جريدة الأمة الجزائرية لصاحبها أبو اليقظان
الأمة| كان الحدث الأكثر أهمية في تاريخ حزب نجم شمال إفريقيا هو تأسيس جريدة الأمة في أكتوبر 1930، وتهدف هذه المجلة الشهرية إلى الدفاع عن مصالح المسلمين في الجزائر والمغرب وتونس.
وقد لقت صحيفة الأمة استحسان المهاجرين واستفاد من توزيعها على نطاق واسع في باريس. وأرسلت نسخ كثيرة إلى الجزائر وتونس، وحظيت الجريدة بتشجيع وتبرعات من العديد من المتعاطفين في تلمسان والجزائر العاصمة ووهران وسيدي بلعباس.
واستمر توزيع الأمة في الزيادة، حيث ارتفع عدد النسخ من 3000 نسخة في عام 1930 إلى 9000 نسخة في عام 1933، ثم إلى 15000 نسخة في عام 1934، ولعبت الصحيفة دورًا حاسمًا في تجنيد العديد من الناشطين من أجل القضية.
هدف جريدة الأمة
تناولت الأعداد الأولى من جريدة الأمة نشاطات نجم شمال أفريقيا واجتماعات اللجان التوجيهية، ونشر جداول الأعمال المعتمدة في مختلف الاجتماعات وندد بالظلم المرتكب ضد المهاجرين في فرنسا، ولا سيما انتهاكات أجهزة الشرطة الخاصة.
أكثر ما أذهل القراء هو نبرة الصحيفة، ووجد المهاجر نفسه هناك، وتلقى أخبارًا عن عائلته ورأى غضبه وأمله يظهران، وأكدت الصحيفة رغبة الجزائريين في استعادة سيادة بلادهم وظلت منتبهة للغاية للتحليلات المناهضة للإمبريالية التي تجريها الأحزاب البروليتارية.
ونددت جريدة الأمة، بالعالم الإمبريالي الذي “يتميز اقتصاده بفوضى الإنتاج وإمكانات الاستهلاك والبطالة وتكثيف الترشيد وتخفيض الأجور وفقر الطبقة العاملة وتعزيز عبودية العمال والشعوب المستعمرة والسلام البرجوازي والاستعداد للحرب”.
وخلصت الأمة إلى أن “قضية السلام تكمن في تدمير أنظمة الدول الإمبريالية”، لم يعد “نجم شمال إفريقيا” يرغب في رؤية سكان شمال إفريقيا يقعون في فخ الدعاية الإمبريالية: “الوطن الأم، العدالة، الحرية، القانون، الحضارة”. وأكد على خط سلوك تم تأكيده لأول مرة في أوساط السكان الأصليين: “سوف نقف بكل قوتنا ضد أي محاولة إجرامية، سوف نحارب، إذا أطلق العنان للقتل، فسنكون مع جميع العاملين من أجل السلام وتطبيق الانهزامية الثورية، وهو الطريق الذي سيقودنا نحو تحررنا الوطني أو الاجتماعي.
أبو اليقظان
تولى إدارة جريدة الأمة الصحفي الجزائري ابراهيم ابو اليقظان، المولود في 5 نوفمبر 1888، في القرارة، والمتوفي في 30 مارس 1973 في نفس المكان، هو رجل دين جزائري ذو مذهب إباضي، داعية وناشط مناهض للاستعمار. ويُعتبر أحد أكثر المناهضين للاستعمار المزابيين تأثيرًا في القرن العشرين، كما يعتبر من رواد الصحافة العربية المستقلة في الجزائر، فهو مؤسس أول مطبعة عربية حديثة في الجزائر، وقد أصدر 8 جرائد ما بين الأعوام 1926 و 1938 وهي: وادي ميزاب، ميزاب، المغرب، النور، البستان، النبراس، الأمة، الفرقان.
وتعتبر مجلة الأمة هي سابع صحف الشيخ إبراهيم أبو اليقزان، ظهرت في الظروف المميزة في الجزائر حيث التطور المتسارع للحركة الوطنية بين الحربين، اتخذت طابعا خاصا، سواء من حيث الأسلوب أو الهدف أو الأسلوب تناول قضايا متنوعة، منها على وجه الخصوص القضايا الوطنية من عام 1934 إلى عام 1938 – وهي فترة الإصدار – على غرار قضايا الإصلاح الشامل (الدينية، الاجتماعية، الأخلاقية، الثقافية، التربوية…. الخ).
إلى جانب تناول القضايا السياسية الوطنية كرابطة علماء المسلمين للمؤتمر الإسلامي ومصلحة حزب الشعب الجزائري من جهة، ومن جهة أخرى الاهتمام بمسألة الإدماج والتجنس والدعوة وكل ما يتعلق بها من أساليب السياسة الفرنسية، وهذا ما كلفها التعطيل والمصادرة. وبالخبرة الصحفية التي اكتسبتها صحيفة الشيخ أبو اليقزان فقد ناضلت الأمة لجبهتين، الأول لدعم قضايا الحركة الوطنية والدفاع عنها – موقفا منها – والثانية ضد سياسة الاستعمار الفرنسي في الجزائر وفضح أساليبها والتحذير منها وبحق، تمكنت الجريدة من التعبير عن إرادة الشعب الجزائري، سواء في بدايتها الإصلاحية أو نهايتها السياسية، رغم الاستبداد الاستعماري ومحدودية الموارد المادية.