ألف نسمة) رغبة واضحة في الاستقلال عن الدنمارك، لكن دون الارتباط بالولايات المتحدة. هذا الموقف الشعبي يُصعّب على واشنطن تحقيق أي نفوذ مباشر على الجزيرة.


تحليل: هل تعود واشنطن لسياسة “شراء الأراضي”؟

يطرح هذا التحرك الاستخباراتي تساؤلات حول نوايا الإدارة الأميركية تجاه غرينلاند، وهل تعود واشنطن إلى أسلوب التوسّع الجغرافي غير التقليدي عبر الضغط السياسي أو التجسس، بعد عقود من التخلي عن سياسة “شراء الأراضي” التي كانت معروفة في القرن التاسع عشر.

الملف لا يزال مفتوحاً، والأنظار تتجه إلى مستقبل العلاقة بين واشنطن وكوبنهاغن، في ظل تزايد الاهتمام بالموارد الجوفية والمواقع الاستراتيجية في القطب الشمالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى