أثارت تقارير إعلامية محلية مزاعم عن وجود “تحركات إقليمية مشبوهة” تهدف إلى دمج مدينة طرابلس اللبنانية ضمن نطاق النفوذ السوري، ما فجّر جدلًا سياسيًا وحقوقيًا واسعًا في الأوساط اللبنانية والدولية، وسط نفي رسمي لبناني لأي وجود فعلي لهذا السيناريو.
وبحسب ما نشرته صحيفة النهار وعدد من المنصات الإخبارية، استندت المزاعم إلى تقارير أمنية محلية تحدثت عن محاولات لتغيير البنية الثقافية والسياسية في طرابلس من خلال تمويل جماعات موالية لمحور إقليمي، دون تقديم أدلة دامغة.
في المقابل، نفت مصادر في الجيش اللبناني ووزارة الداخلية أي “تحركات غير قانونية” أو “اختراقات سيادية” في شمال لبنان.
الوزير بسام مولوي شدد في تصريحات صحفية على أن “طرابلس كانت وستبقى لبنانية الهوية والانتماء، وأن الدولة لن تسمح بأي تهديد يمس السيادة أو وحدة الأرض”، مضيفًا أن الأجهزة الأمنية تتابع كل ما يُشاع حول هذه القضية “بدقة وحذر”.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإقليمية الدكتور وسيم نصر لوكالة فرانس برس إن “هذه الادعاءات تأتي في ظل تصاعد نفوذ الجماعات المرتبطة بمحور طهران – دمشق في بعض مناطق الشمال اللبناني، لكنها تفتقر إلى أي غطاء قانوني أو سياسي داخلي أو خارجي”.
وأضاف أن “القلق الحقيقي لا يكمن في الضم الفعلي، بل في تنامي التغلغل الإقليمي في بيئات فقيرة ومهمّشة تُستخدم كورقة ضغط”.
أما الحقوقية اللبنانية منى جعجع من مركز “مراقبة الحريات الإقليمية”، فرأت في هذه المزاعم “محاولة لصرف الانتباه عن الأزمات الحقيقية التي تعاني منها طرابلس، خصوصًا تفشي الفقر، وانهيار التعليم، والتراجع الأمني”، محذّرة من استغلال هذه الثغرات لإحداث اختراقات سياسية من قبل جهات خارجية.
وأكد الباحث في الشؤون الدستورية جورج صفا أن “أي تغيير في الوضع القانوني لمدينة لبنانية دون قرار سيادي وطني يُعد انتهاكًا صارخًا لميثاق العيش المشترك ولدستور 1926”.
مشيرًا إلى أن “المجتمع الدولي، خاصة بعثات الأمم المتحدة في لبنان، يراقب عن كثب أي إشارات لتبدلات في الحدود أو الهوية السياسية للمناطق”.
في الوقت الذي تنفي فيه دمشق رسميًا أي علاقة بالموضوع، يبقى الملف مفتوحًا على احتمالات التصعيد الإعلامي والسياسي، وسط دعوات من المجتمع المدني اللبناني للتركيز على معالجة جذور التهميش في طرابلس، بدلاً من الوقوع في فخ “الهواجس العابرة للحدود”.