مقالات

توفي الشيخ القرضاوي فانفلت عقال الرشد والاستقامة وتاه العيال!

بقلم: مضر أبو الهيجاء

منذ موت القرضاوي رحمه الله بعد أن أدلى بشهادة تاريخية معلنة ومسجلة على قناة الجزيرة أعلن فيها عن خطأ تصوره السابق تجاه ملالي إيران، كما أعلن عن ندمه وتراجعه عن كل منهجه في السعي للتقارب بين المسلمين والشيعة، مبينا أن كل خطوة في هذا الاتجاه كانت خطأ ولم تثمر إلا لصالح زيادة التمكين للمشروع الإيراني الطائفي الشيعي، مضيفا ومبينا -بتواضع العلماء الربانيين- أن غيره من العلماء كان أكثر وعيا وأصوب موقفا منه تجاه المشروع الإيراني الطائفي الشيعي..

منذ ذلك الحين وبعد وفاة القرضاوي ظهرت مقولات الضالين في طرح ارتد على طرحه وناقض فهمه وتمرد على نصحه عند بعض من ينتمون لمدرسته الفكرية ومرجعيته الحركية!

من الموجع القول إنه إذا كانت النبوة قد ختمت فإن وراثتها لم تختم بعد، فلماذا يخفت صوت العلماء ورثة الأنبياء في تبيين الدين جليا دون مواربة وبغير استحياء؟

إن ضعف دور العلماء وغياب الإجماع في بلورة وصف شرعي سياسي دقيق بصدد مشروع ملالي إيران -بشكل يوازي المشروع الصهيوني-، كما أن ترددهم في إصدار موقف بإجماع نسبي واضح تجاه المشروع الإيراني ودور وفعل المكون الشيعي اليوم، هو سبب في تمدد وتوسع ظاهرة الانزياح نحو إيران من طرف الذين يقدمون أنفسهم كموجهين للأمة سواء في الإطار الفكري -المختار الشنقيطي- أو الإطار الشرعي الفقهي -أحمد الريسوني- أو الاطار الدعوي – طارق سويدان-!

فلماذا برز موقف القرضاوي ناصعا أبيضا لا شبهة فيه، فيما تغيب مواقف العلماء اليوم؟ وما يظهر منها فإنه يبرز على استحياء في كلام ضمني وإشارات تحذر من المشروع الإيراني وأذرعه؟

إن تأخير البيان بشكله المطلوب في زمن حاجته نوع من أنواع النكوص عن القيام بالواجب الشرعي في تبيين الحق للناس، وهو الدور الأكبر والمهمة الأولى التي لأجلها أرسل الله جميع الرسل والأنبياء.

أعود فأقول منبها لإخواني وسادتي العلماء، إن ترددكم في القيام بفريضة البيان -بشكله وحجمه الذي يحاكي واجب الوقت ويوازي حجم التحديات- سبب في توسع إتلاف الوعي الإسلامي أمام مشروع خطر هو أعمق وأقدر في سحقه للأمة وإتلاف دينها من المشروع الصهيوني المعادي الذي انحسر دوره في البطش والقتل والاحتلال ولم ينجح بتبديل دين عموم العرب والمسلمين وخصوص الفلسطينيين، بخلاف المشروع الإيراني الساحر والخطير.

أخيرا أقول.. قبل عشرين عاما -زمن سقوط بغداد- لم آل جهدا في الحديث مع كبار بني قومي من الذين خطوا المسار الاسلامي في فلسطين محذرا من كوارث قادمة -في حال الارتباط بالمشروع الإيراني- ومشيرا الى إثم عظيم سيفضي لثلاث مهالك هي:

1/ إتلاف دين الناس وعقائدهم من مدخل الافتتان بكل من يساند الجهاد في فلسطين منبها أن إيران مشروع متكامل وليست مجرد دولة.

2/ إحداث فجوة حقيقية ستتسع بين الشعوب العربية وحركاتها السياسية من جهة وبين الحالة الفلسطينية المتحالفة مع أحد الأعداء في المنطقة وهي إيران.

3/ اختطاف رصيد الجهاد والهيمنة على المكون القتالي الفلسطيني من قبل إيران وتحويله إلى ذراع فاعل لها، لاسيما وهو الأكثر سحرا بين الشعوب باعتبار قدسية قضية الأقصى.

وبالله ووالله وتالله كان يجيبني كبار القوم قائلين نحن نعرف كفر الشيعة أكثر منك، ونعرف عداء إيران ونبغض الملالي الملاعين، وطبيعة علاقتنا لن تشكل أي تهديد عقدي أو ثقافي، فهي محصورة في البعد السياسي، وأضاف كبيرهم قائلا هي منضبطة ومضبوطة ونحن وليس هم الفاعلون في القضية.. استشهد الأول واستشهد الثاني وبقي الثالث يشهد بأم عينه أن رموزا كبارا من أهل الفكر والسياسة والفقه والدعوة باتوا مروجين متطوعين لمشروع ملالي إيران المعادي!

وقع المحظور وأصبح الفعل الجهادي في فلسطين مستثمرا لاتلاف الوعي الديني في مساحة عريضة في الأمة!

وقع المحظور وأحدثت خيارات القيادات الاسلامية الفلسطينية فجوة بين العرب من جهة وبين القضية الفلسطينية، وشكل التفاعل السياسي على هذا يشهد!

وقع المحظور وأصبح رصيد الجهاد والعمل القتالي في كفة المشروع الإيراني، وهو الفعل الوحيد والفريد الذي يشير ويؤكد للخلق صدقية وشرعية السردية الشيعية واسألوا الشيخ سويدان أو العالم الريسوني!

نحن اليوم أمام مخاطر حقيقية على عموم الأمة ودولها وثقافتها، تضاف للمأساة الفلسطينية، وذلك في ظل تخادم وتفاهم عميق بين القطب الأمريكي الذي يقود الدنيا وبين ملالي إيران الذين احتلوا عواصمنا وقريبا ستركع أمام تفاهماته مع الأمريكان جميع الأنظمة.

إن اختزال قضايا الإسلام والمسلمين، واختزال النظر للتحديات الحقيقية الواقعة على الأمة، والنظر إليها من خلال المنظار المنحرف في النظر لمصالح موهومة في فلسطين.. سبب ومهلكة للأمة والدين، وهو مشروع وتحالف لا يخرج عن الرؤية الأمريكية التي سمحت باستدامة وتعميق العلاقة بين ملالي إيران وبين فصائل المقاومة في فلسطين!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى